أوحت الاتفاقات المبرمة مؤخراً بين روسيا ونظام الأسد من جهة والفصائل الثورية من جهة أخرى في 4 مناطق أساسية خاضعة لسيطرة الأخيرة وتقضي بوقف لإطلاق النار، في إطار ما سمي خفض التصعيد، إلى العديد من اللاجئين والنازحين السوريين وحتى بعض المقاتلين في صفوف المعارضة بأن طريق عودتهم إلى منازلهم وديارهم التي هجروا منها قسراً بات آمناً، لا سيما في ضوء إقدامهم على هذه الخطوة بعد تطمينات حصلوا عليها من طرف النظام أو بالتنسيق معه، لكن سرعان ما تبددت أحلامهم وواجهوا مصيراً مأساوياً، وبعضهم وجد نفسه في المعتقل، فيما خرج بعضهم من هناك ولكن جثة هامدة بعدما عاش تجربة تعذيب مميتة.
وأحدث ما سجلته حسابات النشطاء ووثقته المراكز الإعلامية السورية المعارضة، إقدام النظام السوري في أواخر أغسطس/ آب الماضي على اعتقال عدد من أبناء بلدة “معضمية القلمون” في ريف دمشق، ممن انشقوا عن الثوار، وقاموا بتسليم أنفسهم إلى قوات الأسد في المنطقة، بعد أن أعطاهم العهود والمواثيق بتسوية وضعهم الأمني وعودتهم لممارسة حياتهم الطبيعية دون تعرضهم لأي ملاحقة قانونية.
وبحسب تنسيقية مدينة الرحيبة في منطقة القلمون بريف دمشق، فإن نظام الأسد اعتقل كلا من "علي حمرا" و"علاء خمسان" واقتادهما برفقة آخرين إلى الأفرع الأمنية، "كمصير حتمي لكل شخص تُسول له نفسه العودة مجددًا إلى حضن نظام الأسد".
وقال الناشط الإعلامي وسام عبد النور، لصحيفة "زمان الوصل" المحلية إن المعتقلين كانوا قد غدروا في أواسط شهر كانون الثاني/ يناير الماضي، بفصائل المقاومة العاملة في مدينة "الرحيبة"، وقاموا بتسليم أنفسهم برفقة 5 آخرين ينحدرون جميعهم من بلدة معضمية القلمون لحواجز "الفرقة الثالثة" إحدى أبرز التشكيلات العسكرية التابعة للنظام في المنطقة، وذلك بعد سرقتهم سيارتي "بيك آب" من نوع "شاص"، و"بيك آب" مزود برشاش (دوشكا)، بالإضافة إلى بعض الأسلحة الخفيفة من فصائل الثوار في المنطقة.
وأشار عبد النور إلى أن المنطقة تشهد من حينٍ إلى آخر قيام بعض الشبان بتسليم أنفسهم لقوات النظام المتواجدة في محيط بلدتي "جيرود" و"الرحيبة"، مضيفاً أن هؤلاء الشبانٍ هم مدنيون مطلوبون أساساً للخدمة الإلزامية، وسرعان ما يقوم النظام بالتنصل من وعوده، ليزجهم على خطوط التماس في المعارك التي تخوضها قواته في أنحاء متفرقة في سورية، ولا سيما في البادية السورية، وريف حمص.
وسبق أن اعتقلت قوات النظام عائدين إلى سورية على المعابر الحدودية من دون سابق إنذار، وشملت الاعتقالات أشخاصاً لا صلة لهم بالثورة ولا بأي من نشاطاتها.
وشهد العام 2014 عودة لبعض اللاجئين خاصة من لبنان، إلى محافظة حمص بالتحديد، وذلك على خلفية أحداث مدينة عرسال التي تحتضنهم. وبينما تضاربت الأنباء حول مصير اللاجئين العائدين حينها، أشار ناشطون من حمص، إلى اعتقال مئات من الشباب، وحتى الشيوخ.
ولفت عبد الرحمن، وهو أحد نشطاء حمص الميدانيين، إلى أن أغلب من تم اعتقالهم في المعابر الحدودية التابعة للنظام كانوا قبل مجيئهم إلى سورية وبمساعدة أقاربهم قد استفسروا من "الجهات المختصة"، فيما إذا كان الراغب بالعودة مطلوباً أم لا، وذلك بعد رشوة رجال النظام بمبلغ مالي قد يتجاوز 25 ألف ليرة سورية.
والغريب في الأمر، حسب عبد الرحمن، أن نتيجة الاستفسار من تلك الجهات غالباً ما تفيد أن الشخص الذي يسأل عن وضعه ليس مطلوباً أمنياً، ولم يصدر بحقه أي حكم قضائي، ولكن عندما يصل هذا الشخص إلى المعابر التابعة للنظام يتم اعتقاله فوراً.
وفي حالة صارخة، روت ريما (20 عاماً) للصحف المحلية كيف فجعت بوالدها عام 2015، عندما بلغها نبأ استشهاده تحت التعذيب في السجن، بعد اعتقال دام 3 أشهر، إثر عودته إلى حمص، بعدما توهم أن سيطرة النظام على معظم أحياء المدينة قد تمكنه من العودة بالحال إلى سابق عهدها.
تقول ريما: "كان والدي رجل أعمال متوسط الحال، اصطحبنا معه منذ منتصف العام 2012 إلى مدينة أربيل العراقية وهناك افتتح محلاً تجارياً ليكون مورد رزق له ولعائلته، بعدما نهب الشبيحة محله الذي كان مليئا بالألبسة الرجالية، في سوق الناعورة بحمص".
وتتابع: "مكثنا في إقليم كردستان العراق حوالي العامين، وبعد خروج الثوار من حمص، وما أشيع عن مبادرات لإعادة الحياة إلى حمص وأسواقها قرر والدي الرجوع إلى بلده، وطلب منا المكوث في تركيا مؤقتاً ريثما يتدبر أموره في حمص".
ولكن والد ريما لم يصل إلى حمص أبداً، إذ أوقفه عناصر أمن النظام على الحدود بعد عودته من أربيل عبر مطار بيروت، وتكشف ريما أن بداية عام 2015 حملت معها الخبر الفاجعة، عندما اتصلت المخابرات الجوية بأحد أقربائهم بحمص للحضور لاستلام جثة والدها الذي استشهد تحت التعذيب بعد ثلاثة أشهر من الاعتقال.
وكان العميد عصام زهر الدين، أحد قادة قوات الأسد في معركة دير الزور قد هدد في تصريح للإعلام الرسمي، في 11 سبتمبر/ أيلول الجاري، بالانتقام من اللاجئين السوريين خارج البلاد في حال فكروا بالعودة، موجهاً لهم ما سماه بـ"النصيحة" قائلاً: "إذا سامحتكم الدولة فنحن لن نسامحكم". وشكلت هذه التصريحات فضيحة للنظام، سرعان ما حاول الأخير استدراكها بدفع زهر الدين إلى الإدلاء بتصريح جديد إلى التلفزيون الرسمي يتراجع فيه عن تهديداته.
وكان المعارض السوري المقيم في القاهرة، بسام الملك، قد أعلن في حسابه على موقع فيسبوك استقالته من الائتلاف الوطني السوري، المظلة الرئيسية للمعارضة، وعودته إلى "حضن الوطن"، لكن رحلته لم تكتمل، وأعلن مجدداً أنه علق قراره ذلك وعاد أدراجه إلى القاهرة، فيما كشفت مصادر لصحيفة "جيرون" أن عدم حصوله على ضمانات كافية من النظام كان السبب وراء تعليق العودة.
وتزامنت حادثة العودة غير المرحب بها لبسام الملك إلى سورية مع مقال لمسؤول كبير في حزب البعث، ووزير الإعلام السابق، مهدي دخل الله، نشره في صحيفة البعث الرسمية، قال فيه إن نظامه تساهل مع عودة المعارضين "التائبين"، واشترط لقبول "توبتهم" أن يقبّلوا "بسطار" عناصر قوات الأسد.
وأحدث ما سجلته حسابات النشطاء ووثقته المراكز الإعلامية السورية المعارضة، إقدام النظام السوري في أواخر أغسطس/ آب الماضي على اعتقال عدد من أبناء بلدة “معضمية القلمون” في ريف دمشق، ممن انشقوا عن الثوار، وقاموا بتسليم أنفسهم إلى قوات الأسد في المنطقة، بعد أن أعطاهم العهود والمواثيق بتسوية وضعهم الأمني وعودتهم لممارسة حياتهم الطبيعية دون تعرضهم لأي ملاحقة قانونية.
وبحسب تنسيقية مدينة الرحيبة في منطقة القلمون بريف دمشق، فإن نظام الأسد اعتقل كلا من "علي حمرا" و"علاء خمسان" واقتادهما برفقة آخرين إلى الأفرع الأمنية، "كمصير حتمي لكل شخص تُسول له نفسه العودة مجددًا إلى حضن نظام الأسد".
وقال الناشط الإعلامي وسام عبد النور، لصحيفة "زمان الوصل" المحلية إن المعتقلين كانوا قد غدروا في أواسط شهر كانون الثاني/ يناير الماضي، بفصائل المقاومة العاملة في مدينة "الرحيبة"، وقاموا بتسليم أنفسهم برفقة 5 آخرين ينحدرون جميعهم من بلدة معضمية القلمون لحواجز "الفرقة الثالثة" إحدى أبرز التشكيلات العسكرية التابعة للنظام في المنطقة، وذلك بعد سرقتهم سيارتي "بيك آب" من نوع "شاص"، و"بيك آب" مزود برشاش (دوشكا)، بالإضافة إلى بعض الأسلحة الخفيفة من فصائل الثوار في المنطقة.
وأشار عبد النور إلى أن المنطقة تشهد من حينٍ إلى آخر قيام بعض الشبان بتسليم أنفسهم لقوات النظام المتواجدة في محيط بلدتي "جيرود" و"الرحيبة"، مضيفاً أن هؤلاء الشبانٍ هم مدنيون مطلوبون أساساً للخدمة الإلزامية، وسرعان ما يقوم النظام بالتنصل من وعوده، ليزجهم على خطوط التماس في المعارك التي تخوضها قواته في أنحاء متفرقة في سورية، ولا سيما في البادية السورية، وريف حمص.
وسبق أن اعتقلت قوات النظام عائدين إلى سورية على المعابر الحدودية من دون سابق إنذار، وشملت الاعتقالات أشخاصاً لا صلة لهم بالثورة ولا بأي من نشاطاتها.
وشهد العام 2014 عودة لبعض اللاجئين خاصة من لبنان، إلى محافظة حمص بالتحديد، وذلك على خلفية أحداث مدينة عرسال التي تحتضنهم. وبينما تضاربت الأنباء حول مصير اللاجئين العائدين حينها، أشار ناشطون من حمص، إلى اعتقال مئات من الشباب، وحتى الشيوخ.
ولفت عبد الرحمن، وهو أحد نشطاء حمص الميدانيين، إلى أن أغلب من تم اعتقالهم في المعابر الحدودية التابعة للنظام كانوا قبل مجيئهم إلى سورية وبمساعدة أقاربهم قد استفسروا من "الجهات المختصة"، فيما إذا كان الراغب بالعودة مطلوباً أم لا، وذلك بعد رشوة رجال النظام بمبلغ مالي قد يتجاوز 25 ألف ليرة سورية.
والغريب في الأمر، حسب عبد الرحمن، أن نتيجة الاستفسار من تلك الجهات غالباً ما تفيد أن الشخص الذي يسأل عن وضعه ليس مطلوباً أمنياً، ولم يصدر بحقه أي حكم قضائي، ولكن عندما يصل هذا الشخص إلى المعابر التابعة للنظام يتم اعتقاله فوراً.
وفي حالة صارخة، روت ريما (20 عاماً) للصحف المحلية كيف فجعت بوالدها عام 2015، عندما بلغها نبأ استشهاده تحت التعذيب في السجن، بعد اعتقال دام 3 أشهر، إثر عودته إلى حمص، بعدما توهم أن سيطرة النظام على معظم أحياء المدينة قد تمكنه من العودة بالحال إلى سابق عهدها.
تقول ريما: "كان والدي رجل أعمال متوسط الحال، اصطحبنا معه منذ منتصف العام 2012 إلى مدينة أربيل العراقية وهناك افتتح محلاً تجارياً ليكون مورد رزق له ولعائلته، بعدما نهب الشبيحة محله الذي كان مليئا بالألبسة الرجالية، في سوق الناعورة بحمص".
وتتابع: "مكثنا في إقليم كردستان العراق حوالي العامين، وبعد خروج الثوار من حمص، وما أشيع عن مبادرات لإعادة الحياة إلى حمص وأسواقها قرر والدي الرجوع إلى بلده، وطلب منا المكوث في تركيا مؤقتاً ريثما يتدبر أموره في حمص".
ولكن والد ريما لم يصل إلى حمص أبداً، إذ أوقفه عناصر أمن النظام على الحدود بعد عودته من أربيل عبر مطار بيروت، وتكشف ريما أن بداية عام 2015 حملت معها الخبر الفاجعة، عندما اتصلت المخابرات الجوية بأحد أقربائهم بحمص للحضور لاستلام جثة والدها الذي استشهد تحت التعذيب بعد ثلاثة أشهر من الاعتقال.
وكان العميد عصام زهر الدين، أحد قادة قوات الأسد في معركة دير الزور قد هدد في تصريح للإعلام الرسمي، في 11 سبتمبر/ أيلول الجاري، بالانتقام من اللاجئين السوريين خارج البلاد في حال فكروا بالعودة، موجهاً لهم ما سماه بـ"النصيحة" قائلاً: "إذا سامحتكم الدولة فنحن لن نسامحكم". وشكلت هذه التصريحات فضيحة للنظام، سرعان ما حاول الأخير استدراكها بدفع زهر الدين إلى الإدلاء بتصريح جديد إلى التلفزيون الرسمي يتراجع فيه عن تهديداته.
وكان المعارض السوري المقيم في القاهرة، بسام الملك، قد أعلن في حسابه على موقع فيسبوك استقالته من الائتلاف الوطني السوري، المظلة الرئيسية للمعارضة، وعودته إلى "حضن الوطن"، لكن رحلته لم تكتمل، وأعلن مجدداً أنه علق قراره ذلك وعاد أدراجه إلى القاهرة، فيما كشفت مصادر لصحيفة "جيرون" أن عدم حصوله على ضمانات كافية من النظام كان السبب وراء تعليق العودة.
وتزامنت حادثة العودة غير المرحب بها لبسام الملك إلى سورية مع مقال لمسؤول كبير في حزب البعث، ووزير الإعلام السابق، مهدي دخل الله، نشره في صحيفة البعث الرسمية، قال فيه إن نظامه تساهل مع عودة المعارضين "التائبين"، واشترط لقبول "توبتهم" أن يقبّلوا "بسطار" عناصر قوات الأسد.