"ديوان المظالم الفلسطيني" يكشف عن خلل في عمل لجان الطوارئ لمواجهة كورونا

25 ابريل 2020
حديث عن عدم اتباع إجراءات موحدة بتشكيل اللجان(عصام ريماوي/الأناضول)
+ الخط -
كشفت الهيئة المستقلة لحقوق الإنسان "ديوان المظالم الفلسطيني" عن وجود خلل في عمل لجان الطوارئ التي تعمل في محافظات الضفة الغربية المحتلة، والتي شُكّلت بعد إعلان حالة الطوارئ لمواجهة فيروس كورونا الجديد، في الخامس من الشهر الماضي.
وقالت الهيئة، في ورقة عمل لها بهذا الشأن، الخميس، إنه "استناداً إلى مشاهدات الهيئة وعديد الملاحظات التي وصلتها من مصادر مطلعة حول تشكيل لجان الطوارئ المحلية، فقد تبين أن تشكيل هذه اللجان كان يتم إما من خلال مبادرات اجتماعية من قبل الأهالي، أو من خلال قرارات تنظيمية منسوبة إلى "فتح" في كل منطقة"، لافتة إلى أنه "تشكلت في بعض المناطق لجان الطوارئ من قبل المجالس المحلية، خصوصاً في القرى والبلدات، أما في المدن، فقد غابت المجالس المحلية عن الصورة في أغلب الحالات، وتولى تنظيم "فتح" تشكيل لجان الطوارئ في أحياء معظم المدن وتجمعاتها السكنية".
وتابعت: "كان لنفس التنظيم أيضاً الكلمة العليا في لجان الطوارئ المحلية، حتى تلك التي شكلت من قبل الأهالي أو المجالس المحلية في الأمن والمتطوعين، لا سيما في ظل قلة الموارد البشرية الأمنية وعدم قدرة الأجهزة الرسمية على تغطية جميع المحافظات، كما أقدمت بعض لجان الطوارئ المحلية على إغلاق المحال التجارية والمقاهي في المناطق التي تعمل بها، وتنظيم دخول البضائع وخروجها، إضافة إلى ذلك، تقوم بعض لجان الطوارئ بجمع التبرعات النقدية والعينية من السكان، وتقديمها كمساعدات اجتماعية للفئات المتأثرة من الأزمة في المنطقة التي تعمل بها".
ولفتت إلى أنه يترتب على ممارسة لجان الطوارئ المحلية لسلطات وصلاحيات عامة، مثل إجراءات تقييد الحركة والإغلاقات ومراقبة الالتزام بالحجر الصحي، مساس بالحقوق والحريات الأساسية للمواطنين، وخصوصاً حقهم في الحرية الشخصية، والتنقل، والخصوصية، وذلك من خلال ما تقوم به تلك اللجان من نصب للحواجز وإغلاق للطرقات وتنفيذ ومراقبة الحجر الصحي المنزلي، وفي بعض الحالات استجواب المواطنين عن وجهات وغايات تحركاتهم. وبالتالي، يجب النظر إلى هذه الإجراءات كأنها القرى والبلدات والمخيمات، على حدّ قولها.
وبحسب متابعات الهيئة، فإن لمحافظي المحافظات والأجهزة الأمنية دوراً رئيساً في إدارة لجان الطوارئ وتنظيم عملها بالتنسيق مع تنظيم "فتح"، وذلك من خلال الإشراف على تشكيل هذه اللجان، ومن خلال ما يصدرونه من تعليمات لها.
وشددت الهيئة على أنه لم يتم اتباع إجراءات واحدة وموحدة في تشكيل هذه اللجان، كما لم يتم الاستناد إلى قانون الدفاع المدني والأنظمة الصادرة بموجبه في تأسيسها، ولم يصدر أي تفويض قانوني عام واضح ومعلن للجميع من قبل الجهات المختصة بإنشاء لجان طوارئ محلية، أو تخويلها أياً من السلطات والصلاحيات العامة بحسب ما يتطلبه مبدأ سيادة القانون في هذا المجال، الأمر الذي يعني أن لجان الطوارئ المحلية المشكلة في سياق مواجهة فيروس كورونا، والتي تمارس صلاحيات وسلطات عامة، بحاجة إلى تصويب لوضعها القانوني.

وقالت الهيئة: "إن تشكيل لجان الطوارئ المحلية - كما تبين - لم يتم من خلال الاستناد إلى قواعد وإجراءات موحدة بإطار أو تفويض قانوني يضفي عليها نوعاً من الشرعية القانونية في ظل حالة الطوارئ، بل يظهر من خلال تتبع تشكيل عدد من هذه اللجان، وجود اختلاف في آلية تشكيلها من منطقة لأخرى"، مشيرة إلى أن لجان الطوارئ المحلية تشترك، بالإضافة إلى افتقارها إلى المرجعية القانونية، بغلبة الطابع الحزبي على تشكيلها، بينما الانطباع العام عن هذه اللجان هو أنها حركية، تابعة لتنظيم "فتح"، وغير جامعة لمختلف القوى والفاعليات.
وأكدت الهيئة أن غياب التعددية في بعض اللجان قد يخلق إشكاليات تهدد السلم الأهلي في التجمعات السكانية التي تعمل، مشيرة إلى أن ما ذكر أعلاه لا ينتقص من الجهود الكبيرة التي يبذلها متطوعو هذه اللجان على صعيد دعم الجهود الرسمية في مكافحة الوباء، وعلى صعيد تقديم المساعدة الاجتماعية للفئات المحتاجة، لكن تبقى دولة فلسطين، ممثلة بالحكومة وأجهزتها الرسمية، هي الجهة المسؤولة عن أعمال هذه اللجان، وتتحمل المسؤولية القانونية عن أية مخالفات تقع منها.
ودعت الهيئة إلى تصويب الوضع القانوني للجان الطوارئ المحلية بإعادة تشكيلها وفقاً للتشريعات التي تنظم أعمال التطوع في الدفاع المدني، والمتمثلة في قانون الدفاع المدني رقم (3) لسنة 1998، وقرار وزير الداخلية رقم (1) لسنة 2011 بشأن تنظيم عمل المتطوعين في أعمال الدفاع المدني الفلسطيني.
وشددت الهيئة على ضرورة أن يراعى في تشكيل لجان الطوارئ تمثيل مناسب للمؤسسات الأهلية والتطوعية والأطر المجتمعية، مع مراعاة الكفاءة والنوع الاجتماعي وعدم التمييز، مع إشراك مناسب للهيئات المحلية.
ودعت الهيئة إلى أن يقتصر عمل لجان الطوارئ المحلية على مساعدة الأجهزة الرسمية في مواجهة انتشار فايروس كورونا تحت إشراف كامل من السلطات المختصة؛ الطبية والأمنية، مؤكدة ضرورة منع لجان الطوارئ المحلية أو أحد أعضائها من مباشرة أي إجراءات لا تتعلق بمواجهة انتشار فيروس كورونا، وبالتحديد تلك التي تتعلق بالملاحقة القضائية للمتهمين أو للمشتبه بارتكابهم أفعالاً مجرمة، وذلك تحت طائلة المسؤولية القانونية.

ودعت الهيئة إلى وضع قواعد سلوك موحدة لعمل لجان الطوارئ المحلية، مبنية على أساس مبادئ سيادة القانون واحترام الحقوق والحريات، وقيم النزاهة والشفافية والحيادية، تكون ملزمة وواجبة الاتباع، ويتم إخضاع اللجان لتدريب مكثف عليها، ويمكن الاسترشاد بما ورد في المادة 10 من قرار وزير الداخلية رقم 1 لسنة 2011، التي حددت واجبات وحقوق وامتيازات المتطوعين، وضرورة أن تعلن لجان الطوارئ المحلية لسكان المنطقة عن مصادر تمويلها وقيمته، وأوجه ومعايير صرفه بالتفصيل، بما يحفظ دائماً كرامة الأشخاص وحقهم في الخصوصية وحرمة حياتهم الخاصة، وأن تكون هناك رقابة رسمية، خصوصاً من ديوان الرقابة الإدارية والمالية، على أية مساعدات نقدية تجبيها اللجان.
وشددت الهيئة على ضرورة أن تضع لجان الطوارئ المحلية معايير واضحة ومعلنة لتقديم المساعدات الاجتماعية لسكان المنطقة، وأن يجري توزيعها تحت إشراف وزارة التنمية الاجتماعية ما أمكن، وأنه يجب على الحكومة الفلسطينية إيجاد آلية مستقلة ومحايدة لتلقي شكاوى المواطنين حول أنشطة لجان الطوارئ المحلية، واتخاذ الإجراءات اللازمة لحلّ تلك الشكاوى وفق القانون وبما يضمن تعويض الضحايا، وتمكينهم من الحصول على المساعدة القانونية واللجوء إلى القضاء.
المساهمون