"ترامبو": حين أخذت الديمقراطية إجازة مكارثية

17 ابريل 2016
برايان كرانستون وهيلين ميرين في مشهد من الفيلم
+ الخط -


يعود فيلم "ترامبو" للمخرج الأميركي جاي روش إلى صفحة سوداء من التاريخ الثقافي والسياسي في أميركا. فيتوقّف عند القصة المعروفة لكاتب السيناريو دالتون ترامبو (1905- 1976)، وما تعرّض له من قبل "المحافظين على طريقة العيش الأميركية"، وهم يحاربون فكراً يسارياً يعتبرونه ديكتاتورية مقيتة، بممارسات لا تقل تطرّفاً وديكتاتورية شهدتها الفترة التي تُعرف بـ المكارثية.

يستعيد "ترامبو" ذكرى "القائمة السوداء" في هوليوود التي قادت إلى تدمير كتّاب وممثلين بسبب تعاطفهم مع الشيوعية أو انتمائهم إليها أو مجرّد اتهامهم بذلك. ويسرد الفيلم الذي كتبه السيناريست جون ماكنمارا، مستنداً على كتاب بروس ألكسندر كوك عن سيرة ترامبو (يقوم بدوره براين كرانستون).

تبدأ قصة الفيلم من تصوير أحداث أحد الأفلام التي يؤدي دور البطولة فيها الممثل إدوارد. ج. روبنسون، حيث يُردد المخرج، وهو يوجه كلامه إلى ترامبو "إنه موجود بيننا، لكنه لا ينتمي إلينا، هنا يدرك ترامبو أن هوليوود بدأت تنظر إليه بعين الريبة بسبب قناعاته السياسية. وفي إحدى المرات تتهم الناقدة السينمائية هيدا هوبر (تمثيل هيلين ميرين)، ترامبو علناً بأنه يقف وراء تجمّع نقابي لممثلين أميركيين طالبوا برفع أجورهم، ومن هنا تبدأ معاناته مع المؤسسة الرسمية في هوليوود.

تتعمق مأساة ترامبو، حينما يتلقى استدعاء للمثول أمام لجنة التحقيق الحكومية للنشاطات غير الأميركية في واشنطن عام 1947، بعد إدانته رفقة عدد من زملائه بازدراء الكونغرس والترويج لأفكار مفترضة للدعاية الشيوعية، فيطرح عليه السيناتور، روبيرت ستريبلينغ، المكلّف بالتحقيق، السؤال التالي: "هل أنت شيوعي؟"، فيرفض الإجابة، ولا يبدي أي استعداد للتعامل مع اللجنة.

لا مكان للاختلاف في هوليود خلال تلك المرحلة الحاسمة، لم يجد ترامبو فرصة للعودة إلى عمله، فقد صدرت قرارات من هوليوود تمنعه من العمل، فيلجأ إلى استخدام أسماء مستعارة وكتب سيناريوهات أفلام حازت نجاحاً كبيراً، ومكنته من الفوز بأوسكار أفضل سيناريو مرتين، الأولى سنة 1953 عن فيلم "عطلة رومانية" عام 1953، والثانية عن فيلم "الشجاع" عام 1956.

في هذه الأثناء يتصل به الممثل والمنتج كورك دوغلاس، ليكتب سيناريو "سبارتاكوس" (أخرجه ستانلي كوبريك)، كما يلتقي ترامبو، في الفترة نفسها، بالمخرج أوتو بريمينغر، ويكلفه بكتابة سيناريو فيلم "أوكسيدوس"، وضع الاثنان اسم ترامبو الصريح على الأفلام.

وعند عرض فيلم "سبارتاكوس" وسط موجة من الرفض والغضب، يتوجّه الرئيس جون كنيدي إلى قاعة السينما لمشاهدة الفيلم، لتدخل أميركا بذلك مرحلة جديدة أدت إلى وضع حد للقائمة السوداء سنة 1960.

وربما تكون لحظة إلقاء ترامبو خطبة أثناء تكريمه من قبل هوليوود، من أكثر المشاهد تأثيراً في الفيلم، وفيها يتحدث عن القائمة السوداء التي جسدت "زمن الشر والخوف" الذي لم ينج منه أحد، ويقول: "إن للمكارثية ضحايا فقط، وليس أبطالاً".

دلالات
المساهمون