"دمشق السينمائي" في قسنطينة: من مهرجان إلى ليلة

18 ديسمبر 2015
(من فيلم "موج 98")
+ الخط -
في ختام الدورة الثامنة من "مهرجان وهران للفيلم العربي"، التي نُظّمت في حزيران/ يونيو الماضي، صعدت سلاف فواخرجي إلى المنصّة لإلقاء كلمة باسم ضيوف التظاهرة، وتحدّثت عن اهتمام الجزائر باستضافة "مهرجان دمشق السينمائي"، المتوقّف منذ سنوات بسبب الأزمة السورية.

كانت الممثّلة السورية تكشف حديثاً شخصياً دار بينها وبين مدير مهرجان "وهران"، إبراهيم صدّيقي. ولا شكّ أن "الاستضافة" التي طرحها الأخير كمجرّد فكرة، أصبحت تشكّل ما يُشبه الالتزام، بعد خروجها من دائرة الأحاديث الشخصية إلى الإعلام.

لاحقاً، تناقلت وسائل إعلام محليةٌ خبراً مفاده اعتزام تنظيم دورة استثنائية من المهرجان السينمائي السوري في مدينة قسنطينة، التي تحتضن، منذ نيسان/ أبريل الماضي احتفالية "عاصمة الثقافة العربية".

لكن، ومنذ البداية، كان واضحاً أن تطبيق الفكرة على أرض الواقع ليس أمراً هيناً، بالنظر إلى ما قد يُواجهه من صعوبات تبدأ بالإداري ولا تنتهي بالسياسي. هكذا، تراجع الحديث عنها، وجرى التفكير في إطلاق مهرجان سينمائي جديد في المدينة، اختير أن يكون متخصّصاً في الأفلام العربية المتوّجة بجوائز في المهرجانات السينمائية.

اليوم، تنطلق "الدورة الاستثنائية" من التظاهرة التي تحمل اسم "مهرجان الفيلم العربي المتوّج"، وتستمر حتى 23 من كانون الثاني/ ديسمبر الجاري، بمشاركة عشرة بلدان؛ بينها مصر ولبنان والعراق وتونس والمغرب والأردن والجزائر، إضافةً إلى سورية التي تحضر بأكبر عدد من الضيوف، ويخصّص لها المهرجان احتفالية خاصّة باسم "ليلة دمشق".

يحضر من سورية كلّ من عبّاس النوري وغسّان مسعود وفاديا خطّاب وسلمى المصري وباسل الخطيب، إضافة إلى سلاف فواخرجي التي أصبحت "ضيفاً قارا" في المهرجانات الجزائرية (شاركت أيضاً في مهرجان عنّابة للفيلم المتوسّطي الذي اختتم مؤخّراً)، وتلك واحدةٌ من عيوب المهرجانات الجزائرية، على اختلاف مجالاتها؛ تكرار الأسماء وعدم الانفتاح على مختلف حساسيات البلد الواحد. يُمكن أن نضيف أيضاً أن معظم تلك الأسماء معروفةٌ في الدراما التلفزيونية، أكثر ممّا تُعرف في الفن السابع السوري.

تحضر من تونس سوسن معالج، ومن لبنان مادلين طبر، ومن مصر الممثّلتان بوسي وصفيّة العمري التي يكرّمها المهرجان إلى جانب الممثّلة الجزائرية شافية بوذراع، التي عرفها الجمهور الجزائري في مسلسل "الحريق" المقتبس عن رواية "الدار الكبيرة" لمحمد ديب، والمؤلّف الوسيقي نوبلي فاضل، الذي ظلّ لأشهر طويلة مادة طازجة للصحف المحلية، بسبب معاناته مع المرض وعدم قدرته على تكاليفه، قبل أن يزوره وزير الثقافة إلى بيته، كنوع من إعادة الاعتبار للرجل، تُوّجت بتكريمه.

في ما يتعلّق بالعروض، يشارك في المهرجان 11 فيلماً روائياً طويلاً أُنتجت وفازت بجوائز خلال العام الجاري. بالنسبة إلى مدير التظاهرة، إبراهيم صديقي، فإن ذلك "سيسمح لمحبّي السينما القسنطينيين باكتشاف أفضل الأفلام العربية المتوّجة في مختلف المهرجانات السينمائية الدولية".

الأفلام المشاركة هي: "البئر" لـ لطفي بوشوشي من الجزائر، و"الزيارة" لـ نوفل صاحب الطابع من تونس، و"الفيل الأزرق لـ مروان حامد "بتوقيت القاهرة" لـ أمير رمسيس من مصر، و"تحت رمال بابل" لـ محمد جبارة الدراجي من العراق، و"ذيب" لـ ناجي أبو نوار من الأردن و"جوق العميين" لـ محمد مفتكر من المغرب، و"المهاجران" لـ محمد عبد العزيز من سورية و"موج 98" لـ إيلي داغر من لبنان، و"تومبوكتو" لـ عبد الرحمن سيساكو من موريتانيا.

على هامش التظاهرة، يُنظّم ملتقى حول الرواية والسينما تحت عنوان "التسامح إنتاج مشترك"، يُخصّص لثيمة "السينما والتسامح"، ويشارك فيه كتّاب وباحثون من الجزائر وخارجها.

أهم ما في المهرجان أنه قد يُساهم في إعادة بعث الفن السابع في مدينة غابت عنها العروض السينمائية لأزيد من عشرين عاماً، بسبب تدهور وضع قاعات السينما وإغلاقها. طبعاً، مجرّد إقامة مهرجان في مدينة ما لا يكفي وحده لإنعاش الحركية السينمائية والثقافية فيها، ما لم يُرفق باستراتيجية مستمرّة على مدار أيام السنة (تجربة وهران تؤكّد ذلك).

أمّا الاحتمال الأسوء، فهو أن يكون معنى "الدورة الاستثنائية" هو أن يُنظّم المهرجان هذا العام بمناسبة "عاصمة الثقافة العربية" ثمّ ينتهي الأمر. ليس ذلك مستبعداً، فمدينة تلمسان (غربي الجزائر)، هي الأخرى، هاجرت إليها مختلف المهرجانات والفعاليات الثقافية سنة 2011 بمناسبة احتضانها احتفالية "عاصمة الثقافة الإسلامية"، لكن كلّ شيء انتهى بنهايتها. إذا استثنينا بعض المنشآت التي أُنجزت بالمناسبة، فإن المشهد الثقافي في تلمسان اليوم لا يختلف في شيء عمّا كان عليه قبل 2011.



اقرأ أيضاً: عنّابة السينمائي: "الحَرقة" على استحياء

دلالات
المساهمون