عرفت المنطقة العربية في السنوات الأخيرة تقلّبات سياسية عدّة، من ثورات وانقلابات وحروب أهلية واعتداءات أجنبية، وهي عوامل كان لها انعكاس مباشر على الحياة اليومية للناس إضافة إلى أثرها على نفسياتهم. وإذا كانت هذه الأحداث قد أخذت حظّها من التحليل السياسي إلا أن حضورها في مختلف المعارف والأشكال الإبداعية، من الأدب إلى علم النفس، يبدو باهتاً.
"تقلبات السياسة والحياة الشخصية" عنوان أمسية تقام مساء غد في "معهد غوته" في الرباط يشارك فيها كلّ من الكاتب والتشكيلي المغربي ماحي بينبين والكاتب الألماني كارستن دومال.
يعود كلّ متحدّث إلى تاريخ بلاده في العصر الحديث، حيث عرفت المغرب تلقبات سياسية عدّة في النصف الثاني من القرن العشرين مع تعدّد محاولات الانقلاب على الملك الراحل الحسن الثاني، وما تلا ذلك من مرحلة تضييقات على الحريات السياسية والفردية ضمن ما اصطلح على تسميته بسنوات الرصاص، وصولاً إلى حراك 20 فبراير، والذي كان صدى لثورتي تونس ومصر، فحراك الريف منذ سنتين.
أما ألمانيا، فقد كان القرن العشرين أحد أكثر القرون تقلباً في تاريخها حيث مُني البلد بهزيمتين قاسيتين خلال الحربين العالميّتين اللتين خاضتهما، أدّت الثانية إلى تدمير البنية التحتية لمجمل المدن الألمانية وتقسيمها بين المعسكرين الغربي والشرقي.
كلّ هذه الأحداث في البلدين وجدت طريقها إلى الأعمال الأدبية والسينمائية وإن كان ذلك بشكل متفاوت، ففي ألمانيا مثّلت الحرب ثيمة رئيسية في رواية ومسرح النصف الثاني من القرن العشرين خصوصاً في أعمال غونتر غراس وبرتولد بريشت وهانريش بول. كما حضرت ثيمة القمع السياسي في كثير من المؤلفات المغربية، لكن لا يمكن مقارنتها من ناحية الكم بما أنتج في ألمانيا خصوصاً وأن الأدب في هذه الثقافة كان مسنوداً بأبحاث العلوم الإنسانية وهو ما لا يتوفّر في المغرب إذ انبنى معظم الإنتاج الكتابي حول الواقع السياسي على الشهادات الذاتية.
إضافة إلى تاريخ كل بلد، يستند الكاتبان المشاركان إلى أعمالهما، حيث يتحدّث بينبين عن روايته "مهرّج الملك" والتي تناول فيها علاقة والده بالحسن الثاني، فيما ينطلق دوميل من روايته "الملف روبير" والتي عادت إلى نهاية الأربعينيات من تاريخ ألمانيا.