تتعدّد اهتمامات الباحث البريطاني جيمس أونلي بتاريخ شبه الجزيرة العربية الحديث، بين العلاقات الممتدّة مع الجوار الإيراني والهندي والأفريقي، وتنافُس القوى الاستعمارية الأوروربية على المنطقة، والتأثيرات المختلفة على الثقافة والمجتمع في الخليج وتحولاتهما في العقود الأخيرة.
"الهنود في الخليج، منذ عام 2600 قبل الميلاد إلى الوقت الحاضر" عنوان محاضرته التي يلقيها عند الخامسة والنصف من مساء اليوم الأربعاء في "مكتبة قطر الوطنية" بالدوحة، على هامش معرض "قطر والهند والخليج: التاريخ والثقافة والمجتمع" الذي انطلق في تشرين الثاني/ نوفمبر الماضي ويتواصل حتى شباط/ فبراير المقبل.
يعود المحاضر إلى دراسة سابقة أصدرها بعنوان "المجتمعات الهندية في الخليج" (2014)، والتي يتناول فيها وصول العديد من العائلات القادمة من الهند إلى البحرين وجزيرة كيتش في الخليج نهاية القرن التاسع عشر، وكان الكثير منهم من الأثرياء الذين يمتهنون التجارة ويشكلّون نخبة مؤثّرة في مجتمعاتهم.
ويشير أونلي إلى أن حضورهم يمتّد إلى ألفي سنة قبل الميلاد على أقل تقدير، مستعرضاً ما أوردته العديد من المصادر التاريخية، ومنها كتاب أبو زيد حسن بن يزيد السيرافي الذي وضعه في القرن التاسع الميلادي، وتحدّث فيه عن حوالي مئة تاجر هندي في أحد موانئ إيران المطلّة على الخليج.
ورجوعاً إلى السجلات الهولندية، بحسب أونلي، فإن ثاني أكبر التجمّعات الهندية في الجزيرة العربية بعد المنامة كانت مدينتي مسقط ومطرح العُمانيتيْن، بالنظر إلى أن جلّ العلاقات التي تربط الهند والخليج كانت تمرّ عبر التجارة بشكل أساسي، وهذه المدن كانت حواضر اقتصادية مهمّة.
ويوضّح أن موانئ الخليج كان تستورد من الهند آنذاك بضائع متعدّدة مثل الخشب والمعدن والقماش والأرز والقهوة والشاي والسكر والسمن والتوابل، وكانت تصدّر مقابل ذلك اللؤلؤ والعصيدة والخيول والتمر، وكانت التعاملات النقدية بالدراهم والدنانير المحلية أو بالروبية الهندية، كما يلفت إلى الصلات التاريخية التي كانت تربط عدد من العائلات، بعضها يحكم بلداناً خليجية اليوم، وبين أسَر مختلفة في الهند.
يُذكر أن معرض "قطر والهند والخليج: التاريخ والثقافة والمجتمع" يستكشف أبعاداً متعدّدة للصلات الاقتصادية والسياسية والثقافية، والتأثير اللغوي المتبادل في النظام الكتابي واقتراض المفردات والأمثال والحكم، وصولاً إلى المطبخ الذي شهد أيضاً تفاعلاً كبيراً على مدى قرون ماضية.