"المنتج عاوز كده" الأغنية العربية بيد المال الخليجي

06 مايو 2015
عبده وأحلام والماجد والمهندس أشهر من يقدم الأغنيات الخاصة
+ الخط -
لا ينكر أحد أن سطوة "المال/المنتج"، هي المحرك الأساسي للأغنية العربية هذه الأيام. وفي ظل انحسار شركات الإنتاج، ولجوء من تبقى منها إلى وسائل التواصل الاجتماعي لترويج بعض أعمال مطربيها، تظل الأغنية العربية ومقدار تطورها أو انحسارها مرهونين بيد صاحب المال الذي يحركها كيفما أراد، من ناحية المواضيع أو الأفكار، وحتى نوع ولون الموسيقى المستخدمة، في وقت باتت نظرية "الجمهور عاوز كده" من مخلفات الماضي، وحل مكانها "المنتج عاوز كده".

وشركات الإنتاج العربية، صارت بضاعتها تُعد على أصابع اليد الواحدة سنويا، رغم الزيادة "المفضوحة" في عدد المطربين الذين يتكاثرون يومياً، و"يفقسون كالبيض" بشكل آلي، وحتى الشركات الكبيرة مثل روتانا لجأت مؤخراً إلى طريقة طرح "ميني ألبوم" بأربع أغنيات، توفيراً للوقت والجهد، والمال طبعاً، في سبيل إبقاء تواجدها على الساحة الفنية العربية.

زمن شركات الإنتاج وبرستيج المدراء ولّى إلى غير رجعة، فالتكنولوجيا الحديثة، وسرعة انتشار أي سلعة، قضت نهائيا على سوق الكاسيت أولا، ثم أكلت التكنولوجيا نفسها بعد اختراع الـ"سي دي"، وحل مكانه فوراً النظام الرقمي في الهواتف الحديثة ومشتقاتها من "الآي باد والتاب" وغيرها، بالتوازي مع انتشار مواقع كثيرة للتواصل الاجتماعي، ثم تخصيص مواقع معينة لترويج الأغنيات، ففي العصر الرقمي التكنولوجي صار ترويج أي أغنية يمر بكبسة زر فعلاًّ!.


برستيج المطربين والمطربات، بعد أن كان صدور الألبوم هو سر تواجدهم الفعلي بين الناس، انتهى، فحتى مغنيات الإثارة لم يسلمن هن الآخريات من ركود سوق بضاعتهن في سوق النخاسة الغنائي، بسبب زيادة المعروض عن الطلب، فقل وهجهن، كما قل وهج شركات الإنتاج. فصارت الصورة هي الفيصل في الوصول إلى الجمهور في عصر الأغنية التي تعتمد على هز الأرداف ليس أكثر.

وفي الوقت الذي اختفت غالبية مطربات الابتذال ولم يبق منهن إلا من لها "روافع مالية"، لجأت شركات الإنتاج إلى إبقاء نفسها في السوق عبر طريقتين، الأولى: إقامة المهرجانات الغنائية، والثانية: "تفقيس" برامج اكتشاف المواهب،. وفي الحالتين التنافس يبقى فقط على نيل "البرستيج" والحضور قبل أي شيء آخر.

المطربون والمطربات، الذين ملوا من وعود شركات الإنتاج، وتوارى بعضهم عن الساحة الفنية، وجدوا حلاً سحرياً يضمن بقاءهم على قيد الحياة فنياً، فبعد أن نجوا من مقصلة الإبعاد والابتعاد، لجأوا إلى حلين ليظلوا أحياءً فنياً، فهم فيما صار ظهورهم في المهرجانات الكبرى أو إصدار أغنيات لجمهورهم برستيجا يلجأون إليه في حالات معينة؛ صارت الأغنيات الخاصة وحفلات الأعراس ديدنهم الحقيقي، ليبقوا مستفيدين من الفورة الفنية التي تتركز في منطقة الخليج العربي حصراً، فصاروا تحت الطلب في إحياء الأعراس والمناسبات الخاصة على كثرتها، أو يعيشون في الاستديوهات لتسجيل أصواتهم على أغنيات خاصة لمنتجين خليجيين حصراً يقدمون أنفسهم للجمهور بأسماء مستعارة. ومن يطالع صفحات الفيسبوك والأنستغرام وتغريدات الفنانين على "تويتر"، يجد أن هؤلاء ينتقلون من عرس إلى آخر، ومن استديو إلى الذي يليه في حراك مكوكي، هدفه الظاهر المشاركة في فورة الحراك الفني الخليجي، وهدفه الخفي، الحصول على أكبر كم من الأموال المعروضة، بحيث باتت "المادة" هي من تتحكم في مستوى الأغنية كلاماً ولحناً وتوزيعاً وغناءً. فالمطربون أنفسهم يدركون أنها أغنيات خاصة لا تتطلب مجهوداً منهم، سوى خروجهم من منازلهم وفي أيديهم شنطة كبيرة تتسع لأكبر كم من الأموال التي يؤجرون أصواتهم مقابلها. فهذا ما يفسر تراكض المطربين من مختلف الجنسيات وراء تقديم الأغنية الخليجية، على صعوبة نطقها وأدائها.

الرسالة الفنية صارت من الماضي، ولم تعد الأغنية- إلا فيما ندر- تبحث موضوعاً معاشاً أو تناقش قضية إنسانية، فصار هذا زمن المغني الذي يلهث الكثير من المعجبين وراءه لالتقاط صورة "سيلفي"، وصار الذي يرفض مطرباً عريساً لابنته رجعياً ومتخلفاً ويعيش في العصور الوسطى.

اقرأ أيضا:
الألبوم الغنائي العربي في خطر
يوتيوب ينقذ شركات الإنتاج العربية من النسيان والإفلاس

المساهمون