"المعرض العام": سؤال القيمة بعد أربعين دورة

28 ديسمبر 2018
(أعمال للفنانة هبة ذهني، من المعرض)
+ الخط -

انطلق أمس "المعرض العام" الذي ينظّمه "قطاع الفنون التشكيلية" في مصر، وتواصل طيلة شهر. هذه هي الدورة الأربعون من التظاهرة التي تُقام في "متحف الفن المصري الحديث" بالقاهرة لأول مرة، وتضمّ أعمال قرابة 300 فنان يشارك في حقول تشكيلية مختلفة.

منذ أربعين عاماً، يُحاول المعرض أن يؤسّس لحدث مؤثّر يقدّم تجارب مصرية مختلفة، قديمة وجديدة، أسوة بمعارض وصالونات تاريخية قد يكون أشهرها "صالون باريس" الذي يُنتظَر كلّ عام ويقدّم مفاجأة للوسط التشكيلي ويثير الجدل ويقسو على فنّانين ويدفع بآخرين إلى مستوات جديدة في تجاربهم التشكيلية.

يُعدّ رفض عرض لوحةٍ لفنان في التظاهرة الفرنسية حدثاً يسجّل في سيرته الذاتية، كما هو الشأن بالنسبة إلى قبول فنان آخر، وفيها تعرّف الجمهور إلى فنّاني الانطباعية وما بعدها، مثلما تعرّفوا إلى فنّاني مختلف المدارس التشكيلية اللاحقة.

لكن التظاهرة المصرية تدفعنا إلى السؤال حول قيمتها المعنوية في المشهد التشكيلي المصري، بسبب فشلها مع مرور السنوات في أن تكون منصّة فاصلة تضع الفنّان أمام مرحلة جديدة من التقدير والتفكير في عمله؛ بحيث تشكّل مختبراً ونقطة فاصلة في تجربته. فبماذا يختلف هذا المعرض عن أي معرض جماعي آخر، سوى في العدد الكبير من الفنّانين المشاركين فيه؟

مردُّ ذلك، على الأغلب، هو طبيعة المنظومة الثقافية نفسها في البلاد العربية، وفي مصر بشكل خاص، فقبول المشاركات لا تُحدّدهم طبيعة تجارب الفنّانين وغناها وفرادتها، بل يقع غالباً ضمن اعتبارات تغطية الأقاليم والمحافظات وتوزيع عادل لفرص العرض، إلى جانب مجاملات مختلفة، فضلاً عن حصص للفنّانات النساء أياً كان مستواهن الفني، بحجة دعم المرأة المبدعة.

ما يحدث في التظاهرة المصرية، ينطبق على تظاهرات عربية مماثلة، فلا أحد من المؤسّسة الرسمية التي تدعم هذه المعارض يريد فناناً يعترض على عدم مشاركته وتغييبه والتمييز ضدّه مهما كان مستواه الفني، لا سيما في غياب النقد التشكيلي، وتراكم المعايير غير الإبداعية والاعتبارات غير الثقافية في الأوساط الثقافية العربية، التي ليست أكثر من مرآة لمجتمعاتها.

ستجد في "المعرض العام"، الذي يأخذ طابعاً رسمياً، كلّ أشكال الفن الجيد والمتوسط والردئ في قاعة واحدة، حيث يضم 320 عملاً لـ293 تشكيلياً أعمارهم فوق 35 عاماً. لا نعرف بالضبط ما هي معايير اختيار لجنة انتقاء الأعمال رغم الإعلان عن "كوميسير" جديد للمعرض هو الفنان طه قرني، الذي رسم جدارية "الثورة والانتخابات"، والذي ينتمي إلى مدرسة تقليدية في الرسم.

يكرّم المعرض شخصيات ثقافية مصرية في حقول مختلفة؛ من بينها: طه حسين، وحمدي جبر، ومحمد القباني، ونعيمة الشيشيني، ومحمد صبري. ويتضمن أعمالاً في التصوير والتصوير الجداري والضوئي والخزف والنحت والغرافيك والميديا وفن الفيديو والتجهيز والفن الأدائي والفنون الفطرية.

دلالات
المساهمون