"جائزة بلوخ": أشيل مبيمبي ونافذةٌ على المستقبل

26 مايو 2018
مبيمبي في 2014، تصوير: بارفيه تاباسا
+ الخط -

أعلنت مدينة لودفيغسهافن الألمانية في الثامن عشر من أيار/ مايو الجاري عن فوز المفكر الكاميروني آشيل مبيمبي (1957) بـ"جائزة إرنست بلوخ" للعام 2018. وتعتبر هذه الجائزة من أهم الجوائز الثقافية في ألمانيا، وقد تم الإعلان عنها لأول مرة في العام 1985 من أجل دعم الفكر النقدي المرتبط بواقعه، في مجالات الأدب والعلوم الإنسانية، وذلك بمناسبة المئوية الأولى لميلاد صاحب كتاب "مبدأ الأمل"، إرنست بلوخ (1885ـ 1977).

أما حامل الجائزة لهذا العام، آشيل مييمبي، فيعتبر من وجوه الفكر المابعد كولونيالي ومن كبار نقّاد بنيات التفكير العنصرية، وقد درس في جامعة السوربون الباريسية، حيث حصل على الدكتوراه في التاريخ في العام 1989، ثم عمل في العديد من الجامعات في بلاد مختلفة منها "كولومبيا" و"بيركلي الأميركيتان، ويعمل حالياً أستاذاً في جوهانسبورغ في أفريقيا الجنوبية.

ألمانياً، ليس هذا أوّل تكريمات المفكّر الكاميروني، فقد سبق أن حصل مبيمبي على "جائزة الإخوة شول" في العام 2015 عن كتابه "نقد العقل الزنجي"، والذي ينتقد فيه توسع الرأسمالية العالمية اعتماداً على تجارة العبيد، مؤكداً أن الفكر العنصري لم يختف بعد من العقل الغربي.

وقد أكد أعضاء لجنة "جائزة إرنست بلوخ" في بيانهم أنهم يكرّمون "أحد أهم المفكرين في أفريقيا، والذي أوضح المخاطر التي تواجهها الديمقراطية اليوم منافحاً عن عالم أكثر إنسانية بالمعنى الذي أراده إرنست بلوخ".

يبقى مبيمبي أساساً محللاً للسلطة الاستعمارية وناقداً للرأسمالية النيوليبرالية، والتي تهدّد مجموع العالم على المستوى الجيوسياسي، وذلك حتى عبر الحروب، كما يقول ذلك. لكن مبيمبي هو في الآن نفسه مدافع عن الكونية، بعيداً عن سياسة المصالح. ولذلك يتخوف مبيمبي من أن يتحوّل كل العالم إلى "زنجي"، وهو يعني بذلك أنه بسبب الصراع المحتدم على الثروات الطبيعية وانتشار الفقر، ستحرم العديد من الشعوب من حرّيتها، ولهذا ما برح ينافح عن إنسانية في ما وراء الأعراق.

أما كلمة "الزنجي" والتي يستعملها باستمرار، فهو يعني بها الأفكار التي تطوّرت في أوروبا في القرن السادس عشر والتي كانت تقول بوجود طبيعة بشرية بدائية، تقف على النقيض من العقل، وهي في الآن نفسه موضوعٌ للتجارة ومصدرٌ للرأسمال.

ولهذا فكلمة "زنجي" لا يمكن فصلها عن تاريخ الرأسمالية، بل وعن تاريخ الحداثة عموماً. أما أفريقيا، التي يكتب من أجلها، فهي كما عبّر عن ذلك في لقاء جمعه بالكاتبة الألمانية إليزابيت فون تادن، "اسم قارة اعتقد المرء بأنه لا يمكن البتة للكوني أن يتطوّر فيها. فالأفارقة كانوا أطفالاً أغبياء. لكن أفريقيا ليست ماضي العالم، إنها أشبه بنافذة، من خلالها يمكننا أن نبصر المستقبل".

دلالات
المساهمون