"باصونة".. عمارة المسجد بين التأصيل والتجديد

10 مارس 2019
(مسجد باصونة)
+ الخط -

عبّرت عمارة المسجد طوال القرون الماضية بشكل أساسي عن عناصر ثقافية تنتمي إلى البيئة المحلية لكل منطقة انتشر فيها الإسلام ممتزجة بمعتقدات فلسفية ترمز إلى التوحيد والعلاقة مع الخالق وتمثّلاتها المتعدّدة، في انسجام بين الشكل والوظائف التي اختلفت من عصر إلى آخر.

استقر الشكل الكلاسيكي للمساجد الذي اعتمد المئذنة والقبة والأسقف العالية منذ العصر الأموي في استعارة للعديد من سمات العمارة والفن البيزنطيين، مع تطوّر وتجديد في التصميم لبعض النماذج التي أتت استثنائية نتيجة تمازج مؤثرات مختلطة أو اقتراح رؤى جديدة.

يطرح العديد من الباحثين والمعماريين إشكالية تتعلق بإعادة قراءة علاقة الشكل بالوظيفة ودلالاته الرمزية، حيث تُستحضر في هذا السياق المئذنة التي انتهت منذ زمن وظيفتها المتمثّلة بتأدية الأذان فوقها، وباتت عنصراً جمالياً قد يختلف حوله بين ثقافة أو أخرى، كما حدث عند تشييد مساجد عديدة في أوروبا مؤخراً.

"مسجد باصونة والتأصيل المعماري" عنوان المحاضرة التي يلقيها المعماري المصري وليد عرفة عند السادسة والنصف من مساء اليوم الأحد في "ديوان المعماريين" في القاهرة، ويتناول خلالها تصميمه وتنفيذه للمسجد الذي يحمل اسم قربة باصونة قرب مدينة سوهاج.

أشار المحاضر في لقاء سابق معه إلى أنه اشتق المنظومة الهندسية التي تبنّاها في المشروع من نظرية ابن مقلة في الخط المنسوب بأن الحروف تمتلك قانوناً هندسياً يحكم نسب أشكالها في علاقة بعضها بعضاً يعبّر عن وحدة الوجود.

وأوضح عرفة بأن العودة إلى جوهر العمارة الإسلامية التي تبلورت عبر مئات السنين ينبغي أن يأتي ضمن مقاربات تراعي فلسفة القيمة، وتقنيات البناء، وعلم أمراض المباني، وخواص المواد، وتاريخ العمارة، والنظم الإنشائية التاريخية.

وأتى تكوين القبة الرئيسة منسجماً مع تلك النظرية، حيث تبلغ مساحتها ستّة أمتار مع حسابات محدّدة لكلّ وحدة بناء فيها ضمن تطبيقات الخط العربي، واختار حرف الألف شكلاً للمئذنة حيث يصفه ابن مقلة بأنه مكوّن من خط منتصب غير مائل إلى استلقاء ولا انكباب وتكون حركة صدره وعجزه متساويتين ومساحته في الطول سبعة فقط والنقطة مربعة".

بني مسجد الباصونة على مساحة 450 متراً ويضمّ ثلاثة طوابق ومدخلين، وقاعة رئيسية بمساحة 160 متراً صمّمت نوافذها باعتماد "مسقط متكرر 108" التي تسمح بمرور الهواء وتحجب ضوء الشمس ما يناسب المنطقة الزراعية التي تحتضنه.

دلالات
المساهمون