تشهد أروقة مجلس النواب العراقي حراكاً يقوده بعض البرلمانيين لإعادة النظر بملف السجناء في المعتقلات العراقية، بالتوازي مع دعوات أخرى لتبييض السجون (باستثناء الإرهابيين)، وهو ما ترفضه بعض القوى التي تتخوف من أن يتسبّب إخراج بعض المجرمين الخطرين بفوضى وانهيارات أمنية.
وأكد مصدر برلماني مطلع لـ"العربي الجديد"، أن بعض الجهات السياسية الممثّلة للمحافظات الشمالية والغربية، تحاول منذ أسابيع إقناع أكبر عدد من النواب لتأييد مطالبها بتبييض السجون العراقية من نزلائها، موضحاً أن هذه المطالبة تستثني الإرهابيين المتورطين مع تنظيم "داعش" والجماعات المتطرفة الأخرى. وأشار إلى أن هؤلاء النواب قالوا إن المطالبة بالإفراج عن السجناء، ولا سيما الأبرياء منهم، كان من أبرز الوعود التي أطلقوها لجماهيرهم خلال الحملة التي سبقت الانتخابات التشريعية التي جرت في مايو/أيار الماضي، لافتاً إلى أن هذا المطلب يلاقي قبولاً من نواب من مناطق أخرى، يؤكدون وجود آلاف الأبرياء في السجون تم اعتقالهم خلال حملات أمنية قامت بها السلطات خلال حقبة حكم رئيس الوزراء الأسبق نوري المالكي (2006-2014).
ويرى نواب أن دعوات تبييض السجون يمكن أن تُطبق لكن بشكل جزئي للحيلولة دون حدوث فوضى، ومن بينهم عضو البرلمان عن تحالف "البناء" محمد البلداوي، الذي أكد في حديث لـ"العربي الجديد" أن إخراج الأبرياء والمظلومين من السجون أمر ضروري، ولا بد من تأييده، مستدركاً "إلا أننا لسنا مع إخراج القتلة والمجرمين والأشخاص الذين سرقوا مقدرات الشعب العراقي". وتابع "لا نؤيد إخراج بعض المجرمين"، مشدداً على أن كتلته مع الحفاظ على استقلالية القضاء، وإبعاده عن التسييس.
وعبّر البلداوي عن خشيته من احتمال تدهور الوضع الأمني، وعودة الجماعات الإرهابية، وإطلاق يد العصابات الإجرامية، في حال أطلق سراح جميع السجناء، قائلاً إن "المجرم الذي يخرج سيتمادى أكثر لأنه يعتقد أنه سيخرج بترضية سياسية حتى في حال اعتُقل من جديد". وشدد على ضرورة التعامل مع نوعين من السجناء، الأبرياء الذين يجب أن يتم إطلاق سراحهم بأقرب وقت ممكن، والصنف الثاني يشمل الإرهابيين والمجرمين الخطرين الذين يجب التحفّظ عليهم.
إلا أن سياسيين لا يثقون بالمعايير المتّبعة بشأن براءة أو إدانة السجناء من قبل السلطتين التشريعية والتنفيذية، كالعضو السابق في "تحالف القوى" محمد عبدالله، الذي أكد وجود آلاف الأبرياء القابعين في السجون تم اعتقالهم بتهم كيدية خلال حقبة المالكي، موضحاً في تصريح لـ"العربي الجديد" أن تبييض السجون المقيّد بعدم شمول الإرهابيين هو الحل لإنهاء معاناتهم.
واعتبر عبدالله أن "إطلاق سراح جميع الأبرياء، وأصحاب الأحكام البسيطة، سيخفف عن كثير من الأسر التي فقدت أبناءها بسبب الصراعات التي شهدتها البلاد خلال السنوات الماضية"، داعياً إلى شمول سجون مليشيات "الحشد الشعبي" بأي عملية لإخراج السجناء لأنها تضم آلاف المعتقلين من دون مذكرات قبض احتجزتهم المليشيات أثناء فرارهم من مناطق القتال في محافظة الأنبار عامي 2015 و2016، بحسب قوله. وتابع "هناك من يعتقد أن السجون تضم فقط أبناء المناطق الشمالية والغربية السنّية، لكن هذه النظرة خاطئة لأن هناك عدداً غير قليل من أبناء الجنوب، وخصوصاً من الصدريين الذين سُجنوا بسبب مقاومتهم القوات الأميركية قبل خروجها عام 2011، أو معارضتهم لسياسات المالكي".
اقــرأ أيضاً
وفي السياق نفسه، أكد عضو البرلمان العراقي عن تحالف "سائرون" المدعوم من التيار الصدري، محمود أديب، أن كتلته لم تُقر أي موقف حتى الآن من مسألة إخراج السجناء، معلناً في تصريح لـ"العربي الجديد" أن "كتلة سائرون سيكون لها موقف موحّد في حال طُرح الموضوع بشكل رسمي تحت قبة مجلس النواب".
في غضون ذلك، تسعى السلطات العراقية إلى إعادة تأهيل نزلاء سجن الناصرية في محافظة ذي قار، والذي يُعدّ من أكبر السجون العراقية، كي لا يشكلوا عبئاً على المجتمع عند إطلاق سراحهم. وقال عضو اللجنة الأمنية في مجلس محافظة ذي قار، جبار الموسوي، إنه يقوم بزيارات متكررة إلى سجن الناصرية، مشيراً في تصريح صحافي إلى وجود لجان تثقيفية داخل السجن تعمل على تغيير معتقدات السجناء الذين اعتنقوا الفكر المتطرف، بهدف تأهيلهم بشكل جذري. وأكد وجود فرصة لإنقاذ بعض السجناء من المعتقدات التي كانوا يتبنونها، موضحاً أن "بعض السجناء خُدعوا من قبل الجماعات الإرهابية، ولا بد من منحهم الإصلاح والتوجيه للتوصل إلى نتائج إيجابية". ولفت إلى إدخال نزلاء سجن الناصرية في ورش تدريبية لتمكينهم من العمل بعد إطلاق سراحهم، موضحاً أن بعض السجناء انحرفوا في السابق بسبب الحاجة للمال، ومن شأن هذه الورش أن تبعدهم عن الجريمة.
يشار إلى أن الدعوة لتبييض السجون العراقية ليست الأولى من نوعها، إذ سبق لنواب عراقيين أن دعوا عامي 2016 و2017 إلى إخراج الأبرياء من السجون، لا سيما سجناء حقبة المالكي. كما طالب زعيم التيار الصدري مقتدى الصدر عام 2016 بالإفراج عن "المقاومين" الذين لم تثبت بحقهم تهم، في إشارة إلى اتباعه الذين قاوموا القوات الأميركية بعد احتلالها العراق عام 2003. وتُعد وزارة العدل العراقية هي المسؤولة عن إدارة السجون، إلا أنها لا تعلن عن العدد الإجمالي للمودعين في السجون العراقية، فيما كانت وكالة "أسوشييتد برس" قد نقلت عن مسؤولين عراقيين قولهم العام الماضي إن مجمل عدد السجناء العراقيين المسجلين يقترب من 28 ألفاً، مؤكدين وجود آخرين خارج هذه الإحصائية كونهم يقبعون في سجون تابعة للاستخبارات، وأجهزة أمنية أخرى.
اقــرأ أيضاً
وأكد مصدر برلماني مطلع لـ"العربي الجديد"، أن بعض الجهات السياسية الممثّلة للمحافظات الشمالية والغربية، تحاول منذ أسابيع إقناع أكبر عدد من النواب لتأييد مطالبها بتبييض السجون العراقية من نزلائها، موضحاً أن هذه المطالبة تستثني الإرهابيين المتورطين مع تنظيم "داعش" والجماعات المتطرفة الأخرى. وأشار إلى أن هؤلاء النواب قالوا إن المطالبة بالإفراج عن السجناء، ولا سيما الأبرياء منهم، كان من أبرز الوعود التي أطلقوها لجماهيرهم خلال الحملة التي سبقت الانتخابات التشريعية التي جرت في مايو/أيار الماضي، لافتاً إلى أن هذا المطلب يلاقي قبولاً من نواب من مناطق أخرى، يؤكدون وجود آلاف الأبرياء في السجون تم اعتقالهم خلال حملات أمنية قامت بها السلطات خلال حقبة حكم رئيس الوزراء الأسبق نوري المالكي (2006-2014).
وعبّر البلداوي عن خشيته من احتمال تدهور الوضع الأمني، وعودة الجماعات الإرهابية، وإطلاق يد العصابات الإجرامية، في حال أطلق سراح جميع السجناء، قائلاً إن "المجرم الذي يخرج سيتمادى أكثر لأنه يعتقد أنه سيخرج بترضية سياسية حتى في حال اعتُقل من جديد". وشدد على ضرورة التعامل مع نوعين من السجناء، الأبرياء الذين يجب أن يتم إطلاق سراحهم بأقرب وقت ممكن، والصنف الثاني يشمل الإرهابيين والمجرمين الخطرين الذين يجب التحفّظ عليهم.
إلا أن سياسيين لا يثقون بالمعايير المتّبعة بشأن براءة أو إدانة السجناء من قبل السلطتين التشريعية والتنفيذية، كالعضو السابق في "تحالف القوى" محمد عبدالله، الذي أكد وجود آلاف الأبرياء القابعين في السجون تم اعتقالهم بتهم كيدية خلال حقبة المالكي، موضحاً في تصريح لـ"العربي الجديد" أن تبييض السجون المقيّد بعدم شمول الإرهابيين هو الحل لإنهاء معاناتهم.
واعتبر عبدالله أن "إطلاق سراح جميع الأبرياء، وأصحاب الأحكام البسيطة، سيخفف عن كثير من الأسر التي فقدت أبناءها بسبب الصراعات التي شهدتها البلاد خلال السنوات الماضية"، داعياً إلى شمول سجون مليشيات "الحشد الشعبي" بأي عملية لإخراج السجناء لأنها تضم آلاف المعتقلين من دون مذكرات قبض احتجزتهم المليشيات أثناء فرارهم من مناطق القتال في محافظة الأنبار عامي 2015 و2016، بحسب قوله. وتابع "هناك من يعتقد أن السجون تضم فقط أبناء المناطق الشمالية والغربية السنّية، لكن هذه النظرة خاطئة لأن هناك عدداً غير قليل من أبناء الجنوب، وخصوصاً من الصدريين الذين سُجنوا بسبب مقاومتهم القوات الأميركية قبل خروجها عام 2011، أو معارضتهم لسياسات المالكي".
وفي السياق نفسه، أكد عضو البرلمان العراقي عن تحالف "سائرون" المدعوم من التيار الصدري، محمود أديب، أن كتلته لم تُقر أي موقف حتى الآن من مسألة إخراج السجناء، معلناً في تصريح لـ"العربي الجديد" أن "كتلة سائرون سيكون لها موقف موحّد في حال طُرح الموضوع بشكل رسمي تحت قبة مجلس النواب".
يشار إلى أن الدعوة لتبييض السجون العراقية ليست الأولى من نوعها، إذ سبق لنواب عراقيين أن دعوا عامي 2016 و2017 إلى إخراج الأبرياء من السجون، لا سيما سجناء حقبة المالكي. كما طالب زعيم التيار الصدري مقتدى الصدر عام 2016 بالإفراج عن "المقاومين" الذين لم تثبت بحقهم تهم، في إشارة إلى اتباعه الذين قاوموا القوات الأميركية بعد احتلالها العراق عام 2003. وتُعد وزارة العدل العراقية هي المسؤولة عن إدارة السجون، إلا أنها لا تعلن عن العدد الإجمالي للمودعين في السجون العراقية، فيما كانت وكالة "أسوشييتد برس" قد نقلت عن مسؤولين عراقيين قولهم العام الماضي إن مجمل عدد السجناء العراقيين المسجلين يقترب من 28 ألفاً، مؤكدين وجود آخرين خارج هذه الإحصائية كونهم يقبعون في سجون تابعة للاستخبارات، وأجهزة أمنية أخرى.