وتوضح مصادر أمنيّة عراقية متطابقة، أن التنظيم استعاد أجزاء من حي الإسكان، والجمعية، والحوز في محيط المجمّع الحكومي وسط الرمادي، بعد انفجار عشر سيارات مفخخة وانتحاريين بأحزمة ناسفة، عقبه هجوم لمقاتليه أسفر عن مقتل وجرح ما لا يقل عن 60 من قوات الجيش العراقي والعشائر.
ويؤكد عقيد في الجيش لـ"العربي الجديد"، مهاجمة التنظيم 11 ثكنة داخل مركز المدينة وأحرقها بعدما قتل من فيها من الفرقة العاشرة في الجيش، وغادر المكان خلال هجمات متناسقة، أمس السبت. ويضيف العقيد ذاته، أنّ الطيران الدولي عجز عن التدخل بسبب قرب المسافة بين الأطراف (داعش والجيش والعشائر)، خوفاً من إصابة القوات الحليفة له على الأرض.
من جانبه، يقول القيادي العشائري في الرمادي، سلمان العيثاوي لـ"العربي الجديد"، إنّ "تنظيم داعش استغلّ تركيز القوات العراقيّة على بعض مناطق الرمادي وإهمالها لأخرى، وتحرّك مهاجماً بعض المناطق"، مبيّناً أنّ "التنظيم هاجم، أمس السبت، مقرّ الفرقة الأولى (التدخل السريع) شرقي الفلوجة، بسبعة انتحاريين يرتدون أحزمة ناسفة".
ويوضح القيادي ذاته، أنّ "الهجوم أسفر عن مقتل نحو 15 عسكرياً وإصابة 13 آخرين"، مشيراً إلى أنّ "ما حصل أربك صفوف القوات داخل المعسكر". ويضيف العيثاوي، أنّ "التنظيم استبق هذا الهجوم بآخرَين، أحدهما نفّذه على مقرّ عسكري في منطقة الثرثار شمالي الرمادي، والآخر استهدف خطوط صدّ العشائر غربي حديثة"، مبيّناً أنّ "هناك معارك مستمرة ضدّ داعش شرقي الرمادي، في مناطق السجارية والصوفية. ويقاتل التنظيم بشراسة، وتمكّن من وقف تقدّم القوات العراقيّة". ويشير إلى أنّ "الهجمات أثبتت قدرة داعش على مباغتة القوات العراقيّة، وفتح جبهات عدّة في وقت واحد، الأمر الذي تسبّب بضعف جديد في معنويات القوات العراقية، الأمر الذي قد يؤثّر على سير المعارك لاحقاً".
اقرأ أيضاً: "داعش" يهاجم شمالي الرمادي بـ10 سيارات مفخخة
من جهته، يحمّل السياسي المستقل عن المحافظة، الشيخ غانم العيفان، الحكومة "مسؤوليّة الخلل الأمني في المحافظة والتحركات الجديدة لداعش". ويقول العيفان لـ"العربي الجديد"، إنّ "التنسيق الحكومي مع التحالف الدولي ضعيف جداً هذه الفترة، الأمر الذي أثّر سلباً على دور التحالف في صدّ الهجمات"، موضحاً أنّ "التصريحات الحكوميّة السلبيّة تجاه التحالف تسبّبت بضعف التنسيق". ويلفت السياسي، إلى أنّ "داعش أراد من خلال تحركاته أن يبعث رسالة إلى القوات العراقيّة وحلفائها، يثبت من خلالها أنّه موجود ولا يزال قويّاً، ويستطيع أن يشن هجماته ويستعيد زمام المبادرة في الأنبار".
ويؤكد العيفان، أنّ "التحركات الأخيرة على الرغم من خطورتها، لا تعدو كونها نشاطاً معنوياً، مضيفاً أنّ "داعش يحاول فتح جبهات جديدة، لتخفيف زخم تقدّم القوات العراقيّة. وضرب التنظيم المحور الشمالي للرمادي، محاولاً فكّ الطوق الذي تفرضه القوات العراقيّة على قيادة داعش شمال الرمادي". ويحذّر السياسي ذاته، القوات العراقيّة من "خطورة الغفلة عن تحركات داعش"، داعياً إلى "أخذ الاحتياطات اللازمة لإحباط أيّ تحرّك للتنظيم".
بدوره، يؤكّد الخبير الأمني واثق العبيدي، أنّ "داعش يعاود نشاطه من جديد في العديد من مناطق الأنبار، الأمر الذي قد يضعف من معنويات القوات العراقيّة، ويمنح التنظيم فرصة استعادة المناطق التي تم تحريرها، ليغيّر موازين الأمور من جديد في المحافظة".
ويقول العبيدي لـ"العربي الجديد"، إنّ "تحركات داعش الجديدة تتطلّب من القوات العراقيّة إعادة النظر باستراتيجيتها القتاليّة في المحافظة، وتحديث الخطط الموضوعة بناءً على هذه المعطيات الجديدة"، مؤكّداً أنّ "داعش تنظيم لا يستهان به، ولديه قدرات كبيرة في معارك الكرّ والفرّ. وفي حال استمر التنظيم في تنفيذ هذه المعارك، فإنّه خلال شهر واحد على أبعد تقدير، سينهك القوات العراقيّة، ويحوّلها من قوات مهاجمة إلى مدافعة". ويحذّر، من "عدم تدارك الموقف وتبسيط الأمور وعدم التحرّك على مواقع داعش في المناطق التي يتحرّك منها"، مؤكّدا على "أهمية وضع خطة متكاملة لمسك الأرض من قبل أبنائها، ومنح الفرصة للقوات المقاتلة بالتحرّك على الجبهات الأخرى لإجهاض تحركات داعش".
واستطاعت القوات العراقيّة المدعومة بالعشائر، والمسنودة بطيران التحالف الدولي، في 29 ديسمبر/كانون الأوّل 2015، تحرير المجمّع الحكومي وسط المدينة، فيما انسحب تنظيم "داعش" من أغلب مناطقها. واستبقت قيادة العمليات المشتركة الأحداث، لتعلن "تحرير الرمادي" بشكل كامل.
اقرأ أيضاً تحرير الرمادي: تسونامي مرعب يطمس معالم المدينة