المقالات والحوارات المجموعة في كتابٍ واحد، بعنوان "حياة سينما" ("غاليمار"، 2019)، تعكس شيئاً من سيرة كاتبها الفرنسي، ميشال سيمان. أحد كبار النقّاد السينمائيين، يستعيد بعض ماضٍ له، يتمثّل بأرشيف يحتوي على أقوالٍ تستدعيها قراءة فصولٍ من تاريخ السينما في مراحل مختلفة، سيكون سيمان أحد أبرز شهودها. متابعة كتاباته الشهرية في "بوزيتيف" تُثير متعةً تنبثق من مصادر عدّة: سلاسة لغة، وبساطة أسلوب، وعمق تحليل، وتكثيف قول، وتمكّن ثقافي من تحويل النصّ إلى مرآة زمنٍ وحالة، ومن جعل الحوار انعكاساً سجالياً لآليات اشتغال وتفاصيل تأمّلات.
بلغة مبسّطة، يكتب ميشال سيمان تحقيقاته وشهاداته، ويطرح أسئلته، ويُساجل سينمائيين في أفكارٍ وتأمّلات، كما في آليات اشتغال، وفي علاقاتٍ ومواقف. تحقيقاته رحلات في جغرافيات السينما وتاريخها، وفي منعطفاتها وفصولها وارتباطاتها براهنٍ يتحوّل أو يستمرّ، وبماضٍ محمِّل بثقل فني وثقافي مفتوح على السياسة والاجتماع والاقتصاد. مواضيعه، المنشورة في "حياة سينما"، تُقرأ اليوم بشكلٍ يختلف عن قراءتها لحظة نشرها، في سبعينيات القرن الـ20 وثمانينياته وتسعينياته، وصولاً إلى بدايات القرن الـ21، خصوصاً بالنسبة إلى قارئ يطّلع عليها "الآن هنا": قراءة نصٍ عن تجوّلٍ في بقاع مختلفة داخل الاتحاد السوفييتي مثلاً، مطلع السبعينيات المنصرمة، تعكس مفرداتٍ تُناقض الحزم السلطوي، لكونها معنيّة باشتغالات سينمائية، غير متحرّرة كلّياً من التداخل المعقّد بين السياسة والثقافة والإنتاج، ومفهوم السلطة عن السينما. تنقيبه في "الكوميديا على الطريقة الإيطالية" مدخلٌ إلى حقبةٍ تُعتبر نواة محطات عديدة في السيرة التاريخية للسينما الإيطالية، بجوانبها ومعتقداتها وأساليبها ومناخاتها المختلفة.
الحوار مع ميشال سيمان متعةٌ، إذْ يُحوّل الأسئلة إلى مداخل تُعين المهتمّ على اختراق العوالم التي يصنعها هذا السينمائيّ أو ذاك الكاتب. ففي فصل "لقاءات"، هناك 3 كتّابٍ فائزين بـ"جائزة نوبل للآداب"، يتحدّثون عن السينما: هارولد بينتر وماريو فارغاس يوسا وإيمري كيرتش. معهم، تخرج السينما من حدّة تقنياتها إلى المساحة الأكبر للتأمّل بمعاني الصُور ومفاهيم الاقتباس والانفعال الذاتي إزاء رواية تُصبح فيلماً. هذا جزءٌ من فصلٍ يُتيح لقارئ "حياة سينما" فرصة التمتّع بحوار من جزأين مع سيرج غاينسبور، وبحوارين آخرين مع جانّ مورّو وجان ـ لوي ترنتينيان.
اقــرأ أيضاً
"دائماً كنتُ أشعر بشغفٍ حقيقي للحوارات، التي خصّصت كتباً عديدة لي بها، أو جزءاً من كتب أخرى"، يكتب ميشال سيمان في مقدّمة كتابه هذا (ص. 17)، مشيراً إلى أنّ لديه تسجيلاتٍ لأكثر من ألف لقاء له مع سينمائيين، أثناء تقديمه برنامجاً يُعدّه لـ"فرانس كولتور" بين عامي 1990 و2016، بعنوان "عرض خاص". أما التحقيقات، فمتاحة في سبعينيات القرن الـ20، لأنّ الرغبة ملحّة في التواصل مع سينمات تبدو، حينها، بعيدة جغرافياً وثقافياً.
"حياة سينما" ممتع لتنوّع خياراته، فميشال سيمان عاملٌ في الصحافة والنقد السينمائيين منذ أواخر خمسينيات القرن الـ20، هو المولود في باريس، في 26 مايو/ أيار 1938. عملٌ يتنقّل معه بين الإذاعة والصحافة المكتوبة، وصولاً إلى التدريس الجامعي، وإنْ لمادة "الحضارة الأميركية".
"حياة سينما" كتابٌ يُقرأ بمتعةٍ، ففيه انعكاس لشغف السينما والحياة معاً.
بلغة مبسّطة، يكتب ميشال سيمان تحقيقاته وشهاداته، ويطرح أسئلته، ويُساجل سينمائيين في أفكارٍ وتأمّلات، كما في آليات اشتغال، وفي علاقاتٍ ومواقف. تحقيقاته رحلات في جغرافيات السينما وتاريخها، وفي منعطفاتها وفصولها وارتباطاتها براهنٍ يتحوّل أو يستمرّ، وبماضٍ محمِّل بثقل فني وثقافي مفتوح على السياسة والاجتماع والاقتصاد. مواضيعه، المنشورة في "حياة سينما"، تُقرأ اليوم بشكلٍ يختلف عن قراءتها لحظة نشرها، في سبعينيات القرن الـ20 وثمانينياته وتسعينياته، وصولاً إلى بدايات القرن الـ21، خصوصاً بالنسبة إلى قارئ يطّلع عليها "الآن هنا": قراءة نصٍ عن تجوّلٍ في بقاع مختلفة داخل الاتحاد السوفييتي مثلاً، مطلع السبعينيات المنصرمة، تعكس مفرداتٍ تُناقض الحزم السلطوي، لكونها معنيّة باشتغالات سينمائية، غير متحرّرة كلّياً من التداخل المعقّد بين السياسة والثقافة والإنتاج، ومفهوم السلطة عن السينما. تنقيبه في "الكوميديا على الطريقة الإيطالية" مدخلٌ إلى حقبةٍ تُعتبر نواة محطات عديدة في السيرة التاريخية للسينما الإيطالية، بجوانبها ومعتقداتها وأساليبها ومناخاتها المختلفة.
الحوار مع ميشال سيمان متعةٌ، إذْ يُحوّل الأسئلة إلى مداخل تُعين المهتمّ على اختراق العوالم التي يصنعها هذا السينمائيّ أو ذاك الكاتب. ففي فصل "لقاءات"، هناك 3 كتّابٍ فائزين بـ"جائزة نوبل للآداب"، يتحدّثون عن السينما: هارولد بينتر وماريو فارغاس يوسا وإيمري كيرتش. معهم، تخرج السينما من حدّة تقنياتها إلى المساحة الأكبر للتأمّل بمعاني الصُور ومفاهيم الاقتباس والانفعال الذاتي إزاء رواية تُصبح فيلماً. هذا جزءٌ من فصلٍ يُتيح لقارئ "حياة سينما" فرصة التمتّع بحوار من جزأين مع سيرج غاينسبور، وبحوارين آخرين مع جانّ مورّو وجان ـ لوي ترنتينيان.
"دائماً كنتُ أشعر بشغفٍ حقيقي للحوارات، التي خصّصت كتباً عديدة لي بها، أو جزءاً من كتب أخرى"، يكتب ميشال سيمان في مقدّمة كتابه هذا (ص. 17)، مشيراً إلى أنّ لديه تسجيلاتٍ لأكثر من ألف لقاء له مع سينمائيين، أثناء تقديمه برنامجاً يُعدّه لـ"فرانس كولتور" بين عامي 1990 و2016، بعنوان "عرض خاص". أما التحقيقات، فمتاحة في سبعينيات القرن الـ20، لأنّ الرغبة ملحّة في التواصل مع سينمات تبدو، حينها، بعيدة جغرافياً وثقافياً.
"حياة سينما" ممتع لتنوّع خياراته، فميشال سيمان عاملٌ في الصحافة والنقد السينمائيين منذ أواخر خمسينيات القرن الـ20، هو المولود في باريس، في 26 مايو/ أيار 1938. عملٌ يتنقّل معه بين الإذاعة والصحافة المكتوبة، وصولاً إلى التدريس الجامعي، وإنْ لمادة "الحضارة الأميركية".
"حياة سينما" كتابٌ يُقرأ بمتعةٍ، ففيه انعكاس لشغف السينما والحياة معاً.