"ساق البامبو"... كيف نجا من حقل الألغام؟

07 يوليو 2016
سعاد عبد الله في ساق البامبو (تويتر)
+ الخط -
ساق البامبو رواية للكاتب الكويتي، سعود السنعوسي، خلقت ضجة عند إصدارها، توجت بنيلها جائزة البوكر العربية عام 2013. الضجة التي انبعثت عن الرواية في الأوساط الكويتية كانت لأن الكاتب تطرق فيها إلى نقاط حساسة وإشكالية في المجتمع الكويتي.
بعد كل الآراء والخلافات والنقاشات التي حكيت حول الرواية كان لا بد من استغلال ذلك النجاح، فحُوِّلت إلى عمل تلفزيوني كتب السيناريو والحوار له رامي عبد الرزاق، وبإشراف درامي من محفوظ عبد الرحمن، ومعالجة وتحرير وتكويت سعود السنعوسي (التكويت تحويل الحوار إلى اللهجة الكويتية على اعتبار أن رامي عبد الرزاق كتبه باللهجة العامية)، وتصدى لإخراجه محمد القفاص، من بطولة سعاد عبد الله وشجون الهاجري وفاطمة الصفي وفيصل العميري وآخرين.
في قالب درامي طُوِّع ليتناول موضوع البحث عن الهوية وتشظياتها وتداعياتها وآفاقها لشاب كويتي – فيليبيني كان نتيجة زواج بين ثري كويتي (راشد الطاروف) من عاملة منزلية فيليبينية (جوزفين)، وأجبر بعد ولادته على الرحيل مع أمه إلى الفيليبين، ولكن بعدما كبر شجعته أمه على العودة إلى الكويت كي ينال حقوقه، مصورة له أن الكويت هي الجنة المفقودة بالنسبة له، فتمكن من ذلك بمساعدة صديق والده. هنا تبدأ رحلته التائهة في البحث عن هويته ودخوله عالماً جديداً يصعب عليه الاندماج والانخراط فيه، فقد لاقى عدم ترحيب ونفوراً من أسرة والده الثرية، والتي لها مكانتها الاجتماعية، وتخاف العار من كشف حقيقته، فكيف لعائلة الطاروف الثرية أن تتقبل ذلك الدخيل؟ خصوصاً أن الصورة النمطية في أغلب الدول العربية، تعتبر الفيليبيني أدنى مرتبة من العرب، مع ارتفاع منسوب العنصرية، والعنف الذي تتعرض له العاملات الفيليبينيات في أكثر من بلد عربي.
في المسلسل تتضاعف أزمة الشاب العائد إلى الكويت، بوجود سيدة متسلطة على رأس عائلة والده لا ترضى الابتعاد عن العادات والتقاليد السائدة في المجتمع.
نقطة أخرى توقف عندها العمل هي أن عيسى الطاروف القادم من الفيليبين تربى على الديانة المسيحية يرتدي صليبها بين أسرة مسلمة، ومن حوله كلهم مسلمون، فقد عاش صراعاً داخلياً لا يدري فيه إن كان مسيحياً كما تربى أم مسلماً كوالده.

مُنع العمل من التصوير والعرض في الكويت؛ نظراً للإشكالية التي يعتمد عليها النص الدرامي المستقى من الرواية، ولأنه يتناول قضايا حساسة في المجتمع الخليجي، تحديداً أن العمل يطرح قضية شائكة أخرى هي قضية البدون (فئة لا تحمل جنسية أي دولة، وهم يعتبرون أنفسهم كويتيين يجب أن ينالوا حقوق المواطنة كاملة، مع رفض الحكومة ذلك) التي تؤرق المجتمع الكويتي؛ ذلك المنع كان له أثر سلبي في بيئة العمل لأن الأحداث تجري بين الفيليبين والكويت، فاستعيض عنها بدبي، فخفتت مصداقية العمل وضعفت بعد الخروج من بيئته الأساسية؛ كما وقف العمل على بعض الأحداث التاريخية مثل: اختطاف الجابرية والاجتياح العراقي للكويت في خط تأريخي نوعاً ما؛ خط يساير الأحداث الاجتماعية والقصة المحورية للعمل. وأضيفت إلى المسلسل شخصية لم تكن موجودة في الرواية، تلك الشخصية هي نور، ابنة عمته، التي تؤدي دورها الممثلة شجون الهاجري؛ والتي تقع في غرام عيسى الطاروف ابن خالها القادم من الفيليبين.
تتصف الرواية بسلاسة الأسلوب البعيد عن التعمق والتحليل؛ وهو ما أفاد العمل الفني في المسلسل في سرعة الحوار ورشاقته، ولا سيما أن سعود السنعوسي هو من كوّت الحوار؛ فذلك يقوّي موقف الحوار في النص الذي جاء من شخص كتب الرواية وعارف بخباياها. لكنّ الحزن كان مسيطراً على الأجواء واحتل المكانة الأبرز، وتغلب على التشويق الذي يعد عاملاً فاعلاً في سرد الأحداث الروائية، أما في المسلسل فتلك اللوعة والانكسار في روح العمل أكسباه تعاطفاً من الجمهور ودعماً لعيسى الطاروف.

المساهمون