"داعش" ينحسر شرقي سورية... ويتمدد في الريف الحموي

08 ديسمبر 2017
بسط النظام سيطرته على القرى بين البوكمال والميادين(فرانس برس)
+ الخط -

واصل تنظيم "داعش" تراجعه أمام قوات النظام السوري والمليشيات الكردية في ريف دير الزور، شرقي سورية، حيث استخدمت روسيا القاذفات والطائرات الحربية بشكل غير مسبوق ضد التنظيم، الذي تمدد في ريف حماة، وسط البلاد، على حساب فصائل المعارضة، وبمساعدة مباشرة من الطيران الروسي. وأعلنت قوات النظام سيطرتها على كامل مدن وبلدات حوض نهر الفرات في ريف دير الزور الشرقي بعد معارك مع عناصر تنظيم "داعش". ونقلت وكالة "سانا" التابعة للنظام عن مصدر عسكري قوله إن "وحدات الجيش، بالتعاون مع القوات الحليفة، أحكمت سيطرتها على كامل حوض الفرات، وبسطت الأمن والاستقرار في بلدات وقرى الجلاء، وقصور أم سابا، والصفصافة، وعجرجة، وحقل الورد، والصالحية وغيرها، إضافة إلى تأمين طريق دير الزور الميادين والميادين البوكمال".

وقالت مصادر محلية، لـ"العربي الجديد"، إن قوات النظام والمليشيات الموالية لها، مدعومة بـ"الحرس الثوري" الإيراني، ومليشيات "الحشد الشعبي" العراقي، بسطت سيطرتها على القرى والبلدات بين ناحية البوكمال وناحية الميادين في ريف دير الزور الشرقي على الضفة الغربية من نهر الفرات بعد انسحاب عناصر تنظيم "داعش" نحو البادية ومناطق شرق نهر الفرات. يأتي ذلك بعد أن حققت قوات النظام خلال اليومين الماضيين تقدماً سريعاً تمثل بالسيطرة على أكثر من 10 قرى وبلدات في المنطقة، في حين أوضحت المصادر أن التنظيم انسحب من العديد من المواقع من دون مقاومة، ما يرجح نيته شن هجمات معاكسة من خلال مواقع يتمركز فيها في البادية الجنوبية في دير الزور، حيث اعتاد شن مثل هذه الهجمات.

ولا يزال التنظيم يسيطر على نحو 20 قرية على الضفة الشرقية من نهر الفرات، حيث تدور معارك مع مليشيات "قوات سورية الديمقراطية" (قسد) التي تحاول السيطرة على آخر معاقل التنظيم في المحافظة، وسط غارات من الطيران الحربي الروسي على المنطقة. وأكدت "قسد"، في بيان، استمرار "حملة عاصفة الجزيرة" التي بدأتها ضد "داعش" في مناطق شرق الفرات في 9 سبتمبر/ أيلول الماضي، وذلك بالتعاون مع التحالف الدولي. كما ثمنت "دور روسيا وجيشها على ما بذلته من جهود وأعمال قتالية باستهداف مواقع تنظيم داعش ومرتكزاته وتحركاته في مناطق غرب الفرات، ما أدى إلى زعزعة التنظيم وانهياره السريع". وأعلنت أمس، سيطرتها على بلدة غرانيج في ريف دير الزور الشرقي، بينما تتواصل المعارك في محيط بلدتي أبو حمام والكشكية على الضفة الشرقية من نهر الفرات ومحاور أخرى. وتشير خريطة السيطرة على الأرض شرق الفرات إلى أن "قسد" تقف على مشارف بلدة هجين، على بعد نحو 25 كيلومتراً من الحدود السورية – العراقية. ومع هذا التقدم، ينحصر وجود "داعش" شرقي سورية في ثلاثة جيوب، تتوزع بين نقاط سيطرة قوات النظام و"قسد"، أكبرها مساحة يقع بين محافظتي دير الزور والحسكة ضمن نقاط سيطرة المليشيات الكردية، والذي يمتد على مساحة 400 كيلومتر مربع، بدءاً من حدود محافظة الحسكة شمالاً إلى المنطقة الشمالية الشرقية من البوكمال، على طول الحدود السورية مع العراق.


وتتنافى هذه التطورات مع ما أعلنه الجيش الروسي، أمس الخميس، من أنه أنجز مهمته وهزم "داعش" في سورية، ولم تعد هناك مناطق تحت سيطرة التنظيم في البلاد. وقال المسؤول عن إدارة العمليات الرئيسية في رئاسة الأركان الروسية، الجنرال سيرغي رودسكوي: "كانت المرحلة الأخيرة من دحر الإرهابيين مصحوبة بنشر غير مسبوق لسلاح الجو الروسي". وأوضح أن سلاح الجو خلال المرحلة الأخيرة من القضاء على "داعش" في سورية قام بأكثر من 100 طلعة وشن 250 ضربة يومياً، موضحاً أن "القاذفات الروسية نفذت 14 غارة جماعية خلال شهر واحد على مواقع الإرهابيين في سورية، منفذة 84 طلعة جوية". وأضاف أن القوات الروسية المنتشرة في سورية الآن تركز على الحفاظ على اتفاقات وقف إطلاق النار واستئناف مظاهر العيش بسلام.

ومقابل انحساره في شرقي البلاد، نجح "داعش" في التمدد وسط البلاد، وتحديداً في الريف الحموي، على حساب فصائل المعارضة، وذلك بالتزامن مع غارات كثيفة يشنها الطيران الروسي على مواقع المعارضة في المنطقة. وقالت مصادر محلية إن الطائرات الروسية شنت عشرات الغارات الجوية، أمس الخميس، على قرى وبلدات في ريف حلب الجنوبي، بالتزامن مع عمليات النظام العسكرية في المنطقة. وطاولت الغارات كلاً من قرى سيالة، وبرج سبنة، ومربعة بيشة، ورملة، وذلك في إطار دعم محاولة قوات النظام دخول ريف حلب الجنوبي، والوصول إلى مطار أبو الظهور العسكري، شرق إدلب. وقالت مصادر محلية إن القصف الروسي أسفر عن تدمير ثلاث مدارس في قرى بمنطقة جبل الحص، جنوب مدينة حلب.

وفيما تمكن "داعش" من السيطرة على سبع قرى في ريف حماة الشمالي الشرقي بعد هجوم على مواقع "هيئة تحرير الشام" مستغلاً انشغال الأخيرة في قتال قوات النظام السوري على أكثر من جبهة، شنت الطائرات الروسية غارات استهدفت قرى الرهجان وأم ميال وبيوض الواقعة تحت سيطرة فصائل المعارضة في المنطقة نفسها. وقالت مصادر محلية، لـ"العربي الجديد"، إن عناصر "داعش" سيطروا على قرى عنبز ورسم أبو كراسي ورسم الأحمر وأبو حية وأبو هلال ومويلح الصوارنة وأبو عجوة في ريف حماة الشمالي الشرقي، بعد معارك مع "هيئة تحرير الشام"، التي شنت هجوماً معاكساً بهدف استعادة السيطرة على القرى الواقعة في ناحية السعن، والتي كان تقدم التنظيم إليها في وقت سابق، وذلك بعد سيطرته على أكثر من 20 قرية في تلك المنطقة. وبهذا التطور، يوسع تنظيم "داعش" نقاط سيطرته شرقي حماة، لتشمل عشرات القرى، مقلصاً المسافة التي تفصله عن الحدود الإدارية لمحافظة إدلب إلى نحو أربعة كيلومترات.

من جهة أخرى، تعتزم فصائل الجيش الحر فتح معبر إنساني وتجاري يصل بين مناطق سيطرة "درع الفرات" في منطقة الباب، وسيطرة قوات النظام في مدينة حلب. ومن المقرر أن يبدأ العمل بالمعبر غداً، السبت، وذلك بدلاً من الطريق الحالي الذي يصل مناطق المعارضة شمال غربي حلب بنقاط سيطرة المليشيات الكردية في عفرين، وصولاً إلى مناطق النظام في نبل والزهراء. ويعاني الأهالي من الرسوم المرتفعة التي تفرضها تلك المليشيات على العبور إلى مناطق سيطرة النظام، إضافة إلى طول الطريق، بينما تقول المصادر إن الطريق الجديد سيكون مجانياً ومختصراً. وفي جنوب البلاد، نفى "اتحاد قوات جبل الشيخ"، التابع للجيش السوري الحر، أمس الخميس، تقدم قوات النظام السوري إلى تلة شهاب القريبة من قرية مزرعة بيت جن. وذكر المكتب الإعلامي لـ"اتحاد قوات جبل الشيخ" أن قوات النظام تحاول يومياً التقدم على أطراف قرية مزرعة بيت جن وتعتمد في تقدمها على سياسة الأرض المحروقة، لكن "ما أشاعته وسائل إعلام تابعة للنظام عن سيطرة عناصره على تلة شهاب عار من الصحة، وإنما تدور معارك كر وفر بين الجيش الحر وقوات النظام هناك". كما نفى المكتب أي تقدم للنظام نحو بلدة مغر المير وتلة الظهر الأسود، لافتاً إلى أن الاشتباكات تتركز على أطراف تلة بردعيا. إلى ذلك، تحدثت مصادر في الجنوب السوري عن تحركات لعناصر "حزب الله" اللبناني وقوات النظام في ما يعرف بمنطقة "مثلث الموت"، والتي تمثل التقاء ريف درعا الشمالي مع ريف دمشق الغربي وريف القنيطرة الجنوبي. وقالت المصادر إنه يجري استقدام تعزيزات عسكرية من جانب الحزب والنظام للمنطقة، شملت نحو 400 عنصر وأسلحة ثقيلة من راجمات صواريخ ومدافع ميدان ودبابات. وتوقَّعت المصادر أن يشن النظام والمليشيات المساندة له حملة عسكرية للسيطرة على بلدتي الصمدانية الغربية والحميدية.