بعد الاحتجاجات الشعبية التي شهدتها تونس عام 2011، انطلقت عدّة مبادرات للتشجيع على المطالعة قادها طلبة وناشطون شباب بشكل أساسي متوزّعين على معظم أنحاء البلاد، بهدف تكريس فعل القراءة خارج الفضاءات التقليدية المتمثلة بالمكتبات العامة، وخلق مساحة مفتوحة للنقاش حول الأفكار والكتب.
"يلا ريد" العنوان الذي اتخذته إحدى المنصّات الإلكترونية، وقامت فكرتها على إعادة الكتب وتبادلها بشكل مجّاني، وانضمّ إليها أكثر من ألف قارئ تشاركوا في مئات العناوين وحدّدوا ثلاثة منها لمناقشتها عبر منصتهم مرّة كل أسبوع إلى جانب تنظيم حملات ترويج للكتب الذين ينتدون حولها.
وفي مدينة نفطة (الجنوب الغربي)، انبثقت مبادرة "الحضن القارئ" التي اهتمّت بتنظيم حلقات مطالعة نهاية كل أسبوع تجمع الطلبة حول الكتاب، كما تاسّست حملة "مسافر زاده الكتاب" عبر تزويد حافلات إحدى شركات النقل العمومي بمجموعة من الكتب معروضة على المسافرين.
رغم عدم وجود إحصائيات دقيقة تبيّن أعداد القراء ونوعية ما يطالعونه، إلا أن المسوحات التي تجرى في تونس بين حين وآخر وتعتمد عيّنات عشوائية، تظهر معطياتها تراجعاً مقلقاً في الإقبال على الكتاب شأنها شأن بقية البلدان العربية، حيث أشارت نتائج لدراسة أعدت عام 2015 أن أكثر من 80% من التونسيين لم يقرؤوا كتاباً واحداً في العام.
لم تعمّر العديد من فعاليات القراءة التي أُطلقت بعد الثورة، مع ملاحظة أن جزءاً منها قد عاد مؤخراً بنشاط وزخم أكبر، ربما يشكّل ملتقى "تونس تقرأ" نموذجاً مختلفاً حيث تتواصل أشغاله دون انقطاع منذ عام 2012، والتي تنتشر في مناطق مختلفة خارج المدن الكبيرة أيضاً.
بدأ المشروع إثر توجيه نداء من قبل عدد من الطلبة في آذار/ نيسان 2012، للخروج إلى شارع الحبيب بورقيبة في العاصمة، وشكّل ذلك التجّمع انطلاقة الملتقى الذي يقيم جلساته النقاشية بشكل منتظم، وآخرها جلسة تقام عند الثالثة من بعد ظهر الثاني والعشرين من الشهر الجاري في "المقهى الثقافي مدڨ الحلفاء" بعنوان "محمد شكري من القاع إلى قمّة الأدب والإبداع: كتابه "الخبز الحافي" شاهد على ذلك".
المشاركون سيناقشون تجربة الكاتب المغربي (1935 – 2003)، بعد أسبوع من تنظيم فعالية مشابهة في بلدة رجيم معتوق في الجنوب التونسي، حول أهمية الكتاب ودوره بمناسبة تأسيس الملتقى لمكتبة عامة في المنطقة.