"داعش" يستعدّ لـ"معركة لبنان"... و"النصرة" تشترط تحرير سجناء إسلاميّين

08 اغسطس 2014
جنود لبنانيون يحرسون موقوفين يشتبه بأنهما متشددين (Getty)
+ الخط -
انتهت جولة أولى من صراع يبدو أنه سيكون مفتوحاً بين الجيش اللبناني والفصائل الإسلامية المتشددة، المتمثلة في "جبهة النصرة" وتنظيم "داعش"، في عرسال عند الحدود اللبنانية ـ السورية. لكن الستائر لم تُسدل تماماً على هذه النهاية، إذ لا يزال عدد من العسكريين اللبنانيين مختطفين لدى "جبهة النصرة". وقد أعلنت "النصرة" في بيان لها، أمس الخميس، عن استمرارها في "أسر" الجنود اللبنانيين، وأنه "سيكون لباقي الأسرى وضع خاص سوف نبيّنه لاحقاً".
وفي المعلومات التي حصل عليها "العربي الجديد" من مصادر واكبت عمل وفد هيئة العلماء المسلمين التفاوضي، فإن "النصرة" تُعدّ لوائح لعدد من الموقوفين والمحكومين الإسلاميين في سجن رومية (أكبر السجون في لبنان)، وستُطالب بإطلاق سراحهم مقابل الإفراج عن الجنود اللبنانيين. هذه المطالبة ستترك الباب مفتوحاً لجهة الصراع مع الجيش اللبناني. أمر يدفع بالعديد من القيادات الإسلامية التي تابعت ملف التفاوض، إلى الدعوة للحذر الشديد في المرحلة المقبلة. فبرأي هؤلاء، فإن أطرافاً من المسلحين الإسلاميين، وخصوصاً "داعش"، سيحاولون خوض حرب عصابات مع الجيش اللبناني بهدف استنزافه. وقد أعلن الوفد المفاوض، أمس الخميس، أن لدى المسلحين لائحة مطالب ستُسلّم للدولة اللبنانية قريباً.

الملفت في الخلاصات التي ظهرت مع نهاية هذه الجولة، شرح "النصرة" في بيانها لما حصل مع الجيش بالقول إنه جرى "بعد أن قامت إحدى الفصائل بضرب حاجز (للجيش) من حواجز عرسال بسبب اعتقال المدعو أحمد جمعة الذي بايع الدولة الإسلامية في القلمون أخيراً، وهي تخضع الآن لمحكمة شرعيّة مشتركة وقد تبرأت الدولة الإسلامية في القلمون من فعلها".
هذا البيان يضع "النصرة" في موقع "الأب الحاضن لإسلاميي القلمون"، وهو الأمر الذي لا يستسيغه "داعش"؛ فمختلف التجارب مع هذا التنظيم في سورية، أثبتت أنه "يتمسكن حتى يتمكّن"، أي يلوذ بالصمت والهدوء إلى حين تقوية عوده، والبطش بخصومه.

وتُشير المعلومات إلى أن "جبهة النصرة" فرضت حلّها على "داعش" في عرسال. وتؤكّد "النصرة"، في بيانها، أنه من المنطلق الشرعي لا يجوز تحويل عرسال إلى ساحة حرب، انطلاقاً من دورها "كرئة" للثورة السورية. لكن هذا الكلام لا يروق "لداعش" أيضاً.

وبحسب المصادر الإسلامية، فإن "داعش" قرّر، بعد هذه المعركة، أن مهمته تكمن في تقوية وجوده في القلمون، وفكّ الحصار عن هذه المناطق الجردية، تمهيداً لخوضه معركة واسعة ومفتوحة مع الجيش اللبناني وحزب الله. وتؤكّد هذه المصادر أن لا معلومات دقيقة لديه عمّا ينوي "داعش" فعله، إلا أن ما وصل إليها يؤكّد أن التنظيم شكّل لجنة من أفضل خبرائه العسكريين لوضع الخطط المناسبة لخوض الحرب مع الجيش اللبناني وحزب الله، ولفكّ الحصار عن القلمون.
لهذه الأسباب، تتخوّف هذه المصادر من عودة التفجيرات، وخصوصاً أن التنظيم "لديه عدد كبير من المنتسبين الأجانب، الذين لا يحتاجون إلى تأشيرات دخول إلى لبنان، ولا يشكّ بهم الجمهور اللبناني عادةً". أمّا الأمر الأخطر، فهو القرار بفكّ الحصار عن القلمون عبر ريف حمص، وخصوصاً أن حمص تتصل جغرافياً بمحافظتي الرقة ودير الزور حيث يوجد الثقل العسكري "لداعش" في سورية. لكن استعداد "داعش" لهذه المعركة، لا يعني حصولها في الأسابيع المقبلة، ولا يعني نجاحها.

يبقى السؤال الأساسي: هل سيجد "داعش" حاضنة شعبية أم لا؟ أثبتت عرسال أنها ليست حاضنة لهذا التنظيم. ولا يبدو، حتى اللحظة، بحسب المعلومات المتوافرة، وجود حاضنة فعلية له. يوجد مؤيدون، ويوجد أفراد مستعدون للعمل مع هذا التنظيم. لكن حقيقة الأمر تدلّ على ارتفاع مستوى الخطاب في الشارع السني الذي يقول: "نحن نُقتل من دون الولاء لداعش، فلتأتِ ونرى ما الذي سيحصل".

الإحباط الذي يعيشه الشارع السني قد يقوده إلى خيارات مجنونة، حاله كحال أي مجموعة طائفيّة تشعر بظلمٍ ولا تقدر على مواجهته. مسؤولية كسر هذا الشعور تقع على عاتق الدولة اللبنانية ومؤسساتها، وعلى المجموعات الطائفية الأخرى في البلد. لكنها مسؤوليّة تقع بالدرجة الأكبر على الرئيس سعد الحريري، الذي ظهر، خلال مؤتمره الصحافي الأخير الذي أعلن فيه دعماً سعودياً للجيش اللبناني بقيمة مليار دولار، كدبلوماسي سعودي، أكثر منه زعيماً لبنانياً. يحتاج الحريري للقيام بدور يختلف كثيراً عن ذلك الذي أدّاه أخيراً، وربما رفض أهل عرسال لمساعدات مُرسلة من قِبله، دليل على ذلك، وصرخات مسؤولي تيار المستقبل في المناطق، دليل آخر.
المساهمون