استمع إلى الملخص
- حظيت الثقافة المغربية بصدى واسع عربيًا، وكانت ضيفة شرف في معرض الشارقة الدولي للكتاب، وتوج أدباء مغاربة بجوائز دولية، مثل عبد الفتاح كيليطو وطه عبد الرحمن، وبرزت المخرجة أسماء المدير في السينما.
- رغم النشاط، تعاني بعض المدن من التهميش الثقافي، مما يستدعي تطوير القطاع الثقافي وتعزيز الروابط مع الدول المغاربية، وحفظ ذاكرة المبدعين ودعم الترجمة لتعزيز التعددية الثقافية.
كان عام 2024 في المغرب حافلاً بالأحداث الثقافية، بشكل بدا أنه الأكثر حيوية ليس بين بلدان المغرب العربي وإنما على مستوى العالم العربي. ولأن رصد العام الثقافي بعيون الفاعلين في المشهد المغربي أنفسهم، أكثر تعبيراً عن الحقيقة من أي رصد خارجي، توجهت "العربي الجديد" في هذا الاستطلاع إلى مجموعة من كتّاب المغرب ومثقفيه، من أجيال وتخصصات وحساسيات ومناطق مختلفة لرصد أبرز ملامح العام الثقافية، وكذا استشرافاتهم للواقع الثقافي المغربي، من خلال سؤالهم عن أبرز ثلاثة أحداث ثقافية شهدها المغرب في عام 2024 وفق تقديرهم والأحداث الثقافية التي ظلّت حلماً لقادم الأعوام.
ولم تكن الإجابات سهلة على بعض من سألناهم بسبب انخراطهم كمنظّمين أو حتى كمشاركين في الأحداث كما قال الشاعر نبيل منصر لـ "العربي الجديد": "يصعب عليَّ أن أجعل من بعض الأنشطة الثقافية، التي كنتُ جزءا منها، موضع تنويه أو تقييم"، قبل أن يضيف: "المشهد الثقافي العام بحاجة إلى رجّة، إلى هواء نقي، إلى زخم، يسعف على التفاعل والإيناع"، فيما تجاوز هذا الحاجز كتّاب آخرون.
ولا يغيب عن المتابع أن المغرب بلد كبير ما زالت فيه - على الصعيد الثقافي والمهرجانات والمتاحف - مدن مركزية ومدن هامشية، بدأت الأخيرة تبذل محاولات للخروج من التهميش، عبر فعاليات كبيرة، كما حدث في مدينة وَجدة التي احتَضَنَت هذا العام الدورة الرابعة من "المعرض المغاربي للكتاب"، حدثها الثقافي الأبرز تحت عنوان "الكتاب والزمن" بحضور محلّي وعربي وعالمي.
خالد اليملاحي: تأملات في الحصاد الثقافي المغربي
يبدأ الكاتب والناقد وأستاذ الأدب المغاربي بجامعة شيكاغو الأميركية خالد اليملاحي (الرباط 1986) حديثه لـ "العربي الجديد" بأنه "من الصعب اختزال الأحداث الثقافية التي شهدها المغرب سنة 2024 في بضعة أسطر، لا سيما وأن متابعتي للساحة الثقافية المغربية غالباً ما تكون عن بعد وبشكل متقطع بحكم إقامتي خارج المغرب. مع ذلك، يبدو لي أن سنة 2024 تميزت باستمرارية ملحوظة في وتيرة المعارض والمهرجانات واللقاءات الأدبية والفنية. ففي ما يخص الكتاب، مثلاً، يمكن الإشارة إلى الدورة التاسعة والعشرين للمعرض الدولي للنشر والكتاب بالرباط، والدورة السادسة لمهرجان الآداب المرتحلة في نفس المدينة، والدورة الرابعة للمعرض المغاربي للكتاب بوَجدة، بالإضافة إلى الدورة الثانية للمعرض الدولي لكتاب الطفل والشباب بالدار البيضاء. كما احتضنت مراكش مهرجان الكتاب الأفريقي في دورته الثانية، وهي مبادرة هامة تهدف إلى تعزيز فضاءات وفرص الحوار الثقافي بين المفكرين والمبدعين الأفارقة انطلاقاً من القارة الأفريقية".
وفي الوسط الجامعي، يقول اليملاحي: "واكبت هذه الحركية سلسلة من الندوات الفكرية والثقافية في شتى المواضيع، مع اهتمام متزايد بالدراسات ما بعد الكولونيالية وقضايا القارة الأفريقية وأسئلة التعددية اللغوية والثقافة الأمازيغية والهوية والترجمة في المغرب، إلى جانب دراسة وتثمين مساهمات المفكرين والكتاب المغاربة، كما شهد على ذلك الاحتفاء الذي حظي به أخيراً الكاتب والناقد محمد برادة من خلال سلسلة ندوات متزامنة تناولت تجربته الثقافية في أكثر من عشرين مدينة مغربية".
ويشير اليملاحي أيضاً إلى "الصدى الواسع للثقافة المغربية في الوطن العربي، سواء من خلال حلولها ضيفة شرف على الدورة الثالثة والأربعين من معرض الشارقة الدولي للكتاب، أو الاحتفاء الذي حظيت به في إطار فعاليات العام الثقافي المغرب - قطر 2024. في هذا السياق، من اللافت للانتباه تتويج عددٍ كبير من الأدباء والمفكرين المغاربة بجوائز خارج المغرب، نذكر منهم الكاتب عبد الفتاح كيليطو الذي نال الجائزة الكبرى للفرنكوفونية، والفيلسوف طه عبد الرحمن الذي توج بجائزة الدوحة للكتاب العربي، والمفكر عبد السلام بن عبد العالي الفائز بجائزة سلطان بن علي العويس الثقافية، والشاعر عبد الكريم الطبال الفائز بجائزة أحمد شوقي الدولية للإبداع الشعري، والناقد سعيد يقطين الحاصل على جائزة الكويت في مجال العلوم الإنسانية والفنون والآداب. كما شهدت جائزة كتارا للرواية العربية تتويج كل من ياسين ڭني وبوشعيب الساوري في فرعي الروايات غير المنشورة والدراسات النقدية. وفي السينما، تجدر الإشادة بتجربة المخرجة أسماء المدير التي حصد فيلمها "كذب أبيض" جوائز عدة منها جائزة أفضل فيلم في مسابقة الأفلام الطويلة بالدورة الرابعة عشرة لمهرجان مالمو السويدي للسينما العربية".
استمرارية في وتيرة المعارض والمهرجانات واللقاءات الأدبية
أما بخصوص المسرح المغربي، فيرى اليملاحي أنه "يحتاج إلى المزيد من الدعم والتشجيع، خاصة على المستوى المحلي، فقد توج من خلال مسرحية "تكنزة قصة تودة" الفائزة بجائزة الشيخ الدكتور سلطان بن محمد القاسمي في الدورة الرابعة عشرة من مهرجان المسرح العربي ببغداد".
ويشير اليملاحي إلى الحضور المستمر لقضية فلسطين في الثقافة المغربية: "تزامناً مع تواصل عدوان الإبادة على غزّة، تميزت سنة 2024 بتعبئة ملحوظة لبعض الكتاب والمثقفين المغاربة الذين بادروا بمساندة أشقائهم الفلسطينيين من خلال منشوراتهم و تدويناتهم، بالإضافة إلى توقيع عرائض نددت بالتطبيع وطالبت بوقف العدوان الإسرائيلي على الشعب الفلسطيني الشقيق. ولعل أبرز هذه المجهودات خارج المغرب كان نجاح الشاعر عبد اللطيف اللَّعبي - بعد حملة إعلامية - في إقناع المسؤولين عن سوق الشعر بباريس بالإبقاء على دعوتهم للشعراء الفلسطينيين كضيوف شرف في الدورة المقبلة، تزامناً مع إعداد اللَّعبي لأنطولوجيا جديدة باللغة الفرنسية لشعراء غزة يترقب صدورها سنة 2025".
ويضيف صاحب روايتي "رواية أجنبية" (2017) و"استحضار نصب تذكاري في البندقية" (2023) (بالفرنسية): "ما من شك أن الساحة الثقافية المغربية في أمس الحاجة إلى المزيد من الجهود للرقي بمستوى النتاج الثقافي وتوسيع الفئات المستفيدة من آليات الدعم ومرافقة المشاريع الثقافية بشكل جاد ومتوازن. فإذا كانت بعض المدن المغربية كفاس وطنجة وتطوان وأصيلة ومراكش والصويرة وأكادير تنال، ولو بشكل متفاوت، نصيبها من البرمجة الثقافية، فإن مدناً أخرى ما زالت تعاني من التهميش والإقصاء".
ويوضِّح الناقد المغربي لـ "العربي الجديد": "إن تطوير القطاع الثقافي بالمغرب، كما في باقي الأقطار العربية، يحتاج أولاً وقبل كل شيء إلى إرادة سياسية ونظرة استراتيجية، بل وإلى إيمان قوي بدور الثقافة في النهوض بالوعي الاجتماعي ونشر الحس النقدي وتشجيع الطاقة الإبداعية. ولعل تلك الإرادة السياسية بدورها في حاجة إلى مواكبة جادة ومسؤولة من طرف الفاعلين في الحقل الثقافي والتربوي، ولا سيما الأساتذة والباحثين الجامعيين، إلى جانب الصحافيين والنقاد، والقائمين على المكتبات ودور النشر والمسارح والمعارض، بالإضافة إلى الجمعيات الثقافية، وعلى رأسها اتحاد كتاب المغرب الذي آن الأوان لتحريك عجلته وضخ نفس جديدٍ في فروعه".
ويتابع: "ينبغي التذكير بضرورة مضاعفة الجهود لتعزيز الروابط الثقافية وفرص الحوار وتبادل التجارب بين الكتاب والمفكرين المغاربة ونظرائهم في الجزائر وتونس وباقي الأقطار المغاربية، خاصة في ظل التفشي الخطير لخطابات الكراهية والعداء. يذكرنا المفكر الراحل عبد الكبير الخطيبي في مقدمة كتابه "التفكير في المغرب العربي" الصادر سنة 1993، بأن "المشروع المجتمعي المغاربي ليس حكراً على القرارات السياسية، بل يخص كذلك المجتمع المدني، وهنا يكمن دور المثقف الذي يتابع بوسائله الخاصة القوى اللاعقلانية التي توجه التاريخ". إن للثقافة المغاربية اليوم دوراً بالغ الأهمية في تجاوز الخلافات السياسية والتفكير في آفاق للعمل البناء ومواجهة التحديات المشتركة، ويتطلب الأمر حساً إبداعياً وجرأةً ثقافيةً تنقص مع الأسف معظم الفاعلين في المنطقة".
وكنظرة مستقبلية، ينبّه اليملاحي إلى أهمية "أن تعكس الأنشطة الثقافية في السنوات المقبلة، سواء داخل المغرب أو خارجه، التعددية اللغوية والثقافية المغربية، مع تفادي المقاربات السلبية والخطابات القدحية والحسابات الضيقة التي تسيء إلى سمعة المثقف المغربي وتعرقل المجهودات الفردية والجماعية في الساحة الثقافية. وفي هذا الإطار، من الضروري مساندة الحركية النوعية التي يعرفها قطاع الترجمة، لكونها حلقة وصل بين الفضاءات اللغوية وأداة ثمينة لنقل المحتويات الثقافية وإغناء النقاش العام. وتنبغي هنا الإشادة بمجهودات مترجمين مغاربة كعبد المجيد جحفة وحسن الطالب وإدريس الخضراوي وآخرين أغنوا الحقل الثقافي المغربي من خلال نقلهم لأعمال نقدية إلى اللغة العربية. وتجد هذه المجهودات امتداداً ملحوظاً خارج المغرب من خلال الاهتمام المتزايد بترجمة الكتاب المغاربة إلى لغات العالم، كما يشهد على ذلك مثلاً المجهود المتواصل للأكاديمي مغربي الأصل جوناس البستي لنقل أعمال الكاتب محمد شكري إلى اللغة الإنكليزية".
كما ينبّه اليملاحي إلى غياب أرشيفات ثقافية وفنية تحفظ ذاكرة المبديعن المغاربة: "فقدت الساحة الثقافية والفنية المغربية سنة 2024 مجموعة من الوجوه المرموقة والوازنة، نذكر منها الباحث المؤرخ عباس الجراري والكاتب القاص محمد إبراهيم بوعلو (أحد مؤسسي مجلة "أقلام" الشهيرة)، والممثلة القديرة نعيمة المشرقي والفنان الكوريغرافي لَحْسَنْ زينون، والممثل الرائد محمد الخلفي، والفنان الكوميدي مصطفى الداسوكين، والمغني الموهوب عبده شريف. ولعل غياب هذه الوجوه يطرح مجدداً سؤال الأرشيفات الثقافية والفنية بالمغرب، ويذكر بضرورة العمل الجاد لحفظ ذاكرة المبدعين المغاربة وضمان نقلها للأجيال القادمة".
ويختم اليملاحي حديثه لـ "العربي الجديد": "لا يسع المتتبع للساحة الثقافية المغربية إلا أن يثمن النشاط الملحوظ الذي عرفته السنة المنصرمة، مع تأكيد ضرورة بلورة مقاربة شمولية وبناءة للشأن الثقافي بشكل يثمن حصيلة المبادارت الثقافية ويقف عند نقاط الخلل والنقص لتصحيحها وتوفير الظروف للمزيد من الإبداع والعطاء في السنة الجديدة. فالمجتمع المغربي، على تعدد فئاته واختلاف مرجعياته وتطلعاته، يبقى شغوفاً بالمسألة الثقافية، خاصة عندما تهتم بقضاياه المباشرة وتخاطب ذاكرته وهواجسه لترسم معه معالم المستقبل".
فدوى الزياني: وقوف عند الجوائز
تقول الشاعرة فدوى الزياني (1975) لـ "العربي الجديد" إن 2024 "كان عاما سريعا مليئا بالخسارات، وخيبة كبيرة أحاطت بالحياة العامة الثقافية العربية والإنسانية، رغم ذلك برزت بعض الفعاليّات والأحداث التي أذابت بعض المرارة العالقة في حناجرنا من بينها فوز الشاعر المغربي عبد الكريم الطبال بجائزة الأمير عبد الله بن فيصل للشِّعر العربي، في موسمها الخامس لعام 2024 وكذلك بجائزة أحمد شوقي في موسمها الثالث، فوز جدير ومستحق لشاعر يُعد من أهم روَّاد الحداثة الشعرية في المغرب، بحصيلة كبيرة من الكتب والإصدارات الشِّعرية، إضافة إلى مسيرة إبداعية تمتد لأكثر من ستة عقود، وتجربة شِعرية معاصرة مع المحافظة على روح الشِّعر بحرص وتفرّد، متحولا في تجديده وحداثته مع تطورات الشّعر العربي المعاصر".
وحول الجوائز الثقافية، تضيف ابنة مدينة زاكورة المغربية: "جائزة أخرى للثقافة المغربية منحتها الأكاديمية الفرنسية للكاتب المغربي عبد الفتاح كيليطو وهي الجائزة الكبرى للفرنكوفونية لعام 2024، وفقاً لبيان أصدرته المؤسسة. تأتي هذه الجائزة اعترافاً بإسهاماته البارزة في الحفاظ على اللغة الفرنسية وتعزيز دورها على المستوى الدولي، يُعد فوز كيليطو بالجائزة الكبرى للفرنكوفونية تتويجاً لمسيرته الأدبية والأكاديمية المتميزة عربيا وعلى صعيد الدول الناطقة بالفرنسية".
وتضيف الزياني: "أما بالنسبة لجائزة الأركانة العالمية للشّعر التي يمنحُها بيت الشعر في المغرب ومؤسسة الرّعاية لصندوق الإيداع والتدبير بالتعاوُن مع وزارة الشباب والثقافة والتواصل، فقد كانت هذا العام من نصيب الشَّاعر البحريني قاسم حداد". وتضيف الزياني: "لعلّ الوتيرة السريعة لسير أحداث العام، أنستني أحداثا وأسماء لمعت خلاله لكنني أحمل آمالا وأمنيات بعام جديد ربما يكون أفضل".
يستمرّ تهميش مدن مغربية في ما يخص البرمجة الثقافية
وتختم صاحبة ديوان "خدعة النور في آخر الممر" لـ"العربي الجديد": "يأبى 2024 أن يغادرنا إلا وهو يأخذ برفقته اسماً كبيراً وعزيزاً علينا وهو الشاعر المغربي الراحل محمد عنيبة الحمري صاحب "الحبّ مهزلة القرون" و"الشوق للإبحار" وإصدارات شعرية علاوة على مجموعة من الدراسات النقدية والأدبية المختلفة، من أهمها "إعدام الشعراء"، و"حين يخطئ الموت طريقه"، لكن الموت للأسف لم يخطئ طريقه هذه المرة".
عبد المجيد سباطة: حتى لا تتحول الصناعة الثقافية إلى رطانة
يقول الكاتب والمترجم عبد المجيد سباطة (1989) لـ "العربي الجديد": "أنظر دوماً إلى "المعرض الدولي للنشر والكتاب" باعتباره أبرز حدث ثقافي تشهده البلاد كل سنة، ربما لكونه فرصتي الأثيرة في اقتناء ما أريده من عناوين غائبة عن المكتبات في باقي الأيام، وسبيلا لتجديد اللقاء أيضا بالمبدعين الذين أشاطرهم هموم الكتابة، والقراء الذين أحترمهم وأقدرهم وأسعى قدر الإمكان للتفاعل مع تساؤلاتهم وتطلعاتهم. ورغم الكثير من التحفظات، حول الدورات الأخيرة، وثنائية التركيز على الشكل والبهرجة مقابل الإهمال النسبي للمضمون، إلا أن الحماس الذي يعتريك مع اقتراب موعده كل سنة، أكبر من كل تلك التفاصيل.
ويضيف سباطة: "شهدت هذه السنة أيضا اختيار مدينة مراكش عاصمة الثقافة في العالم الإسلامي 2024، حيث أعلنت منظمة الإيسيسكو ووزارة الثقافة المغربية عن برنامج احتفالي تواصلت فعالياته طيلة عام كامل، تضمن أنشطة ثقافية وفنية متنوعة، احتفاءً بمراكش، التي تستحق، بتاريخها الممتد عبر قرون، والأحداث المفصلية والجسيمة التي مرت بها، أن يحتفى بعراقتها وثرائها، لا فقط بتكريس صورة نمطية فولكلورية عنها.
لا بد من الإشارة أيضا إلى حضور المغرب في فعاليات ثقافية عربية، مع اختياره مثلا ضيف شرف معرض الشارقة للكتاب، أحد أكبر المعارض العربية وربما الدولية، وأيضا مشاركته في مهرجان كتارا للرواية العربية بقطر، الذي اختار الأديب المغربي التهامي الوزاني شخصية الدورة".
اهتمامٌ بالدراسات ما بعد الكولونيالية والقضايا الأفريقية
أما "الأحداث الثقافية التي ظلَّت حلمًا لقادم الأعوام؟" فيقول صاحب رواية "الملف 42": "أنظر إلى الموضوع بنوع من الشمولية، التي تتجاوز تمني تنظيم فعاليات أو أحداث ثقافية بعينها، إلى سؤال وضع وحالة الثقافة المغربية بمفهومها الواسع، لذلك لا أتمنى سوى أن يتم النظر إليها باعتبارها ضرورة وجودية، لها دورها الأساسي في نهضة البلاد، لا مجرد ترفيه أو كماليات، تخصص لها أقل الميزانيات، ولا تسعى سوى لتشجيع صورة كاريكاتورية عن "الثقافة".
ويختم عبد المجيد سباطة حديثه إلى "العربي الجديد": "ما أحوجنا أيضا لنهوض حقيقي بقطاعات "الصناعة الثقافية"، لا تحول هذا المصطلح إلى ما يشبه الرطانة التي يرددها الجميع (مع ما توحي به من ثقل وعمق وبعد نظر)، لكن دون أدنى فهم لمغزاها".
إدريس الخضراوي: مكانة الثقافة في التنمية الاجتماعيّة
في حديثه إلى "العربي الجديد"، يقول الباحث المغربي إدريس الخضراوي: "من بين الأحداث التي تَلفتُ الانتباه، التظاهرة الثقافيّة الكبرى المتمثلة في المعرض الدولي للكتاب والنّشر الذي احتضنته الرباط في حزيران/ يونيو الماضي، وشكّل مناسبةً للتعريف بالإنتاج المغربي في مجال الكتابة والنّشر، وفرصة للمثقفين والكتّاب والقرّاء ليس فقط للاطلاع على جديد حركة النّشر في العالم العربي، وفي أوروبا والعالم، وإنّما أيضاً في تعميق المعرفة بأسئلة الأدب والثقافة والإعلام الثقافي في عالم يتغيّر بوتيرة متسارعة".
كما يشير الأستاذ في "جامعة القاضي عياض" بمراكش إلى "النّدوة الدوليّة التي نظمتها أكاديميّة المملكة المغربيّة بالرباط يوم 27 تشرين الثاني/ نوفمبر 2024 تكريماً للروائي العالمي جون ماري جوستاف لوكليزيو، وفي إطار كرسي الأدب المقارن الذي أحدثته هذه المؤسّسة للتعريف بالآداب والثقافات المختلفة، بوصفها حدثًا ثقافيًّا بالغ الأهميّة. إن رمزية هذه الندوة، كما هو الحال بالنسبة لكلّ تظاهرة علميّة تتقصّد تقديم معرفة عميقة بالإشكاليّات التي تفكّر فيها، تتمثّل بالأساس في المزاوجة بين ترسيخ قيم الاعتراف بالإسهام الإنساني والثقافي الذي نهض به هذا الرّوائي خدمةً للإنسانيّة في طموحها إلى التواصل واللقاء والتفاوض، وبين المهمّة العلميّة الواقعة في صميم الدراسة الأدبيّة والمقاربات المقارنيّة". ويتابع: "لنقل إنّ الحديث عن الأحداث الثقافيّة التي عرفها المغرب خلال العام 2024 يظلّ ناقصاً إذا لم نذكر تظاهرة جائزة الأركانة العالميّة للشّعر التي تمنحها سنويًّا جمعيّة بيت الشعر في المغرب. وقد مُنحَتِ الجائزة هذا العام للشاعر البحريني قاسم حداد".
ويختتم صاحب كتاب "الرواية العربية وأسئلة ما بعد الاستعمار"، حديثه لـ "العربي الجديد": "لا شكّ أن هذه الفعاليّات لا تَختزلُ الديناميّة الثقافيّة التي يشهدها المغرب، ومع ذلك يظلّ الأمل قائماً بأن تتبوأ الثقافة المكانة التي هي حقيقة بها في التنمية الاجتماعيّة، وفي إشعاع المغرب عالميّاً كفضاء للحوار والتفاعل بين الثقافات".
فاضمة نايتخويا لحسن: تطلّع إلى المدرسة والجامعة
ترى الناقدة فاضمة نايتخويا لحسن (1988)، ابنة مدينة أزيلال المغربية أن "المشهد الثقافي في المغرب يشهد نوعاً من الزخم على مستوى الأحداث والمناسبات الثقافية وتنوعها" ومن أبرز هذه الأحداث التي تشير إليها: "المهرجانات السينمائية المزروعة على جميع جهات المملكة ومدنها تقريبا والتي تعطي انطباعا إيجابيا بخصوص الصناعة السينمائية إذ تساهم هذه المهرجانات في التعرف على مجموعة من الأفلام الجديدة ومناقشتها. إضافة إلى ما تتضمنه هذه المهرجانات من ندوات فكرية وإصدارات نقدية جديدة تهم الفن السابع ببلادنا. ومن بين هذه المهرجانات نذكر المهرجان الدولي للفيلم بمراكش ومهرجان الفيلم الوثائقي بخريبكة والمهرجان الوطني للفيلم بطنجة ومهرجان تصميت للسينما والنقد ببني ملال ... واللائحة طويلة طبعاً".
كما تشير لحسن إلى "مهرجان الشعر المغربي الذي تنظمه دار الشعر بمراكش بشراكة مع دائرة الثقافة بالشارقة في دورته السادسة" الذي ترى أن "أهميته تكمن في احتفائه بالشعراء الشباب وكذا النقاد في مجال الشعر المغربي وهو حدث بارز في نظري لأنه يوسّع دائرة تداول الخطاب الشعري ويفتح آفاقا إبداعية أمام الشباب المغاربة المبدعين والنقاد ويضم فقرات وورشات غاية في الأهمية للناشئة لتقريبهم من جماليات الإبداع الشعري"، كما تشير أيضاً إلى "معرض الفرس بالجديدة وهو حدث له أبعاد متعددة ثقافية واجتماعية واقتصادية وهو فرصة للتعريف بتراثنا الثقافي الغني".
وتختم لحسن حديثها لـ "العربي الجديد": في ما يخص آمالنا الثقافية في المستقبل وفي القادم من الأعوام فهي إنجاز مشاريع ثقافية ذات علاقة بالمدرسة والجامعة المغربيتين. وبناء تصورات ثقافية واضحة الأهداف والغايات وتنزيلها بجميع مدن بلدنا العزيز".