وكان الفيديو بمثابة صدمة للمصريين... حيث فاجأتهم وحشيّة التعامل مع جنود الجيش المصري وبعض عناصر الشرطة في سيناء. وقد تباينت ردود فعل المصريين على "صولة الأنصار" وسادت حالة من الخوف لما ظهر في المقطع من قتل وسفك دماء للجنود المصريين دون أدنى مقاومة وبدم بارد... ما طرح أسئلةً حول تعمّد بيت المقدس إخراج الفيديو بهذا الشكل الذي لا يظهر أي مقاومة، وإن كان جزءاً من طريقتهم لبث الرعب في القلوب، وحول نجاح التنظيم في ذلك.
تؤكّد العميدة السابقة لكلية الإعلام في جامعة القاهرة، الدكتورة ماجي الحلواني، أنّ "داعش أو أنصار بيت المقدس دائماً تتعمد إظهار بربريتها وهمجيتها لبثّ الرعب في نفوس المشاهد، في سياسة ثابتة وواضحة تسير عليها دائماً". وتضيف: "يُنفّذ أفراد التنظيم عمليات القتل لمجموعات كبيرة لإظهار قوة التنظيم وسيطرته على أي معركة يدخل فيها".
وتقول الحلواني، في حديث لـ"العربي الجديد": "في الفيديو الأخير الخاص بسيناء، تعمد "داعش" إظهار سيطرته على معسكر كرم القواديس دون مقاومة، كما ركّز على مشهد هروب الدبابة في إشارة لإظهار رعب كل من يقابلهم في أرض المعركة، دون وجود مادةٍ فيلميّة واضحة لتفاصيل المعركة منذ دخولهم المعسكر وحتى لحظة هروب الدبابة وسيطرتهم على المكان".
يعتمد "داعش" أسلوباً شديد الحداثة من حيث الأدوات المستخدمة في تصوير الأفلام، ما وضّحه تحليل نشره مراسل قناة "أون تي في" المصرية محمد شهاب، على حسابه على "فيسبوك"، عندما قارن بين فيديو "داعش"، وفيديو الجيش المصري. وقال شهاب: "الاتنين كان فيهم استعراض قوة، داعش بتستخدم أسلوب جديد وبتطور من طرق التصوير، فيديو الجيش ميفرقش عن فيديوهات الجيش من الستينات متغيرتش".
وأضاف: "فيديو الجيش اكتر من 60% كان تمثيلاً لاستعراض القوة، فيديو داعش فوق 90% مشاهد لعمليات حقيقة مش تمثيل". وقال شهاب: "فيديو الجيش معظمه بكاميرا واحدة، فيديو داعش كانت بتستخدم حوالي 4 كاميرات وبزوايا مختلفة غير الـGoPro فوق السلاح، كواليتي تصوير فيديو الجيش DV PAL ومونتاج أي كلام أي مونتير لسه بيتعلم ممكن يعمله، فيديو داعش FULL HD و4K بكاميرات GoPro ومونتاج احترافي وإخراج عالٍ وجرافيك عالٍ، فيديو الجيش بمايك سلك من راديو شاك بحوالي 185 جنيه، فيديو داعش بمايك وايرلس ممكن سعره يوصل من الف لـ7 الاف جنية".
وعلى جانب آخر، رجح الخبير العسكري، اللواء محمود زاهر، في حديث لـ"العربي الجديد" "فبركة بعض أجزاء الفيديو الذي بثته داعش، حيث بدأ تصوير موقع عملية كرم القواديس من مسافة بعيدة حوالي من 2 كيلو لـ3 كيلو وبواسطة كاميرة فوتو سنايبر، ثم تبعها مشهد لعناصر التنظيم تدخل الموقع دون مقاومة"، سائلاً "كيف لهذا أن يحدث عقب تفجير لموقع عسكري يمتلئ بالجنود، ومن المفترض أن يكون هناك زخم وحركة بعد الانفجار مباشرة؟"، مشيراً إلى أنً "ذلك عكس الفيديو، الذي ظهر فيه عناصر التنظيم يصولون ويجولون في الموقع دون أي مواجهات، مع ترديد عبارات التكبير".
وقال: "هذا كلّه مفبرك وأضيف للمقطع وليس ضمن العملية الحقيقية، وتم التصوير في موقع آخر وليس بكرم القواديس، كما أن المونتاج المتكرر في أغلب مقاطع الفيديو يجعلنا نطعن في صحة أغلب العمليات التي تمّت كما شاهدنا".
وتابع زاهر أن الهدف من الفيديو إعلان سيطرة أنصار بيت المقدس على سيناء بالكامل ومبايعتها لداعش عملياً لاستقطاب العقول الضعيفة ولتوجيه نظر المزيد من الجهاديين للتوجه إلى سيناء والانضمام للتنظيم ولإشاعة الرعب في المصريين.
فيديو الشؤون المعنوية الذي نشر في معرض ردّه على أنصار بيت المقدس أثار ردود فعل كثيرة على وسائل التواصل الاجتماعي، ولعل التعليق الأبرز كان على مقاطع الفيديو التي تُصوّر جانباً من الغارات الجوية، التي قال إنها شنت على معاقل "الإرهابيين" في سيناء.
ودلّل الجيش المصري على صدقية ما عرضه عبر خارطة، كشف مستخدمون على وسائل التواصل الاجتماعي أنّها ليست في الأراضي المصريّة، لكنها في الأراضي الليبية.