تزايدت قوة ونفوذ "جيش الإسلام"، أكبر فصائل المعارضة السورية في ريف دمشق، بشكل كبير في الفترة الأخيرة، إثر انضمام عدد من فصائل المعارضة له، وتمكّنه من القضاء على تنظيم "الدولة الإسلامية" (داعش) في غوطة دمشق الشرقية والمناطق المحيطة بها.
وتزامن صعود نفوذ "جيش الإسلام" مع زيادة التنظيم العسكري فيه وتخريج دفعات جديدة من المقاتلين، بالتوازي مع محاربته قوات النظام السوري على جبهات القتال في غوطة دمشق الشرقية، ومحاربة تنظيم "داعش" في منطقة القلمون الشرقي القريبة منها. عوامل رفعت من أسهم "جيش الإسلام" الذي بات المرشح الأقوى لخوض معركة الحسم ضد قوات النظام السوري، في العاصمة السورية دمشق.
اقرأ أيضاً: التحول العسكري في سورية.. كسر الاستعصاء
انضمام واندماج
وتزايد نفوذ التنظيم أخيراً مع إعلان "فيلق عمر"، وهو أحد فصائل المعارضة الكبيرة في غوطة دمشق الشرقية، اندماجه الكامل تحت قيادة "جيش الإسلام" يوم الخميس. و"فيلق عمر" هو تشكيل عسكري يقاتل قوات النظام السوري على جبهة المرج جنوب غوطة دمشق، ويزيد تعداد مقاتليه عن الألفين، وهم يملكون مختلف أصناف الأسلحة الثقيلة والمتوسطة والخفيفة.
وحصل هذا الاندماج بعد أقل من شهر من اندماج "لواء الإمام الحسين"، أحد تشكيلات قوات المعارضة السورية الكبيرة في غوطة دمشق الشرقية تحت قيادة "جيش الاسلام"، ويقاتل هذا التشكيل قوات النظام السوري في غوطة دمشق منذ نحو عامين ويبلغ تعداد مقاتليه أكثر من خمسمائة مقاتل.
تخريج مقاتلين
وتزامنت عمليات الانضمام لصفوف "جيش الإسلام" مع استمرار الدورات التدريبية التي يقيمها لتخريج دفعات جديدة من المقاتلين لينضموا إلى صفوفه. وقام المكتب الإعلامي ببث مقطع مصور يظهر عرضاً عسكرياً كبيراً له أُقيم في غوطة دمشق الشرقية، ضم ألفاً وسبعمائة مقاتل تخرجوا من الدورة السابعة عشرة لإعداد المقاتلين التابعين لـ"جيش الإسلام". وظهرت تشكيلات عسكرية في ساحة العرض، مدعومة بعشرات المدرعات والآليات العسكرية المتنوعة التي قدمت عروضاً عسكرية بحضور القيادة العسكرية لـ"جيش الإسلام"، وفي مقدّمتها القائد العام للجيش، زهران علوش، الذي ألقى كلمة في نهاية العرض أكد فيها استمرار قواته في القتال حتى إنهاء النفوذ الإيراني على الأراضي السورية من خلال إسقاط النظام السوري.
مقاتلة "داعش"
وجاءت عمليات الانضمام لـ"جيش الاسلام" بعد تمكن قواته من القضاء على وجود تنظيم "داعش" في غوطة دمشق الشرقية العام الماضي، وفي أحياء القابون وبرزة شمال العاصمة السورية، وذلك بعد نحو أربعة أشهر من تمكنه من القضاء على "جيش الأمة"، وهو تشكيل تابع لقوات المعارضة في غوطة دمشق الشرقية، لتصبح منطقة الغوطة الشرقية مقتصرة على وجود أربع قوى عسكرية فقط هي "جيش الإسلام" و"الاتحاد الإسلامي لأجناد الشام" و"فيلق الرحمن"، بالإضافة إلى "جبهة النصرة". ويتصدر "جيش الإسلام" هذه التشكيلات، ويعدّ أقواها على الإطلاق.
كما يخوض "جيش الإسلام"، بالاشتراك مع قوات "جيش أسود الشرقية"، منذ أكثر من أسبوع معارك طاحنة ضد قوات "داعش"، التي تحاول دخول منطقة القلمون الشرقي في ريف العاصمة السورية متقدمةً من مناطق سيطرتها في بادية حمص وسط البلاد، حيث تمكنت قوات "داعش" منذ أكثر من أسبوع، من السيطرة على منطقة المحسه الواقعة جنوب مدينة القريتين في ريف حمص الشرقي، لتندلع إثر ذلك اشتباكات عنيفة بين قوات المعارضة السورية وقوات "داعش" في المنطقة.
وأوضح الناشط يامن القلموني لـ"العربي الجديد"، أن قوات "جيش الإسلام" تمكنت يوم الجمعة من إحراز تقدم كبير على حساب تنظيم "داعش"، في مناطق البادية القريبة من منطقة المحسه شمال القلمون الشرقي، حيث تمكنت من قتل اربعين عنصراً من "داعش" بالإضافة إلى أسر عشرين آخرين في المعارك الطاحنة التي شهدتها المنطقة.
مقاتلة النظام
بموازاة ذلك، بدأت قوات المعارضة السورية في الأيام الأخيرة بمهاجمة مناطق سيطرة قوات النظام السوري جنوب غوطة دمشق الشرقية، حيث أكد عضو المكتب الإعلامي في بلدة زبدين إيهاب الشامي لـ"العربي الجديد"، أن قوات المعارضة السورية متمثلة بـ"فيلق الرحمن" و"جيش الإسلام"، قامت بمهاجمة مناطق تمركز قوات النظام السوري في محيط بلدة المليحة التي تسيطر عليها قوات النظام السوري، حيث تمكنت من إعطاب دبابة لقوات النظام وقتل تسعة عناصر على الأقل في المنطقة.
معركة دمشق
ويزيد هذا التصاعد في نفوذ "جيش الإسلام" من احتمالات قيامه بعمل عسكري كبير ضد قوات النظام السوري المتواجدة في العاصمة السورية دمشق وفي محيطها، خصوصاً أن منطقة الغوطة الشرقية التي تعتبر المركز الرئيسي لـ"جيش الإسلام" في محيط العاصمة، ما تزال تحت حصار قوات النظام السوري حتى اليوم.
وجاءت زيارة القائد العام لجيش الإسلام زهران علوش إلى تركيا أخيراً، لتزيد من احتمال قيام "جيش الإسلام" بعمل عسكري كبير في دمشق ومحيطها بالتنسيق مع فصائل المعارضة السورية السياسية والعسكرية، وبدعم من الدول الحليفة للمعارضة السورية.
اقرأ أيضاً: التقارب السعودي ــ التركي سورياً: زهران علوش في إسطنبول
وأوضح مصدر مقرب من قيادة "جيش الإسلام"، طلب عدم نشر اسمه، لـ"العربي الجديد"، أن زيارة علوش إلى تركيا، جاءت بعد حصول تفاهم بين حكومات المملكة العربية السعودية وتركيا وقطر باتجاه قلب الموازين على الأرض السورية، ودعم المعارضة السورية بقيادة "جيش الإسلام" لتحقيق تقدم كبير على ساحة القتال، لتصبح في وضع مريح في أي عملية تفاوض مع النظام السوري. وتعتبر جبهة دمشق وريفها أهم جبهات القتال على الإطلاق في سورية، خصوصا مع تمتع النظام السوري حتى الآن بأفضلية عسكرية تمكنه من فرض حصار على مناطق سيطرة المعارضة السورية في محيط دمشق.
وأكد المصدر نفسه أن قضية قلب الموازين العسكرية في محيط دمشق، تم بحثها في لقاءات علوش مع المسؤولين الأتراك بحضور مسؤولين سعوديين، دون أن يتم اتخاذ قرار نهائي ببدء عمل عسكري كبير في العاصمة السورية حتى الآن، مع وصول المباحثات بهذا الخصوص إلى مرحلة متقدّمة.
وأكد المصدر أن الزيارة تهدف لزيادة التنسيق بين "جيش الإسلام" ومختلف فصائل المعارضة، وبين الائتلاف الوطني لقوى الثورة والمعارضة السوري، الذي عقد مع ممثلي هذه الفصائل لقاءات تشاورية بهدف بلورة رؤية لتحقيق مكاسب سياسية من تقدم قوات المعارضة الكبير الذي حصل في الشمال السوري أخيراً، وعمليتها العسكرية التي يتم الإعداد لها في محيط دمشق، والتي سيكون "جيش الإسلام" رأس الحربة فيها.