عن سلسلة "عالم المعرفة" صدر حديثاً كتاب "دولة الإرهاب، كيف قامت إسرائيل الحديثة على الإرهاب؟" للكاتب الأميركي توماس سواريز Thomas Suárez، بترجمة محمد عصفور. صدر الكتاب أول مرة عام 2016، ووصف في وقتها بأنه "أول تحليل شامل ومحكم للعنف والإرهاب الذي استخدمته الحركة الصهيونية، وفي ما بعد دولة إسرائيل ضد الشعب الفلسطيني".
يكشف العمل الكيفية التي جرى بها استخدام الإرهاب لتحقيق فكرة الدولة اليهودية في فلسطين، والطريقة الممنهجة التي جرى استعماله بها، وقبول القيادات اليهودية بمقولة أنه إرهاب ضروري لتحقيق الهدف المرجو. فخلال مرحلة "الانتداب" (الاحتلال) البريطاني في فلسطين، كانت الأفعال الإرهابية تمارس بشكل دوري ومنتظم بل إنها كانت عناوين للصحف البريطانية والأميركية في ذلك الوقت، حيث كان يُقتل خلال العمليات بريطانيون إلى جانب الفلسطينيين؛ مدنيين وعسكريين.
يسرد سواريز قصة الإرهاب الصهيوني من خلال العودة إلى وثائق وسجلات بريطانية لم تُنشر من قبل؛ من بينها أوراق سرية، ومراسلات دبلوماسية وتقارير مخابراتية، ليبرهن حقيقة أن الجزء الأكبر لدوام العنف إلى اليوم بلا أي حل هو هذا الإرهاب الممنهج والذي لقي ويلقى الدعم باستمرار، رغم أنه يحصر المعلومات المقدمة في الإرهاب الصهيوني من قتل وخطف وتفجير بين عامي 1940 و1950 والذي استهدف كل من كان ضد أو واجه النوايا الاستيطانية من الحكومة البريطانية أو من الشعب الفلسطيني بل ومن اليهود أنفسهم، حيث يذهب سواريز إلى أن الصهيونية نفسها ليست إلا نوعاً من الشمولية، وحركة ذات طبيعة معادية للسامية في حقيقتها.
حين صدر الكتاب أثار الكثير من ردود الفعل، لكن معظم المراجعات له اعتبرت أنه خرق وكسر لمسار التاريخ وتفسيره وروايته التي يعرفها الغرب عن خلق الكيان الصهيوني، ويكشف ذلك المزيج من الإمبريالية والكولونيالية والعنصرية الذي خرجت من رحمه إسرائيل.
الكتاب مرجع ممتاز لمن أراد أن يفهم الكيفية التي تبنت بها "الوكالة اليهودية" خلال الانتداب البريطاني المجموعات الصهيونية الإرهابية في فترة الأربعينيات، حيث يتضمن وصفاً مفصلاً وبالوثائق للمجازر التي وقعت في القرى الفلسطينية. كما يرى الكاتب أن عمليات القتل الممنهج التي وقعت ضد مسؤولين بريطانيين ومدنيين كانت بهدف دفع بريطانيا الخارجة من الحرب العالمية الثانية منهكة، إلى إنهاء "الانتداب" وإطلاق يد الصهاينة لفعل أي شيء يوصلهم إلى احتلال فلسطين.
كما يورد الكتاب أدلة أخرى على عمليات عنف، وردت في تقارير المخابرات البريطانية عام 1945، يذكر فيها ما يسمّى "رئيس دائرة الهجرة" في "الوكالة اليهودية" أن الأساليب الإرهابية تستخدم لإجبار اليهود في أوروبا على الانتقال إلى فلسطين بعد الحرب العالمية الثانية، ولمنع اليهود في فلسطين من المغادرة.