يُعدّ "بازار بيفرفايك" في هولندا أحد أكبر الأسواق في القارة الأوروبيّة، ويمتدّ على مساحة 75 ألف متر مربع، ويقصده أكثر من خمسين ألف زائر أسبوعيّاً. يشتهر ببيع الحليّ والمجوهرات، ويمكن القول إنّه أكبر سوق للذهب في أوروبا. منذ افتتاحه في عام 1980، جذب نحو 14 ألف زائر و500 تاجر. وقبل إتمامه عقوده الثلاثة، وصل عدد زائريه إلى خمسين مليوناً.
التنقّل في أحيائه الداخليّة يذكّر المرء بأسواق دمشق أو مراكش أو تونس أو بازار إسطنبول. على الرغم من أنّ اسم البازار يوحي بأسواق الشرق، إلّا أنّه يضمّ نحو خمسين جنسيّة وألف محلٍّ أو بسطة تنقل الزائر من عالمٍ إلى آخر، ومن ثقافةٍ إلى أخرى. يبرز حضور الأتراك والمغاربة والعرب. وبعدَ توسيعه، حضر الصينيّون إليه بالإضافة إلى جنسيّات آسيويّة أُخرى، خصوصاً بعدما صار الدخول إلى البازار مجانيّاً قبل عام ونصف العام. في السابق، كان الزائر يدفع ثلاثة يوروهات مقابل ذلك.
في السوق مرافق مجهّزة لاستيعاب هذه الأعداد الضخمة من الزائرين، منها ملاعب للأطفال ومواقف للسيارات ومسجد وغيرها، بالإضافة إلى البوليفار أو شارع التسوّق الرئيسي، الذي يضمّ تسعة مباني ضخمة. جميلةٌ هي ألوان التوابل والحلويات والأزياء التي تعود إلى ثقافات مختلفة في السوق. روائح الأطعمة الهنديّة والأفريقية وشرق المتوسّطيّة تختلط مع بعضها بعضاً. وتعلو أعلام تركيا والمغرب والعراق ومصر وأفغانستان والصين وتايوان وبنغلادش وهولندا المتاجر والمطاعم. يقصده زائرون من مختلف أنحاء العالم، لا سيّما أهل البلد (الهولنديّون) إذ يشكّل هذا السوق فرصة بالنسبة إليهم للتعرّف على ثقافات الوافدين إلى بلادهم، ويحظون بفرصة تذوّق أطباق نحو 65 مطبخاً عالميّاً.
لا يقصد المهاجرون السوق للتسوّق فحسب. بالنسبة إليهم، هو فرصة للّقاء والتخفيف من الشعور بالغربة. حين زار محمد السوق لأوّل مرّة، شعر بأنّه عاد فجأة إلى أسواق دمشق. كان يكفيه النظر إلى وجوه الباعة والمتسوّقين والبضائع. من جهة أخرى، فإنّ الأسعار في هذا السوق مقبولة. يقول لـ "العربي الجديد" إنه تنقّل بين أربع قارات خلال وجوده في بازار بيفرفايك. اشترى أغراضاً بنحو عشرة يوروهات. "أردت التعرّف على السوق فقط". في وقت لاحق، اصطحب عائلته التي وصلت حديثاً إلى هولندا من سورية، لافتاً إلى قضائهم وقتاً ممتعاً، خصوصاً أنّ عائلات كثيرة تتحدّث اللغة العربيّة، وهو ما تفتقده العائلة في مقرّ إقامتها في إحدى قرى الريف الشمالي. ويعبّر محمد عن فرحه إذ "استطعت شراء ما اعتاد أهلي شراءه في الماضي".
اقــرأ أيضاً
من جهته، عبد الحق هو صاحب بسطة للبضائع البنغلادشيّة، وجد في السوق مصدر رزق شرعي له. يقول لـ "العربي الجديد" إنّه عرض مشروعه على بلديّته الواقعة شمال العاصمة أمستردام والقريبة من موقع البازار، وحصل على قرض لاستئجار مساحة داخل البازار واستيراد البضائع. يتحدّث اللغة الهولندية والإنكليزية بطلاقة، بالإضافة إلى تمكّنه من بعض العبارات العربيّة والكرديّة والإيرانيّة، نتيجة احتكاكه المتواصل بالتجار وزائري السوق. يضيف أنّ "أبناء جاليتي يأتون إلى البازار للّقاء والاستراحة. وغالباً، لا يكترث أبناء الجالية البنغالية بالتسوّق، إذ إنّ البضائع والمنتجات البنغالية موجودة في مختلف المتاجر والمولات، مما يعني أنّ السوق بالنسبة إليهم هو بمثابة فضاء ضخم للّقاء".
يتمتّع البازار بسمعة جيّدة لدى المتسوّقين في هولندا، وإن كانت قد تعرّضت لهزّات في الماضي وانتقادات بسبب تشغيل القصّر والتجارة "غير المشروعة" والتهرّب من الضرائب. في البداية، حمل السوق اسم "السوق السوداء"، وقد أسّسه رجل أعمال هولندي للتجارة بالبضائع والسيارات المستعملة، قبل أن يتحوّل إلى ما هو عليه اليوم. وتضع إدارة البازار التعاون مع الحكومة الهولندية ومصلحة الضرائب في سلّم أولويّاتها، مما يشجّع على تدفّق الاستثمارات التركية والصينية وغيرها، فيؤدّي بالتالي إلى نهضة البازار.
أمّا علي، وهو تاجر هولندي من أصل تركي، فقد تسلّم أعمال والده المتقاعد. يشير إلى أنّ "البضاعة الموجودة في الدكاكين تذكّرني بأسواق الشرق"، لافتاً إلى أن زبائنه ليسوا أتراكاً دائماً. في محلّه، يبيع الحلويات والفاكهة المجففة والمكسرات، ويقصده هولنديون ومغاربة وإيرانيون وعراقيون. يضيف لـ "العربي الجديد" أنّه لا يرى نفسه بائعاً للحلويات فقط، "بل أحرص على التعريف على ثقافة بلادي".
لا تقتصر الثقافة الإسلامية على البضائع والمفروشات والمسجد الكبير، بل تنتشر في بعض الزوايا كتب ومراجع دينية بلغات مختلفة، منها الهولندية والعربية والتركية. هذا التنوّع يغني السوق ولا تنتج عنه أية آثار سلبيّة. في السوق انسجام بين التجار والزائرين، الذين يتذكرون بلدانهم في نهاية كلّ أسبوع. تجدر الإشارة إلى أنّ البازار يُعدّ أحد أوجه السياحة في البلاد، وهو مُدرج على لوائح الشركات السياحية.
اقــرأ أيضاً
التنقّل في أحيائه الداخليّة يذكّر المرء بأسواق دمشق أو مراكش أو تونس أو بازار إسطنبول. على الرغم من أنّ اسم البازار يوحي بأسواق الشرق، إلّا أنّه يضمّ نحو خمسين جنسيّة وألف محلٍّ أو بسطة تنقل الزائر من عالمٍ إلى آخر، ومن ثقافةٍ إلى أخرى. يبرز حضور الأتراك والمغاربة والعرب. وبعدَ توسيعه، حضر الصينيّون إليه بالإضافة إلى جنسيّات آسيويّة أُخرى، خصوصاً بعدما صار الدخول إلى البازار مجانيّاً قبل عام ونصف العام. في السابق، كان الزائر يدفع ثلاثة يوروهات مقابل ذلك.
في السوق مرافق مجهّزة لاستيعاب هذه الأعداد الضخمة من الزائرين، منها ملاعب للأطفال ومواقف للسيارات ومسجد وغيرها، بالإضافة إلى البوليفار أو شارع التسوّق الرئيسي، الذي يضمّ تسعة مباني ضخمة. جميلةٌ هي ألوان التوابل والحلويات والأزياء التي تعود إلى ثقافات مختلفة في السوق. روائح الأطعمة الهنديّة والأفريقية وشرق المتوسّطيّة تختلط مع بعضها بعضاً. وتعلو أعلام تركيا والمغرب والعراق ومصر وأفغانستان والصين وتايوان وبنغلادش وهولندا المتاجر والمطاعم. يقصده زائرون من مختلف أنحاء العالم، لا سيّما أهل البلد (الهولنديّون) إذ يشكّل هذا السوق فرصة بالنسبة إليهم للتعرّف على ثقافات الوافدين إلى بلادهم، ويحظون بفرصة تذوّق أطباق نحو 65 مطبخاً عالميّاً.
لا يقصد المهاجرون السوق للتسوّق فحسب. بالنسبة إليهم، هو فرصة للّقاء والتخفيف من الشعور بالغربة. حين زار محمد السوق لأوّل مرّة، شعر بأنّه عاد فجأة إلى أسواق دمشق. كان يكفيه النظر إلى وجوه الباعة والمتسوّقين والبضائع. من جهة أخرى، فإنّ الأسعار في هذا السوق مقبولة. يقول لـ "العربي الجديد" إنه تنقّل بين أربع قارات خلال وجوده في بازار بيفرفايك. اشترى أغراضاً بنحو عشرة يوروهات. "أردت التعرّف على السوق فقط". في وقت لاحق، اصطحب عائلته التي وصلت حديثاً إلى هولندا من سورية، لافتاً إلى قضائهم وقتاً ممتعاً، خصوصاً أنّ عائلات كثيرة تتحدّث اللغة العربيّة، وهو ما تفتقده العائلة في مقرّ إقامتها في إحدى قرى الريف الشمالي. ويعبّر محمد عن فرحه إذ "استطعت شراء ما اعتاد أهلي شراءه في الماضي".
من جهته، عبد الحق هو صاحب بسطة للبضائع البنغلادشيّة، وجد في السوق مصدر رزق شرعي له. يقول لـ "العربي الجديد" إنّه عرض مشروعه على بلديّته الواقعة شمال العاصمة أمستردام والقريبة من موقع البازار، وحصل على قرض لاستئجار مساحة داخل البازار واستيراد البضائع. يتحدّث اللغة الهولندية والإنكليزية بطلاقة، بالإضافة إلى تمكّنه من بعض العبارات العربيّة والكرديّة والإيرانيّة، نتيجة احتكاكه المتواصل بالتجار وزائري السوق. يضيف أنّ "أبناء جاليتي يأتون إلى البازار للّقاء والاستراحة. وغالباً، لا يكترث أبناء الجالية البنغالية بالتسوّق، إذ إنّ البضائع والمنتجات البنغالية موجودة في مختلف المتاجر والمولات، مما يعني أنّ السوق بالنسبة إليهم هو بمثابة فضاء ضخم للّقاء".
يتمتّع البازار بسمعة جيّدة لدى المتسوّقين في هولندا، وإن كانت قد تعرّضت لهزّات في الماضي وانتقادات بسبب تشغيل القصّر والتجارة "غير المشروعة" والتهرّب من الضرائب. في البداية، حمل السوق اسم "السوق السوداء"، وقد أسّسه رجل أعمال هولندي للتجارة بالبضائع والسيارات المستعملة، قبل أن يتحوّل إلى ما هو عليه اليوم. وتضع إدارة البازار التعاون مع الحكومة الهولندية ومصلحة الضرائب في سلّم أولويّاتها، مما يشجّع على تدفّق الاستثمارات التركية والصينية وغيرها، فيؤدّي بالتالي إلى نهضة البازار.
أمّا علي، وهو تاجر هولندي من أصل تركي، فقد تسلّم أعمال والده المتقاعد. يشير إلى أنّ "البضاعة الموجودة في الدكاكين تذكّرني بأسواق الشرق"، لافتاً إلى أن زبائنه ليسوا أتراكاً دائماً. في محلّه، يبيع الحلويات والفاكهة المجففة والمكسرات، ويقصده هولنديون ومغاربة وإيرانيون وعراقيون. يضيف لـ "العربي الجديد" أنّه لا يرى نفسه بائعاً للحلويات فقط، "بل أحرص على التعريف على ثقافة بلادي".
لا تقتصر الثقافة الإسلامية على البضائع والمفروشات والمسجد الكبير، بل تنتشر في بعض الزوايا كتب ومراجع دينية بلغات مختلفة، منها الهولندية والعربية والتركية. هذا التنوّع يغني السوق ولا تنتج عنه أية آثار سلبيّة. في السوق انسجام بين التجار والزائرين، الذين يتذكرون بلدانهم في نهاية كلّ أسبوع. تجدر الإشارة إلى أنّ البازار يُعدّ أحد أوجه السياحة في البلاد، وهو مُدرج على لوائح الشركات السياحية.