"زي الشمس"... حكايات وشخصيات فائضة عن النّص
في الأيام الأولى من شهر رمضان برز "زي الشمس" كأفضل مسلسل خلال الموسم الدرامي. من ناحية، كان السيناريو جيداً، وعملية تمصير العمل اقتباساً عن المسلسل الإيطالي Sorelle كانت ناجحة بشكل مشابه لما حدث في سنين سابقة مع أعمال مصرية، مثل "غراند أوتيل" و"طريقي" (كلها من إنتاج محمد مشيش). وبالإضافة إلى الكتابة، كان الأداء التمثيلي لـ دينا الشربيني وأحمد السعدني وريهام عبد الغفور لافتاً. تبرهن المخرجة كاملة أبو ذكرى من خلالهم أنها واحدة من أفضل مديري الممثلين في مصر خلال السنوات الأخيرة، ليحمل المسلسل كل ما تريده من عمل جريمة جيد ومسل، قبل أن يتعثر كل شيء بعد ذلك.
الحلقات الأولى كانت تدور حول شخصية نور التي تعود من لندن للبحث في لغز اختفاء (ثم قتل) شقيقتها فريدة. ومع أحداث الحاضر الغامضة، يُكشف أيضاً عن ماضي علاقتهما، وخيانة فريدة لـ نور مع خطيبها عمر ثم زواجهما، والشرخ النفسي الذي خلقه ذلك بينهما حتى النهاية. تلك كانت المرحلة التأسيسية الجيدة، كدراما وتشويق، قبل الهبوط التدريجي في مستوى كل عناصر المسلسل.
من ناحية الكتابة، المسلسل الإيطالي المُقتبس منه يدور في ست حلقات فقط، وحتى مع كون الحلقة الإيطالية تصل إلى ساعة ونصف الساعة من الأحداث، فإن مجمل الحكاية هو قرابة تسع ساعات فقط، ومع اقتباسها في مسلسل مصري بقالب الـ 30 حلقة، يكون الصناع بحاجة إلى 18 ساعة درامية تقريباً، ما يعني ضعف المدة. هنا، تحديداً، يبدأ الإيقاع في الترهّل ويفشل كتاب العمل (بإشراف مريم نعوم ومعالجة درامية لنجلاء الحديني) في خلق أحداث أو شخصيات مثيرة لاستكمال هذا الفارق الزمني، ربما لأن قالب البحث عن قاتِل وحل لغز جريمة والخطوط الدرامية في الحكاية لا تحتمل أبداً هذا المط لضِعف عدد الساعات، لتصبح المشاهد أطول من دون داعٍ، وتتكرّر بعض التفاصيل (كمشاهد عمر مع أبنائه أو ظهور شبح فريدة أو بحث أمها عنها وغيرها) مرات كثيرة من دون أي إضافة. لا مبالغة في أن الحلقات من الثامنة وحتى العشرين يمكن اختصارها في حلقتين أو ثلاث فقط، من دون أن تتأثر دراما العمل بشيء، لأن المعلومات أو الإضافات للحكاية تكاد لا تذكر.
من ناحية أخرى، وفي الكواليس، عانى المسلسل من مشكلة كبرى أثناء تصويره أثرت كثيراً على كل شيء لاحقاً، بعد انسحاب المخرجة كاملة أبو ذكرى التي قامت بعملية التحضير ومتابعة المشروع من بدايته، واستبدالها بالمخرج سامح عبد العزيز الذي كان مطلوباً منه الانتهاء من ثلثي الحلقات أو أكثر في ظرفِ شهرين فقط. وإلى جانب أن قيمة أعمال أبو ذكرى السابقة كمخرجة (مثل "ذات" و"سجن النسا" تحديداً) أعلى كثيراً من عبد العزيز، الذي يميل أكثر لأعمالٍ تجارية النزعة، فإن ضغط الوقت يمنع أي استيعاب للعمل وشخصياته عوضاً عن إخراجه بشكل مقبول. ليظهر تساهل شديد في كل حلقة بعد الأخرى، مع ملاحظة أن التصوير لا يزال مستمراً حتى الآن ولم ينتهِ بعد.
أما ثالث الاجتهادات التي تعثرت مع تتالي الحلقات؛ فهي الأداء التمثيلي، تحديداً الممثلين الذين ظهروا بعد الحلقات الأولى، وبالتالي لم يحضروا في الأصل أوقات التحضير مع أبو ذكرى في البداية؛ مثل أحمد مالك الذي يقدم أداء غريباً في دور سيف؛ غير المتزن والمهووس بـ فريدة، ويتسم أسلوبه بمبالغة غير معتادة منه. كذلك أحمد داود في شخصية فاترة وفائضة
ويمكن حذفها بالكامل من دون أن تتأثر الأحداث وعلى الأغلب انضم إلى المسلسل لأسباب تسويقية وتجارية.
ويمكن حذفها بالكامل من دون أن تتأثر الأحداث وعلى الأغلب انضم إلى المسلسل لأسباب تسويقية وتجارية.
أما البطلة، دينا الشربيني، مع تقدم الأحداث، فظلت تحتفظ بنفس نمط الأداء والانفعالات من دون تغيير ومن دون حساب حجم الموقف الذي تواجهه أو تغير شخصيتها. وإلى جانب مسؤوليتهم الشخصية؛ فإن الأمر أيضاً مرتبط وبشكل واضح بإدارة الممثل وتغير المخرج، وربما كان الاستثناء الوحيد هو أحمد السعدني، ومن بعده ريهام عبد الغفور، حيث ظلا متحفظين بلياقتهما وتميز أدائهما، وهو شيء يرجع للخبرة ربما.
اقــرأ أيضاً
ربما يتحسن مستوى "زي الشمس" مع وصوله إلى الحلقات الأخيرة، إذ قد ستتكشف بعض الحلول وبعض المفاجآت كما الأصل الإيطالي، وبالتالي فإن الإيقاع نفسه سيشتد من جديد، ولكن في المجمل، وكما حدث مع "قابيل"، لم تكن الأحداث تحتمل أبداً كل تلك الساعات الدرامية، لتهبط جميع العناصر إلى فخ التعثر والملل.
المساهمون
المزيد في منوعات