توقّفت صحيفة "ذا تايمز" البريطانية، عند الجولة الآسيوية لولي العهد السعودي الأمير محمد بن سلمان، لافتة إلى توجّه المملكة نحو الشرق الآسيوي، في ظل "الشرخ" في علاقاتها مع الغرب، ولا سيما الولايات المتحدة، على خلفية جريمة مقتل الصحافي جمال خاشقجي.
واعتبرت الصحيفة، في تقرير، اليوم الجمعة، أنّ جولة بن سلمان الآسيوية تعكس "انعطافة" في توجه السعودية الاستراتيجي، هي التي تعتمد بشكل رئيسي على علاقاتها مع الغرب.
وذكرت أنّ ولي العهد السعودي يوقّع، خلال زيارته للصين، صفقة بمليارات الدولارات، في سعيه لتوطيد العلاقة بين البلدين، بعد توقيعه اتفاقيات مماثلة في كل من باكستان والهند، بينما يتوجّه لاحقاً إلى كوريا الجنوبية.
وقالت الصحيفة، إنّه بعد خمسة أشهر على اغتيال خاشقجي، داخل قنصلية بلاده في إسطنبول في 2 أكتوبر/تشرين الأول الماضي، والضرر الذي لحق بسمعة المملكة لدى حلفائها الغربيين، اتجه بن سلمان شرقاً، لا سيما أنّ الحكومات الآسيوية لمّحت إلى استعدادها للتغاضي عن جريمة اغتيال خاشقجي، مقابل الاستثمارات والدعم المالي السعودي.
Twitter Post
|
وينتظر، وفق الصحيفة، أن تشهد الاتفاقية الموقعة بين الصين والسعودية، حلول الأخيرة مكان روسيا كمزود بكين الرئيسي بالنفط، مشيرة أيضاً إلى أنّ زيارة بن سلمان إلى باكستان شهدت توقيع اتفاق استثمار قيمته 20 مليار دولار، لدعم الاقتصاد الباكستاني المتدهور فضلاً عن إبعاد باكستان عن نفوذ إيران، بينما شهدت زيارة الهند المزيد من مبيعات النفط السعودي.
ويقول ثيودور كاراسيك، الباحث في "معهد دراسات الدول الخليجية" في واشنطن، للصحيفة البريطانية، عن جولة بن سلمان، إنّها "جزء من رؤية تهدف إلى تنويع الاستثمارات، وتعكس أيضاً عدم قدرة السعوديين على الاعتماد على الغرب حالياً"، مضيفاً: "لا يمكنهم (السعوديون) الثقة بالأميركيين بسبب الفوضى الحالية في واشنطن، ولذلك ينظرون شرقاً".
وكانت المخابرات الأميركية قد خلصت إلى أنّ اغتيال خاشقجي، قد تم بأوامر شخصية من ولي العهد، بينما واجهته مظاهرات منددة خلال زيارته إلى تونس، نهاية العام الماضي، ورفض ملك المغرب لقاءه.
كما اتهم الكونغرس ولي العهد السعودي بالمسؤولية عن اغتيال خاشقجي، في حين نأت شركات التكنولوجيا الأميركية بنفسها عن المملكة.
وتشير الصحيفة إلى أنّ بن سلمان يسعى من خلال الجولة الآسيوية، أيضاً إلى تصوير نفسه بأنه المتحكّم في أمور البلاد، لا سيما بعد أزمة خاشقجي.
وتنقل "ذا تايمز" عن كبير تانيجا من مؤسسة "أوبزرفر" للأبحاث في دلهي، قوله: "يرى السعوديون أنّ مركز النمو الاقتصادي مستقبلاً في الشرق. الصين والهند ستكونان محرّكَي الأسواق المستقبلية. ومقتل خاشقجي ليس ذا أهمية هنا".
وتشير الصحيفة أيضاً إلى تغاضي بن سلمان عن اضطهاد الصين مئات الملايين من الأويغور المسلمين فيها، رغم ادّعاء السعودية رعاية الحرمين الشريفين.
وفي الوقت ذاته، تشير الصحيفة إلى أنّ زيارة بن سلمان إلى باكستان "لم تكن سلسة"، حيث عبّر البعض عن امتعاضهم من الثمن الذي سيطلبه ولي العهد السعودي مقابل دعمها.
ولفتت إلى أنّ باكستان كانت قد رفضت ضغوطاً سعودية للمساهمة في حرب اليمن، غير أنّ الضغوط الاقتصادية التي تعاني منها إسلام آباد، دفعتها نحو الحضن السعودي، وفق الصحيفة.
وعن العلاقات النووية بين البلدين، لفتت الصحيفة إلى أنّ السعودية موّلت برنامج باكستان النووي منذ السبعينيات، وذكّرت بهذا الخصوص بتصريحات بن سلمان التي قال فيها إنّ الرياض ستطور قنبلة نووية أو تقنية نووية في حال امتلكتها غريمتها طهران.