العدالة الانتقالية أحد المواضيع التي اهتمّت بها دراسات تضمّنها العدد الجديد من مجلة "المنتقى"، التي صدرت حديثاً عن "المركز العربي للأبحاث ودراسة السياسات"، كما احتوت الدورية العلمية المحكمة مجموعة من الأوراق البحثية والمراجعات في مواضيع مختلفة.
ينطلق العدد السادس من "المنتقى" التي تُعنى بالعلوم الاجتماعية والإنسانية، وتصدر باللغة الإنكليزية، من دراسة للباحث التونسي عدنان نويوة تحت عنوان "مكافحة الفساد في إطار العدالة الانتقالية وأثرها في الانتقال الديمقراطي في تونس".
وفيها يسعى الباحث إلى الإجابة عن "السؤال المحوري المتعلّق بمدى مساهمة خيار إدماج مهمة مكافحة الفساد في إطار العدالة الانتقالية في خدمة مسار الانتقال الديمقراطي في تونس"، وتتعمق الدراسة في الصعوبات القانونية والعملية التي واجهت هذه العملية.
وتحت عنوان "العدالة الانتقالية في ليبيا تشريعات عديدة بلا مردود في الواقع"، يكتب الباحث الليبي محمود حمد عن العدالة الانتقالية منذ سقوط معمر القذافي. ويرى أنه خلافاً للعديد من البلدان التي تعاني ندرة تشريعات العدالة الانتقالية، فقد تمّ إصدار العديد من الإعلانات والقوانين والمراسيم الدستورية ذات الصلة بليبيا.
تبين الدراسة أن هذه العملية واجهت عدة معوقات خطيرة، أبرزها غياب التخطيط والاستراتيجية التشريعية، وعدم وجود حوار فعال بين الأطراف المشاركة في العملية التشريعية، وتدني جودة الصياغة.
يشارك في العدد الباحث محمد عبد الرحمن حسن بدراسة تتناول "المصادر التاريخية العربية للأسطورة المؤسسة للهوية الغربية: بين تاريخَي فتح أميركا وفتح الأندلس". وتكشف الدراسة أن المعرفة التاريخية الغربية الحديثة تتصل بالمعرفة العربية أكثر من اتصالها بأصل إغريقي - روماني خالص، خلافًا لما هو رائج في الفكر الغربي الحديث والمعاصر.
كذلك تقارن الدراسة النصوص التي كتبها المؤرخون الإسبان عن فتح أميركا في القرن السادس عشر الميلادي بالنصوص العربية التي كُتبت عن فتح الأندلس في القرنين التاسع والعاشر للهجرة.
أما الدراسة الرابعة "محدودية نظرية الاختيار العقلاني في سوسيولوجيا الحركات الاجتماعية: حالتا حركة ’20 فبراير‘ وحراك الريف في المغرب"، ويتناول فيها الباحث المغربي محمد النعيمي حركات الخريجين العاطلين في المغرب,
وتُبين دراسة النعيمي أن نظرية الاختيار العقلاني لم تنجح في التفسير المنهجي والإبستيمولوجي لحركات تحفيزاتها رمزيةٌ كمُتَع النضال وتأكيد الذات، ورهاناتها قيمٌ لامادية كالحرية والكرامة، كما هو شأن حركة "20 فبراير" وحراك الريف.
يضم العدد مراجعة لكتاب "مستقطب وغير معبأ: ميراث الاستبداد في فلسطين" لدانا الكرد
وتتناول رجاء عنقود، في دراستها "البروسبوغرافيا: منهج لدراسة النخب والفئات الاجتماعية، محاولة تعريف"، البروسبوغرافيا Prosopographie، أو البيوغرافيا الجماعية، بوصفها مقاربة أو منهجًا مساعدًا في البحث التاريخي.
وتركز البروسبوغرافيا على البحث في الخصائص المشتركة لمجموعة من الفاعلين التاريخيين الذين ينتمون إلى فئة محدّدة، وكذا دراسة مميزاتهم الخارجية المتشابهة والمختلفة ومسار حياتهم، وجمع بيانات عن الظواهر التي تتجاوز الحياة الفردية إلى المظاهر المشتركة في حياة هؤلاء الأفراد.
وقد انتقلت البروسبوغرافيا من منهج خاص بالتاريخ القديم إلى منهج يعتمده المؤرخون الاجتماعيون لدراسة الفئات الاجتماعية في التاريخ الوسيط والحديث والمعاصر.
وأدى استعمال البروسبوغرافيا في البحث التاريخي في هذه الحقب إلى الخروج بخلاصات جديدة أو مختلفة عن الأبحاث الأخرى، خاصة عندما تكون المعطيات نادرة، والمصادر المكتوبة غير متوافرة، أو يكون الأرشيف مفقودًا.
ويضم ّباب "المؤشر العربي"، دراسةٌ تتناول "سياسة الولايات المتحدة من منظور الرأي العام العربي: بيانات من السعودية والكويت"، من إعداد دانا الكرد، تهدف إلى استطلاع رأي المستجيبين الخليجيين في السياسة الخارجية الأميركية تجاه دول الخليج، ولا سيما السعودية والكويت.
وتجد الدراسة أن الكويتيين، الذين يتمتعون بحرية في التعبير تفوق حرية نظرائهم السعوديين، سجلوا المستوى الأعلى في شجب سياسات الولايات المتحدة في السنوات الخمس الأخيرة. في حين اتسمت استجابات السعوديين بأكبر نسبة عدم إجابة؛ ما يشير إلى عدم ارتياحهم للنقاش في هذه المسألة، وقد يعود ذلك إلى انعدام مساحة التعبير عن الرأي.
وفي باب "المراجعات والنقاشات النقدية"، مراجعة لكتاب "مستقطب وغير معبأ: ميراث الاستبداد في فلسطين" لدانا الكرد، أعدتها أنوار محاجنة. وهو أول كتاب يصدر لسلسلة المركز العربي للأبحاث ودراسة السياسات باللغة الإنكليزية، والتي تصدر عن دار "هيرست أكسفورد".