"جبهة النصرة" والنظام السوري... صراع على الاعتراف الدولي

إسطنبول
عبسي سميسم (العربي الجديد)
عبسي سميسم
عبسي سميسم. صحافي سوري؛ مدير مكتب سورية في موقع وصحيفة "العربي الجديد".
03 سبتمبر 2014
7B12DF3C-F6EE-4B11-AD5F-4FF24422E885
+ الخط -

تسير كتائب المعارضة المسلحة، وفي مقدمتها "جبهة النصرة"، قدماً في معاركها ضد القوات النظامية السورية في ريف القنيطرة، إذ سيطر الثوار، يوم الثلاثاء، على عدد من المواقع الجديدة خلال معركة "الوعد الصادق". وتتواصل الاشتباكات بين كتائب الثوار وجيش النظام على مداخل بلدة الحميدية في ريف القنيطرة بعد سيطرة الثوار على دوار العلم بالقرب من بلدة الصمدانية، وعلى بلدة الرواضي التي قتل فيها عدد من قوات النظام. وتكمن أهمية سيطرة الثوار على الحميدية من كونها نقطة تقدم باتجاه مدينة البعث التي تُعتبر مركز ثقل لوجود قوات النظام في محافظة القنيطرة. وقال المتحدث الرسمي باسم المركز الإعلامي في القنيطرة والجولان، أسعد الجولاني، لـ"العربي الجديد" إن "الجيش الحر تمكن بمساندة كتائب إسلامية من السيطرة على تلة الزبدة شمال بلدة الحميدية، ودوار العلم، وتفجير تمثال للرئيس السابق للنظام السوري حافظ الأسد".

وأوضح الجولاني أن "الثوار تمكنوا بعد السيطرة على قرية الرواضي، من الوصول إلى مداخل بلدة الحميدية الجنوبية، والتي تعتبر آخر نقطة للنظام على طول السياج الفاصل مع الجانب الإسرائيلي في هضبة الجولان المحتلة". في المقابل، ذكر التلفزيون السوري الرسمي أن "وحدات من الجيش أحبطت محاولتي تسلل للإرهابيين، الأولى من اتجاه مزارع الخزرجية ومحيطها باتجاه بلدة سعسع، والثانية من اتجاه بلدة الهجة إلى كوم الباشا بريف القنيطرة وقضت على أعداد من الإرهابيين".

وكان لسيطرة الثوار على معبر القنيطرة قبل أيام، وقع الصدمة ليس على قوات النظام التي لم تبد مقاومة كبيرة أمام مقاتلي المعارضة في المناطق الحدودية بالنظر إلى ضعف وجودها هناك أصلاً، بل على إسرائيل التي أعرب رئيس حكومتها، بنيامين نتنياهو، عن قلقه من وجود "جبهة النصرة" في المناطق الحدودية وسيطرتها على المعبر، داعياً إلى اتخاذ موقف دولي موحد ضد المجموعات المتطرفة.

كما جذبت الجبهة الأنظار بعد اختطافها أكثر من أربعين من جنود الأمم المتحدة "أندوف" المكلفين بمراقبة وقف إطلاق النار في المناطق الحدودية بين سورية وإسرائيل منذ اتفاق فصل القوات عام 1974. وكشف الجيش الفيجي، يوم الثلاثاء، أن "جبهة النصرة" طالبت بإخراجها من لائحة الأمم المتحدة للمنظمات الإرهابية، لقاء الافراج عن جنودها المحتجزين.

وقال قائد الجيش الفيجي، موزيسي تيكويتوغا، إن "الجبهة طالبت أيضاً بإرسال مساعدات إنسانية إلى مدينة صغيرة ضمن معقلها بالقرب من دمشق، ودفع تعويضات مالية لثلاثة من عناصرها أصيبوا بجروح في الأيام الأخيرة"، موضحاً أن "هذه هي المطالب الرسمية للجبهة لقاء إطلاق سراح جنودنا"، مشيراً إلى أنه "تم نقل المطالب إلى الأمم المتحدة". كما ذكرت الصحف الفيجية أن الجبهة طالبت أيضاً بالافراج عن أبو مصعب السوري المعروف بمصطفى نصار، وهو مسؤول في تنظيم "القاعدة"، وقد اعتقل في باكستان في 2005 وتحتجزه السلطات السورية حالياً. ووفقاً لتيكويتوغا، وصل فريق من مفاوضي الأمم المتحدة بالفعل إلى هضبة الجولان آتين من نيويورك. وأضاف: "مع الأسف لم نحرز أي تقدم، جنودنا موجودون في مكان سري والمتمردون يرفضون أن يكشفوا عنه"، مشيراً إلى أن "الخاطفين أكدوا أن الجنود بخير وتم ابعادهم عن مناطق المواجهات".

وليست المرة الأولى، التي تسيطر فيها "جبهة النصرة" على معبر القنيطرة، فقد سبق لها فعل ذلك عام 2012 عندما اقتربت المعارك مع الجيش النظامي السوري من الحدود مع إسرائيل، ونجحت حينها الجبهة بالسيطرة على الجزء الجنوبي من هذه الحدود، لكن قوات النظام سرعان ما استعادت تلك المنطقة.

لكن ما زاد من حساسية  التطورات الأخيرة في مدينة القنيطرة، الصعود الكبير لتنظيم "داعش" وإعلانه عن قيام الخلافة الإسلامية في المنطقة الممتدة من شرق سورية إلى غربي العراق، واتخاذه سياسة عنيفة مع مجمل كتائب المعارضة التي طالبها بإعلان البيعة له أو مواجهة القتال، وتمكن بالفعل من إبعادها عن الكثير من المناطق، ما دفع العديد من تلك الكتائب ومن ضمنها "جبهة النصرة" إلى التوجه جنوباً حيث لا وجود تقريبا لتنظيم "داعش".

وتمكنت الجبهة من تحقيق انتصارات عسكرية عديدة في محافظتي درعا والقنيطرة، واستولت على مجمل المناطق الحدودية مع فلسطين المحتلة، فاتحة الطريق بين درعا والقنيطرة حتى وصلت إلى مشارف "مدينة البعث"، وإلى جانبها مدينة خان ارنبة، حيث تتجمع مؤسسات النظام المدنية في هاتين المنطقتين. وإذ يخسر النظام مواقعه الواحد تلو الآخر في مجمل المنطقة الحدودية، لا يزال يقاتل للاحتفاظ بالجيب حول معبر القنيطرة والممر الذي يربط هذا الجيب بشمال دمشق دمشق وشرقها. كما يحتفظ جيش النظام بموقع له في جبل الشيخ يشرف على القرى الدرزية المحتلة في الجولان، وما عدا ذلك تسيطر مجموعات مختلفة من المعارضة أبرزها "جبهة النصرة" على المنطقة الممتدة من جنوب القنيطرة وحتى شمالها وصولاً الى سفوح جبل الشيخ.

وفي إطار سياسة تعتريها الشكوك، سحب النظام عدداً كبيراً من جنوده وعتاده في مراحل سابقة من القنيطرة، لزجها في المناطق المشتعلة في القلمون بريف دمشق وحمص، وهو ما سهل تقدم قوات المعارضة في القنيطرة. ويرى مراقبون أن النظام، بسحبه نحو 60 في المئة من قواته من القنيطرة خلال السنوات الثلاث الماضية، إنما أراد إضعاف هذه الجبهة عمداً بهدف إثارة قلق إسرائيل والغرب من وجود "جبهة النصرة" على الحدود مباشرة مع إسرائيل، وإعادة التذكير بأنه وحده من يحمي أمن إسرائيل.

يبقى التساؤل حول تصرفات جبهة النصرة، المتمثلة في اختطاف جنود الأمم المتحدة وإجبار آخرين على الهروب باتجاه المناطق التي تحتلها إسرائيل، وهي تصرفات قد يكون المقصود منها فتح خط اتصال لـ"النصرة" مع المجتمع الدولي بغرض أن تمايز نفسها عن تنظيم "داعش" بوصفه "تنظيماً معتدلاً" يمكن التفاهم وعقد الصفقات معه، خاصة أن أغلب عناصر الجبهة هم من السوريين وليس من الأجانب، حال تنظيم "داعش".

ذات صلة

الصورة
من مجلس العزاء بالشهيد يحيى السنوار في إدلب (العربي الجديد)

سياسة

أقيم في بلدة أطمة بريف إدلب الشمالي وفي مدينة إدلب، شمال غربي سورية، مجلسا عزاء لرئيس حركة حماس يحيى السنوار الذي استشهد الأربعاء الماضي.
الصورة
غارات روسية على ريف إدلب شمال غرب سورية (منصة إكس)

سياسة

 قُتل مدني وأصيب 8 آخرون مساء اليوم الثلاثاء جراء قصف مدفعي من مناطق سيطرة قوات النظام السوري استهدف مدينة الأتارب الواقعة تحت سيطرة فصائل المعارضة
الصورة
وفد أممي في مخيم نازحين سوريين في إدلب - سورية - 14 أكتوبر 2024 (العربي الجديد)

مجتمع

زار وفد من الأمم المتحدة مدينة إدلب السورية، للاطلاع على أوضاع مواطنين سوريين وصلوا أخيراً بعد مغادرتهم لبنان وسط العدوان الإسرائيلي المتصاعد هناك.
الصورة
قبور الموتى للبيع في سورية / 6 فبراير 2024 (Getty)

اقتصاد

تزداد أعباء معيشة السوريين بواقع ارتفاع الأسعار الذي زاد عن 30% خلال الشهر الأخير، حتى أن بعض السوريين لجأوا لبيع قبور ذويهم المتوارثة ليدفنوا فيها.