تحتضن مدينة وجدة (شرق المغرب)، النسخة الثانية لـ "المعرض المغاربي للكتاب" "آداب مغاربية"، في الفترة من 18 إلى 21 تشرين الأول/أكتوبر الجاري، والتي تعزّز رصيد هذه السنة الاستثنائية من الأنشطة الفكرية والثقافية والفنية المنظمة بمناسبة اختيار وجدة "عاصمة الثقافة العربية".
في ندوة صحافية لتقديم برنامج هذه السنة، أول من أمس في الدار البيضاء، كشف المشاركون (محمد امباركي، عبد القادر الرتناني، جلال الحكماوي، ادريس خروز، عبد الإله عفيفي) أن وجدة تحتفي في دورتها الثانية من "المعرض المغاربي للكتاب" والذي انطلق تحت شعار "آداب مغاربية" بموضوع مفتوح ومركب واستشرافي يحمل عنوان: "مقاربة الكوني".
رئيس المعرض، محمد امباركي، اعتبر في كلمته أن "مقاربة الكوني، بكل تواضع، تفتح الطريق نحو طموح مغاربي"، مضيفا أن "الإشكالية مشتركة بالنسبة لمؤلفينا وللناشرين ترتبط بكيفية الرقي بآدابنا على المستوى المغاربي ووضعها على طرق الكونية".
امباركي، لم يُخف أن اختيار بلدان العالم العربي لمدينة وجدة عاصمة للثقافة العربية خلال سنة كاملة، يعدّ "خطوة ملحوظة نحو الاعتراف الكوني"، منبهاً إلى ضرورة تشريح المواضعات السائدة والحقائق المتحجّرة التي تنتج في الغالب اللّامساواة وسيطرة الأغنياء وتمزّقات العالم، أو تخدم خصوصيات مدمّرة وإيديولوجيات حقودة وعنيفة، بعيدا عن كل الأجوبة السطحية غير المقنعة؛ لأن "مقاربة الكوني المبنية على الظلم لا تمت بصلة إلى الكونية الحقيقية".
ولاحظ عبد القادر الرتناني، رئيس الاتحاد المهني للناشرين في المغرب، أن "مغرب الثقافة ينتشر على المستوى الوطني، ولكن أيضا على الصعيد العالمي، وهو حاضر في التظاهرات والمعارض عبر العالم، مع المسؤولية الكبيرة للارتقاء بألوان المغرب وهويته المتعددة".
وأوضح أن المعرض، الذي ستكون الكوت ديفوار ضيف شرف فيه هذه السنة، سيشهد مشاركة أكثر من ثلاثين ناشرا غالبيتهم من بلدان المغرب، إلى جانب ناشرين اثنين من الكوت ديفوار.
من جهته قال مدير القسم العربي في المعرض الشاعر جلال الحكماوي أن "اختيار محور مقاربة الكوني جاء لمساءلة العلاقة الهيمنية بين المركز الغربي وبقية العالم ومن ضمنه العالم العربي".
لذلك فالمواضيع التي اختارها المنظمون كدعامة للمعرض، موزعة على ثلاثين مائدة مستديرة، تشكل حلقة أساسية في مقاربة الكوني، والتي ستشارك فيها، إلى جانب كتّاب المنطقة الشرقية في المغرب، أسماء وازنة من المغرب العربي (من بينها عبد اللطيف اللعبي، ومحمد بنيس، وسميرة نقروش، ومحمد الأشعري، وعلي بن مخلوف) ومن العالم العربي أيضاً (من بينها رشدي راشد، وممدوح عزام، والحبيب السالمي). هذا إلى جانب أسماء أخرى من فرنسا والكوت ديفوار وكوبا التي يحضر منها الشاعر فيكتور رودريغيث نونييث.
بهذا الخصوص، أوضح الحكماوي، أن معرض آداب مغاربية "يستضيف جيلا جديدا من الكتّاب يحضر لأول مرّة إلى المغرب، وبذلك يحدث نوعا من القطيعة مع الأسماء الرائجة بالمعارض في المغرب".
في حديثه لـ"العربي الجديد"، يشير الحكماوي إلى مشاركة "كتاب وشعراء من بينهم الشاعران الفلسطينيان نجوان درويش وباسم النبريص، والروائي الفلسطيني عبّاد يحيى، والشاعر العُماني عبد الله حبيب، والروائي الجزائري محمد علاوة حاجي، ثم الكاتبات صباح سنهوري من السودان، ورشا الأمير وهدى بركات من لبنان، وأسماء عربية أخرى ستشكل إضافة نوعية".
هذه المشاركات الغنية للكتاب من العالم، الذين سيناقشون ويحاورون كتابا مغاربة ويتعرفون إلى الواقع الثقافي في المغرب، يمكن من خلالها، بحسب الحكماوي، "أن نؤسّس جسورا، هي في الغالب فردية، يمكن أن تساهم في التعريف بالأدب المغربي في الخارج".
لا يعتبر الحكماوي أن هذه الجسور كافية، لأنها فقط طريقة غير مباشرة لنقل الثقافة المغربية إلى الخارج، بل شدد على ضرورة وجود سياسية عمومية تعتمدها الدولة للتعريف بأدبها وثقافتها في العالم.
وعلى غرار السنة الماضية، ستواكب المعرض تظاهرات خاصة أخرى، لا سيما "طفولة الشباب" المخصّصة للأطفال والشباب، وسيتابع الجمهور الوجدي محاضرات رفيعة المستوى، ومعرض "سبل المقدّس" الذي تم تقديمه بـ "معهد العالم العربي" في تموز/ يوليو الماضي.
كما تتضمن فعاليات المعرض توجيه تحية إلى أسماء راحلة، هي: الشاعر الفلسطيني محمود درويش، والكاتب الإيفواري برنار دادي، والكاتب التونسي عبد الوهاب المؤدب، وثريا الشاوي التي تعد أول ربانة طيران مغربية.