"داعش" يكبّل الاقتصاد اللبناني

14 سبتمبر 2014
الحدود السورية - العراقية (لؤي بشارة/فرانس برس)
+ الخط -
بعد سيطرة تنظيم "الدولة الاسلامية في العراق والشام" (داعش) على مناطق واسعة في شمالي العراق، بدأت تظهر انعكاسات اقتصادية لتمدد التنظيم، اذ إن تداعيات سيطرة "داعش" على أراضٍ في العراق، لم تقتصر فقط على اداء الاقتصاد العراقي، بل امتدت إلى دول مجاورة أخرى، باتت هي الأخرى رهينة ما يحدث في العراق، وانعكست النزاعات المسلحة في الداخل العراقي على اداء اقتصادها، وبين هذه الدول، لبنان سورية والاردن.
منذ بداية فصل الصيف، وبعد سيطرة "داعش" على شرايين حيوية في الشمال العراقي، خصوصاً الطرق التجارية الاساسية، التي تربط التجارة الدولية بين العراق ودول مجاورة، تأثرت الصادرات اللبنانية بشكل مباشر، وخصوصاً أن التجارة الدولية بين لبنان والعراق شهدت تطوراً في السنوات الماضية.
وقال رئيس جمعية رجال الاعمال اللبنانية - العراقية، عبد الودود نصولي، إن الصادرات اللبنانية الى العراق تأثرت بشكل واضح بسبب الأوضاع الأمنية وانقطاع طرق المواصلات البرية.
وأضاف لـ"العربي الجديد" قائلا: "لقد شهدت التجارة اللبنانية- العراقية، تطوراً هائلاً في السنوات الماضية، في مجالات عديدة، ابرزها في ما يتعلق بالصناعات الغذائية، نظراً لجودة الصناعات الغذائية اللبنانية".
بالاضافة الى ذلك، فإن الصناعات اللبنانية غزت الاسواق العراقية، وشهد التبادل التجاري، وفق نصولي، فورة غير مسبوقة لصالح الميزان التجاري اللبناني. لكن الاحداث الاخيرة، سواء في لبنان او العراق، بدأت تؤثر في حجم هذه الصادرات.
وتابع: "تأثر خط التبادل التجاري بين البلدين، خصوصاً بعد سيطرة داعش على مناطق واسعة في العراق، حيث كانت تمر الشاحنات اللبنانية الى العراق، وبسبب أعمال العنف، توقف معظم هذه الشاحنات، الامر الذي انعكس سلباً على التجار اللبنانيين، ولاسيما تجار الفاكهة، والخضرة، بالاضافة الى الصناعيين، وخصوصاً الصناعات الغذائية".
واعتبر نصولي أن "تغيير طرق الشحن من بيروت الى العراق، عن طريق الجو، أو البحر بدلاً من البر، يعد أمراً مكلفاً للغاية، إذ لا يمكن للتجار اللبنانيين تحمل هذه التكاليف، وبالتالي فإن استمرار انقطاع الطرق البرية سيعرّض الصادرات اللبنانية الى خسائر كبيرة".
وأشار إلى انه "حتى اليوم لم تصدر ارقام واضحة حول حجم الخسائر، الا ان الاستمرار في هذا الوضع سيؤدي الى خسائر كبيرة في الاقتصاد اللبناني".
وقال رئيس نقابة المواد الغذائية والاستهلاكية، عادل أبي شاكر، لـ "العربي الجديد"، إن حركة التصدير والاستيراد الى العراق انخفضت كثيراً، وذلك مع ارتفاع كلفة المخاطر في عملية ادخال البضائع الى الاراضي العراقية.
ولفت الى أن الحركة لم تتوقف تماماً، فـ "الخلافات السياسية لا تنسحب على الاقتصاد والتجارة كما يبدو، اذ لا احد يمس بالمصالح التجارية". وهذا ما يؤكد عليه كذلك رئيس نقابة أصحاب الشاحنات في لبنان شفيق قسيس، حيث أفاد بأن حركة التصدير الى العراق تراجعت حوالي 90% بعد سيطرة "داعش" على الحدود.
ماذا عن الـ 10% المتبقية؟ ما تبقى من شحنات يتم التعاطي معها، بحسب قسيس، بمنطق التهريب الذي يحصل في كل الحروب، إذ يجري تفريغ الشاحنة الآتية من لبنان في شاحنات عراقية لتدخل عبر الحدود، مشدداً على عدم وجود أي منفذ بري يمكن سلوكه نحو العراق. كما شرح أن عدد الشاحنات المصدرة الى العراق انخفض من 250 شاحنة يومياً الى حوالي 7 الى 10 شاحنات أو أكثر بقليل في بعض الأحيان.
وأكد قسيس أن كلفة الشحنات التصديرية ارتفعت نحو الضعف بسبب المخاطر المرتفعة، لافتا إلى أن الشحنات التي أصبحت نادرة جداً هي المواد الغذائية والحديد والسيارات.
أما عن القدرة على عبور الاراضي السورية المحفوفة أيضاً بالمخاطر، فأكد قسيس أن حركة الترانزيت عبر الاراضي السورية عادية برغم الحرب. وفي قراءة سريعة لحجم التبادل التجاري اللبناني- العراقي، يشير تقرير مفصّل صادر عن مصلحة المعلومات الصناعية في وزارة الصناعة اللبنانية، إلى ان قيمة الصادرات الصناعية اللبنانية خلال الفصل الأول من العام 2014، سجلت 738.9 مليون دولار أميركي مقابل 890.5 مليوناً خلال الفترة عينها من العام 2013.
وبلغ مجموع قيمة الواردات من الآلات والمعدات الصناعية خلال الفصل الأول من العام 2014 نحو 70.2 مليون دولار مقابل 75.3 مليوناً خلال الفترة عينها من العام 2013، و65.9 مليوناً خلال الفترة عينها من العام 2012 أي بانخفاض نسبته 6.8 % مقارنة مع العام 2013 وارتفاع نسبته 6.5 % مقارنة مع العام 2012.
واحتلّت صادرات الآلات والأجهزة والمعدات الكهربائية خلال هذا الفصل المرتبة الأولى، إذ بلغت قيمتها 179 مليون دولار، وتصدّر العراق لائحة البلدان المستوردة لهذا المنتج، إذ استورد ما قيمته 38.2 مليون دولار، تليها صادرات منتجات صناعة الأغذية بقيمة 130.9 مليوناً.
وسجّلت الإحصاءات ارتفاعاً ملحوظاً للصادرات من منتجات صناعة الأغذية، التي ارتفعت قيمتها من 102.2 مليون دولار خلال الفصل الأول من العام 2013 إلى 130.9 مليوناً خلال الفصل الأول من العام 2014.
وارتفعت صادرات هذا المنتج إلى العراق والسعودية، والإمارات العربية المتحدة، ما أدى إلى الارتفاع الإجمالي والبالغ حوالى 28.7 مليون دولار. وأوضح التقرير أن المملكة السعودية احتلت قائمة الدول المستوردة للمنتجات الصناعية اللبنانية، حيث بلغت قيمة الصادرات إليها خلال هذا الفصل 96.2 مليون دولار أي ما يوازي 13% من القيمة الإجمالية للصادرات الصناعية، واحتلت الإمارات العربية المتحدة المرتبة الثانية حيث بلغت قيمة الصادرات إليها 80.6 مليوناً، أي ما يوازي 10.9%، يليها العراق حيث بلغت قيمة الصادرات إليه 79.2 مليوناً أي ما يوازي 10.7%.
المساهمون