"داعش" يحاصر أكبر مطارات الأسد ويتراجع في الباب

22 ديسمبر 2016
تتقدّم "قوات درع الفرات" بقوة شمالاً (حسين نصير/الأناضول)
+ الخط -
بعد الخسائر المتلاحقة التي تعرّض لها في سورية والعراق، سعى تنظيم "الدولة الإسلامية" (داعش) إلى الخروج من مأزقه، عبر إطباقه الحصار من ثلاث جهات على مطار التيفور شرقي حمص، الذي يعد من أكبر المطارات التابعة لجيش النظام السوري، في الوقت الذي بات فيه على وشك خسارة آخر معاقله في ريف حلب الشمالي الشرقي، وبدأ بالتراجع أمام "قوات سورية الديمقراطية"، التي تشكّل مليشيا الوحدات الكردية ثقلها الرئيسي في ريف الرقة الشمالي الغربي.

وقد وضع "داعش" جانباً كبيراً من ثقله العسكري في سورية للسيطرة على مطار التيفور العسكري (نحو 90 كيلومتراً شرقي حمص) الذي يعد من أهم مطارات النظام، وذلك إثر انتزاعه السيطرة مرة أخرى على مدينة تدمر من قوات النظام في 11 ديسمبر/كانون الأول الحالي. وبات عناصر التنظيم على أسوار المطار الشرقية مع استمرار المعارك، وسط قصف جوي من الطيران الروسي، مستهدفاً مواقع التنظيم في محيط المطار وفي حقول للغاز سيطر عليها، يوم الجمعة، منها: المهر، وحيان، وحجار، وجزل.



واعترفت وسائل إعلام تابعة للنظام، مساء الإثنين، بمقتل طيارين اثنين بسقوط مروحية، أكد التنظيم أنه كان وراء سقوطها فوق مطار التيفور، وهما: اللواء الطيار خضر الحسن، والمقدم الطيار عباس يعقوب. وذكرت وكالة "أعماق" الإعلامية المتحدثة باسم "داعش"، أن "المطار أضحى بين فكي كماشة، تطوقه من جهات الشرق، والشمال والجنوب. وأن عناصر داعش يبتعدون عن المطار بمسافات تتفاوت بين 2 إلى 5 كيلومترات". وكشفت أنه "تمّ تدمير ثلاث طائرات حربية كانت رابضة على أرضه منذ أيام". ولم يبق لقوات النظام المدافعة عن المطار سوى طريق إمداد وحيد من الجهة الغربية باتجاه بلدة الفرقلس القريبة من المطار.

في هذا السياق، نوّه مركز حمص الإعلامي إلى أنه "وصلت إلى المطار ومحيطه، تعزيزات لقوات النظام في مسعى لصدّ هجوم التنظيم الذي كان استغل تركيز النظام، وحلفائه جهدهم العسكري في مدينة حلب، فعاد ثانية إلى تدمر، ومنها بدأ زحفاً في ريف حمص الشرقي حتى تخوم المطار الذي يبعد نحو 40 كيلومتراً غربي تدمر".

بدوره أوضح المحلل العسكري، العقيد الطيار مصطفى بكور، أن "مطار التيفور يعتبر أكبر مطارات سورية"، مشيراً في حديث مع "العربي الجديد" إلى أن "هذا المطار "يكتسب أهميته من موقعه الجغرافي المتحكم بطريق حمص ـ تدمر، والقريتين ـ تدمر، باعتباره من أكبر نقاط تجميع المليشيات الطائفية متعددة الجنسيات، تحديداً الإيرانية".

وأشار بكور المنشق عن سلاح الطيران في جيش النظام أن "المطار يحتوي سربين من المقاتلات القاذفة، واحد سوخوي 22 والآخر سوخوي 24، ويضمّ عدداً من الحوامات القتالية من طراز مي 25، التي تُستخدم لإسقاط البراميل المتفجرة على المدنيين". وأوضح أن "المطار يحتوي أيضاً حوامات روسية الصنع مي 28 المضادة للدروع وكذلك الحوامات من طراز مي 17 التي تستخدم للنقل، إضافة الى الطائرات من طراز لام 39 التدريبية القتالية التي يقتصر استخدامها على الطيران الليلي بسبب سرعتها القليلة مقارنة بالطائرات القتالية الأخرى. الأمر الذي يفرض وجود عدد كبير من الطيارين لقيادة كل هذه الطائرات".



ولفت بكور إلى أن "سقوط مطار التيفور بيد داعش سيفقد الروس والإيرانيين، قاعدة عسكرية مهمة كانت تضم الآلاف منهم، ويجعل العبء الأكبر يتركز على مطار الشعيرات، الواقع غربي مطار التيفور بنحو 67 كيلومتراً". ورأى أن "حمص ثالث كبرى المدن السورية، الواقعة وسط البلاد، هي من ضمن أهداف داعش، لكنها تعتبر الهدف الأصعب". وكانت قوات النظام، وحزب الله فرضت سيطرة شبه كاملة على حمص في منتصف عام 2014، عقب خروج قوات المعارضة التي كانت متمركزة في الأحياء القديمة بعد حصار طويل امتد لأكثر من عام ونصف العام، ولم يبق للمعارضة داخل المدينة إلا حي الوعر المحاصر والذي يسعى النظام إلى تهجير سكانه.

بموازاة ذلك، بات "داعش" على وشك خسارة مدينة الباب، أهم وآخر معاقله في ريف حلب الشمالي الشرقي، بعد تحقيق قوات المعارضة المشاركة في عملية "درع الفرات" المدعومة من الجيش التركي، أمس الأربعاء، اختراقاً مهماً، إثر سيطرتها على جبل الشيخ عقيل المطل على مدينة الباب، وعلى مستشفى المدينة الذي كان يُعدّ أهم مقرات التنظيم في المدينة، وعلى السكن الشبابي، وطريق الباب ــ حلب في غربي المدينة إثر معارك كر وفر.

في هذا السياق، ذكر الصحافي، عدنان الحسين، المواكب للعملية لـ "العربي الجديد"، أن "قوات المعارضة وقوات تركية باتت في داخل المدينة"، منوّهاً إلى أنها "تُواجه بمقاومة عنيفة من مقاتلي التنظيم"، موضحاً إلى أن "الأخير يتصدى بالمفخخات، والانغماسيين، وهو ما عرقل عمليات السيطرة على المدينة الاستراتيجية".

واعترف الجيش التركي، أمس، بمقتل وإصابة جنود أتراك بمفخخة من تنظيم الدولة ضربت القوات التي سيطرت على الجبل. ونقلت وكالة "الأناضول" عن الجيش التركي تأكيده مقتل أربعة جنود وإصابة 11 آخرين، وإصابة أحدهم حرجة، وذلك "أثناء دعمهم قوات الجيش السوري الحر، خلال عمليات ضد إرهابيين في مدينة الباب والمناطق المجاورة لها"، وفق بيان الجيش. كما أعلن الجيش التركي عن مقتل أكثر من 40 مسلحاً من "داعش"، وتدمير 24 هدفاً تابعاً له في غارات جوية شنها سلاح الجو التركي.



من جهته، أشار القيادي في اللواء 51 التابع للجيش السوري الحر، المشارك في "درع الفرات" المقدم أمين دناور أبو رشيد، في حديثٍ لـ"العربي الجديد"، إلى أن "كثرة الأنفاق المحفورة من التنظيم حول المدينة حالت دون السيطرة عليها حتى الآن". واتهمت القيادة العامة لمدينة الباب وريفها التابعة للمعارضة "داعش" بنقل مقراته إلى "جوار المدنيين"، ما تسبب بمقتل عدد منهم "من دون قصد"، مطالباً الأهالي بالابتعاد عن مقرات التنظيم، أو الخروج من المدينة حتى تنتهي العمليات العسكرية، وفق بيان نشر على وسائل التواصل يوم الثلاثاء.

من ناحيته، أفاد قائد ميداني مشارك في "درع الفرات"، أن "التداخلات الدولية تؤدي دوراً في تأخير الحسم العسكري لصالح المعارضة في مدينة الباب"، مضيفاً في حديثٍ لـ "العربي الجديد"، أن "التفاهمات هي من ترسم الخرائط، والنظام، وقوى الشر، وأصحاب العقول العفنة لن تهزم إرادة شعب". وكانت قوات المعارضة السورية فرضت حصاراً على مدينة الباب من ثلاث جهات مطلع الشهر الحالي، إلا أنها فشلت في اقتحام المدينة أكثر من مرة بسبب المقاومة الكبيرة التي يبديها مسلّحو داعش الذين يسيطرون على المدينة منذ نحو عامين ونصف العام".

وفي شرقي نهر الفرات، واصلت "قوات سورية الديمقراطية" تحقيق تقدم على حساب "داعش" في شمال غربي مدينة الرقة، في إطار المرحلة الثانية من عملية "غضب الفرات" العسكرية الهادفة إلى عزل مدينة الرقة أكبر معاقل "داعش" في سورية.

وأفاد ناشطون محليون أن "قوات سورية الديمقراطية" سيطرت، أمس الأربعاء، على قرية جعبر في ريف الرقة الشمالي الغربي، إثر سيطرتها، الإثنين، على قرى عدة أخرى. وأعلنت غرفة عمليات "غضب الفرات" يوم الثلاثاء، سيطرتها على 97 قرية في ريف الرقة الشمالي الغربي، مشيرة إلى "مقتل نحو 96 عنصراً من داعش خلال المعارك بعد عشرة أيام من بدء المرحلة الثانية من العملية".

وتفصل "قوات سورية الديمقراطية" عن مدينة الطبقة الاستراتيجية (50 كيلومتراً غربي الرقة)، نحو 20 كيلومتراً، ومن المتوقع اندلاع معارك كبرى حولها، كونها تضمّ سدّ الفرات، أكبر السدود المائية في سورية، الذي يحتجز خلفه بحيرة بطول نحو 80 كيلومتراً، وعرض بنحو ثمانية كيلومترات. وقام التحالف الدولي بقيادة الولايات المتحدة، الثلاثاء، بقصف أحياء داخل مدينة الطبقة، ما أدى الى مقتل، وإصابة مدنيين، كما دمّر في الأيام القليلة الفائتة ما تبقّى من جسور كانت مقامة على نهر الفرات، وعلى قنوات ري في ريفي الرقة الغربي، والشمالي الغربي في مسعى لقطع خطوط إمداد محتملة لـ"داعش"، ولكن مصادر محلية أشارت إلى أن هذه الجسور كانت تخدم المدنيين، ولا اعتماد للتنظيم عليها.