"المركز العربي" يبحث أسباب تعطل إرساء المحكمة الدستورية في تونس

تونس

بسمة بركات

avata
بسمة بركات
22 يوليو 2020
المركز العربي يبحث أسباب تعطل إرساء المحكمة الدستورية بتونس
+ الخط -
نظم المركز  العربي للأبحاث و دراسة السياسات (فرع تونس) ندوة، اليوم الأربعاء، حول أسباب تعطل إرساء المحكمة الدستورية بتونس، ويؤكد سياسيون ونواب وباحثون مختصون في القانون حضروا النقاش وقدموا مداخلات في الغرض أن أسبابا سياسية تحول دون إرساء المحكمة الدستورية، وأن هناك عدة إشكاليات قد تطرح، سواء في اختيار الأعضاء، وحتى أثناء عمل المحكمة مستقبلا. 
وقال رئيس "المركز العربي" في تونس، مهدي مبروك، في تصريح لـ"العربي الجديد"، إن أهم سبب وراء تعطل إرساء المحكمة الدستورية "هي العيوب التي تسربت إلى النص القانوني، والمناكفات الحادة بين الأحزاب، والتي أعاقت إرساء المحكمة الدستورية، وصعبت عملية اختيار أعضائها"، مشيرا إلى أن "هندسة البناء السياسي في تونس والدستور من العوامل المعطلة أيضا".
وتابع أن "الغموض الذي رافق القانون عدد 50 لسنة 2015 عقد المهمة، كما أن منطق المغالبة ساهم بدوره في محاولات وضع اليد وعطل التوافقات".
وأكد النائب  عن حركة النهضة، فوزي جاب الله، في تصريح لـ"العربي الجديد"، أن "تعطل المحكمة الدستورية هو انعكاس للأزمة السياسية التي تعيشها تونس"، مضيفا  أن "هناك عدم رغبة من قبل البعض في إرساء المحكمة الدستورية، وعجزا واضحا على عدم الفصل بين مجالات التنافس السياسية والمتطلبات المشتركة للدولة".
 
 
 
وتابع جاب الله أن "التعطل يعود إلى غياب الإرادة لدى بعض الفاعلين السياسيين ممن يبحثون السبل لتعطيل المؤسسات الدستورية لحسابات خاطئة، وظنا منهم أن النظام السياسي يخدم طرفا دون آخر"، مشيرا إلى أن "هذا وراء محاولات البعض ترذيل المؤسسة البرلمانية". 
وأوضح في مداخلته أنه "لم يتم الانتباه إلى أن مركز الثقل في النظام السياسي التونسي ليس رئيس الجمهورية ولا البرلمان، وهو يعود إلى رئيس الحكومة، ما يجعل تونس في حكومات تصريف أعمال منذ 2014"، مضيفا أن "الأحزاب بصدد وضع معوقات لمنع بعضها البعض من الحكم ومن ممارسة الحكم".
وبيّن أنه "في الأنظمة الديمقراطية والعرف السياسي يكون رئيس الحكومة معلوما ويتم اختياره من الحزب الفائز في التشريعية، ولكن جزءا من الطبقة السياسية يرفض أن تحكم أطراف سياسية وأن تختار رئيس الحكومة، وبالتالي هناك دائما بحث عن الحياد وعن شخصية غير حزبية، ما أدى إلى الفشل".  
وقال القيادي في الحزب الجمهوري، مولدي الفاهم، إن "البلاد حاليا معطلة، وضروري عودة الروح للتوافق و إيجاد حلول للوضع الذي تمر به البلاد"، مضيفا أن "المسؤولية اليوم على عاتق النخب السياسية لإيجاد حلول ومخرج للأزمة، خاصة وأن الشعب يتعطش للخروج من الأزمة الحالية". 
وتابع أن "الصراعات الإقليمية والدولية تفرض التعقل وتجاوز المصاعب، وفي غياب المحكمة الدستورية، فإن عديداً من النقائص لا تزال مطروحة ومعطلة".
وبينت عضو مجلس النواب، لطيفة الحباشي، أن "التمشي لم يكن ثورياً في ما يتعلق بالسلطة القضائية، وكان هناك اهتمام بالنظام السياسي، ولم يتم التركيز على باب السلطة القضائية بما في ذلك إرساء المحكمة الدستورية"، مؤكدة أن "عدم إرسائها يعود لعدة أسباب سياسية، وأغلبها بداعي التوجس من صلاحياتها والتخوف من دورها في فض النزاعات بين السلطات، والتدخل في حالة الشغور أو عند خرق رئيس الجمهورية للقانون، وبالتالي ستكون حكما يراقب الحكام، والإشكال أن النخبة السياسية في مجلس نواب الشعب تبحث دائما عن معايير جديدة في المترشحين وتعطل إرساء المحكمة الدستورية".
 
عدم إرسائها يعود لعدة أسباب سياسية، وأغلبها بداعي التوجس من صلاحياتها والتخوف من دورها في فض النزاعات بين السلطات
 
وأفادت، في تصريح لـ"العربي الجديد"، بأنه "بالنظر إلى الصلاحيات الممنوحة لأعضاء المحكمة الدستورية، فإنه "لا بد من أن تتوفر فيهم شروط إضافية، ومنها الرصانة والاعتدال وعدم الميل لطرف معين، وهو ما أبطأ اختيار المترشحين، وفي كل مرة تعمل الكتل البرلمانية على إفشال الاختيارات". 
وأكد الأستاذ الجامعي في القانون الدستوري، شاكر الحوكي، في تصريح لـ"العربي الجديد"، أن "أسباب تعطل إرساء المحكمة الدستورية تعود إلى غياب الإرادة السياسية بين مختلف الكتل البرلمانية"، مضيفا أن "النخب تريد محكمة بحسب ما تطمح إليه من أهداف في ما يتصل بالنظام السياسي والتموقع والأهداف السياسية والحزبية".
وقال الحوكي إنه "في غياب الإرادة تصبح جل الأسباب مجرد تعلات، فرغم وجود مسائل تتعلق بالنص، فإن التعطيلات من أغلب الجهات السياسية"، مبينا أن "العيوب التي تسربت إلى إرساء المحكمة الدستورية لم تشمل النص، ولكن الفاعلين السياسيين، حيث يمكن بأسوأ نص تجاوز الإشكاليات لو كان هناك فاعلون سياسيون حقيقيون، بعيدا عن الرأي الواحد وعدوى الاستبداد". 
 
 
ولفت إلى أن "اختيار الأعضاء يخلو من مختصين في القانون الدستوري والعام، وهو ما لفتت إليه منظمة (بوصلة)، ولقتت إلى الشبهات التي تحوم حول بعض الشخصيات المترشحة، وهو مشكل في المقترحات المتقدمة"، مبينا أنه "حتى وإن وقع الاستدراك، فإن الإشكال موجود منذ البداية، فاختيار الشخصيات التي سيقترحها رئيس الجمهورية قيس سعيد يطرح أيضا تساؤلا، إذ إنه من الصعب التخمين حول المقترحات التي سيقدمها، ما يطرح إشكالا حقيقيا". 
وأكد أن "سعيد عبّر عن موقفه، وهي الرغبة في أن تتكون المحكمة من قضاة، وهو ما يطرح عديد الأسئلة بشأن عدم التوازن"، مضيفا أن "خيارات رئيس الجمهورية يخشى منها الكثير في ظل رفضه للنظام السياسي الحالي وموقفه من الأحزاب".
وأشار إلى أنه "حصل تضخيم لدور المحكمة الدستورية وللدستور وكأنهما سيقدمان كل الحلول، ولكن الحصيلة أن مختلف الهيئات، ومنذ بعثها، طرحت إشكاليات جديدة"، مضيفا أن "البعض يعتقد أن المحكمة  الدستورية ستكون الحل، ولكن العكس صحيح لأنها ستخلق أيضا إشكاليات".
ولاحظ الحوكي أن "إرساء المحكمة الدستورية يطرح إشكاليات ذات علاقة بالنظام السياسي، وقد تدخل في توتر مع مشروع رئيس الجمهورية، الذي يبدو وكأنه غير معني بالمحكمة الدستورية"، مبينا أن "هناك صعوبات تتعلق بالحقوق والحريات، وستكون المحكمة الدستورية في صدام مستمر مع الأقليات، سواء احترمت الدستور أم لم تحترمه".
وبين الرئيس السابق للهيئة العليا المستقلة للانتخابات، شفيق صرصار، أن "التمسك بمصادقة أغلبية الثلثين في البرلمان خطأ وهي لا تضمن الحياد المطلوب"، مضيفا أن "ضمانات استقلالية المحكمة تكون في الاستمرارية وعدم ارتباطها بدورة معينة، ووضع قانون يجبر الفاعلين السياسيين على عدم التعطيل". 

ذات صلة

الصورة
مسيرة احتجاجية في تونس للمطالبة بإطلاق سراح المعتقلين السياسيين، 25 يوليو 2024 (العربي الجديد)

سياسة

طالبت عائلات المعتقلين السياسيين في تونس بإطلاق سراحهم بعد مضي سنة ونصف سنة على سجنهم، وذلك خلال مسيرة احتجاجية انطلقت وسط العاصمة.
الصورة
مقبرة جماعية في منطقة الشويريف بطرابلس، 22 مارس 2024 (الأناضول)

مجتمع

أعلن المفوض السامي لحقوق الإنسان في الأمم المتحدة فولكر تورك، الثلاثاء، أن مكتبه يتابع تقارير عن اكتشاف مقبرة جماعية في الصحراء على الحدود الليبية التونسية.
الصورة
مسيرات في تونس تنديداً بقصف خيام النازحين (العربي الجديد)

سياسة

شارك مواطنون تونسيون وسياسيون ومنظمات وطنية وحقوقيون، مساء اليوم الاثنين، في مسيرات في مدن تونسية تنديداً بالحرب على غزة، ولا سيما مجزرة رفح. 
الصورة
مسيرة في تونس ترفع شعارات الثورة التونسية، 24 مايو 2024 (العربي الجديد)

سياسة

رفعت شعارات الثورة التونسية "شغل حرية كرامة وطنية" في احتجاج شبابي في شارع الحبيب بورقيبة في العاصمة تونس، تعبيراً عن رفض ما آلت إليه الأوضاع في البلاد.
المساهمون