طالبت منظمة "هيومن رايتس ووتش" في بيانها، اليوم الثلاثاء، الحكومة العراقية فتح تحقيق عن عمليات تعذيب نفذتها مليشيات "الحشد الشعبي" ضد رعاة أغنام في أطراف الموصل بعد نهب ممتلكاتهم واعتقالهم.
وأصدرت المنظمة بياناً مفصلاً اليوم نقلت فيه عن شهود عيان، وعن ضحايا من الموصل وأطرافها أن "مليشيا عصائب أهل الحق احتجزت عشرة من رعاة الأغنام، وعذبت خمسة منهم بينهم طفل صغير".
وكشف البيان أن "هؤلاء الرعاة كانوا فارين من قرية "عداية" التي تبعد نحو 35 كليومتراً جنوب غرب الموصل، وأوقفتهم عناصر من مليشيات عصائب أهل الحق عند حاجز نصبته جنوب القرية".
وذكر البيان أن "مليشيات العصائب أطلقت سراح الرعاة بعد تعذيبهم، ونهب ممتلكاتهم البالغة أكثر من 300 رأس غنم، هي كل ما يملكه أهالي القرية من الماشية".
وتضمن البيان تفاصيل عن ضحايا وشهود عيان تعرضوا للتعذيب على يد مليشيا العصائب، مشيراً إلى أن "نحو 500 شخص فروا من القرية نقلوا بسيارات تابعة لأحد فصائل "الحشد"، غير أن الرعاة اضطروا للسير على الأقدام لمرافقة أغنامهم التي كانت معهم، فاعترضتهم مليشيا العصائب".
ولفت إلى أن مسلحي العصائب استجوبوا الرعاة، واتهموهم بالانتماء إلى تنظيم "داعش"، بمن فيهم فتى يبلغ من العمر 15 عاماً، وتعرضوا لهم بالضرب والركل والتعذيب.
ونقل البيان شهادة الفتى الذي أكد أنه تعرض للتعذيب على يد مسلحي مليشيا العصائب بالركل والضرب بالعصي على ظهره ورأسه أكثر من ساعة خلال الاستجواب، بعدما قيدوا يديه إلى الخلف وضربوه وصعقوه بالعصي الكهربائية. وأضاف أن الفتى الذي لم يتم ذكر اسمه قال وهو يبكي: "فعلوا بي أشياء أخرى" دون أن يذكر تفاصيلها.
وأوضح البيان أن "الفتى الذي كان بصحبة الرعاة لم يكن قادراً على المشي بسبب التعذيب الشديد الذي تعرض له على يد أفراد المليشيا، فغطوه ببطانية ونقلوه إلى سيارة أخرى ليتبين بعد ذلك أنه تعرض لكسر في قدمه اليسرى بسبب الضرب".
وأكد استحواذ عناصر مليشيا العصائب على نحو 500 رأس من الأغنام كانت بصحبة هؤلاء الرعاة، ثم نقلوا الرعاة إلى مخيم الجدعة للنازحين الواقع على بعد نحو 65 كيلومتراً جنوب الموصل.
وقالت مديرة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا في المنظمة، لمى الفقيه إن "المدنيين الفارين من "داعش" يتعرضون للخطر، وعلى القوات العراقية حمايتهم بدلاً من نهبهم والاعتداء عليهم".
ووصفت الفقيه عمليات السلب التي يتعرض لها الفارون من "داعش" أمر "لا يغتفر". وطالبت القوات العراقية بضرورة احترام القانون الدولي لحقوق الإنسان، وحظر التعذيب، وسوء المعاملة، والتحقيق في تلك الجرائم المشتبه بها، ومنها جرائم تعذيب وقتل وانتهاكات مختلفة.
ولفت البيان إلى أن العراق أحد الأطراف المشاركة في الاتفاقيات الدولية التي تحظر التعذيب في كافة الظروف، بما في ذلك حالات الطوارئ، وهو ملزم بالتحقيق مع المتورطين ومحاكمتهم كون التعذيب والاعتداء على الكرامة تعتبر من جرائم الحرب.
ويأتي تقرير المنظمة في وقت تستمر فيه موجات النزوح من أطراف الموصل، أمام محاولة القوات العراقية التقدم في عدد من الأحياء الشرقية للمدينة، وسط احتدام المعارك التي دخلت شهرها الثاني.
واضطر مئات الفارين من جحيم المعارك إلى التوجه نحو الحدود العراقية السورية في الصحراء، خشية وقوعهم فريسة بيد مليشيات الحشد الشعبي، وتعرضهم لعمليات تعذيب أو قتل أو انتقام كما حصل لعشرات آخرين بينهم أطفال.
وكان ناشطون وثقوا ونشروا عمليات تعذيب وصفوها "بالوحشية" مارستها مليشيات الحشد الشعبي على أطراف الموصل، وأظهرت إقدام عناصر تلك المليشيات على ضرب المدنيين بمن فيهم الأطفال بمطارق حديدية، وتكسير أطرافهم بالعصي والقضبان المعدنية.
لكن أشد تلك الحالات كانت لطفل لا يتجاوز 12 عاماً هرب من الموصل، ووقع بيد عناصر المليشيات التي عذبته، ثم طرحته أرضاً بعد تقييد يديه، وسحقته بجنازير الدبابة.