"المرأة والأدب": تقاليد المحو القديمة لا زالت مستمرة

08 يوليو 2020
("ثلاثة طرق للعيش" للفنانة فخر النساء زيد، 1943)
+ الخط -

يطمح كتاب "المرأة والأدب: تاريخ ثقافي" الصادر مؤخراً عن دار "فوليو" الفرنسية أن يقدّم توليفة متعدّدة الجوانب حول مساهمة المرأة في الأدب الفرنسي لتسعة قرون، وأن يفصّل خصائصها؛ ويسلط الضوء على اللحظات اللامعة والمؤثرة فيه ومقابلتها بالصعوبات الكبيرة التي واجهتها اللواتي اعتبرن لاحقاً مؤلفات وكاتبات، والمعاناة التي خضنها من أجل الاعتراف بهن من قبل النقاد، المرتبطين بالمؤسسات الأدبية البطريركية.

هذه ليست المرّة الأولى التي يقدّم فيها كتاب ضمن نفس الطرح، فقد سبق وأن صدرت أعمال أخرى قريبة من توجّهه مثل "كتابة المرأة في فرنسا" لسونيا ستيفنس، و"الأدب الفرنسي.. تاريخ ثقافي" لأليسون فينش، وهو كتاب قدّم تاريخاً لكتابة الرجال والنساء معاً من العصور الوسطى إلى العصر الحديث.

تسعى هذه الأعمال إلى إعادة بناء سردية تاريخية للأدب والثقافة، وهو أمر غير هيّن، لأن التاريخ الأدبي مرتبط بشكل عضوي مع معارف أخرى انبنت على خلفيات "تفوّق الرجل الأبيض" - تجاه المرأة والشعوب غير الأوروبية - مثل التاريخ وعلم اجتماع الأدب والفلسفة والأنثروبولوجيا. وبالتالي، فإن صياغة قصة المرأة الكاتبة في أي ثقافة تبدو معقّدة، بداية من البحث عن المؤلفات وأعمالهنّ التي قد يكون عدد منها لم يمر عبر قنوات التداول المكرّسة كدور النشر ومؤسسات الأرشفة والجامعات، كما أن تقييم هذه التجارب لم يحدث في زمنها بسبب التمييز ضد النساء لدى العديد من النقاد، وهذا يتطلب من الباحث(ة) عملاً مضاعفاً مع الحذر من الوقوع في فخ التحيّز للذائقة الفردية.

ربما لتجاوز هذا الإشكال كان كتاب "المرأة والأدب: تاريخ ثقافي" عملاً جماعياً حيث اشتركت فيه كل من: جاكلين توليه، وإليان فينوت، وجوان ديجين، وإيدويغ كيلر، وكريستي ماكدونالد، ومارتين ريد (المنسّقة)، وقد اخترن العمل في مساحة زمنية كبيرة تخترقها الكثير من مناطق الظل غير المطروقة من التاريخ الأدبي؛ فنجد العديد من المؤلفات المجهولات والنصوص التي لم تُقرأ نقدياً من قبل.

على المستوى المنهجي، يعتمد كتاب "المرأة والأدب" على أدوات التاريخ الأدبي وعلم اجتماع الأدب وتاريخ الأفكار وتاريخ المرأة. أما إجرائياً، ونظراً لخصوصية البحث، فإن المشاركات لم يقتصرن على الكتب المنشورة بل عدن إلى الدوريات، وإلى بيانات الحركات الأدبية، وتوقفن أيضاً عند الكثير من المخطوطات المتوفرة في مكتبات خاصة.

في كلمتها، تشير المنسّقة مارتين ريد إلى أن القائمين على كتابة تاريخ أدب اللغة الفرنسية يواصلون تجاهلهم لمشاركة المرأة والتقليل من قيمة مساهمتها، وأن مؤرخي كل حقبة ينسخون التقليد الطويل المتمثل في محو مشاركة المرأة في الحياة الأدبية، باستثناء دورهنّ في الصالونات الأدبية، خاصة في القرنين السابع عشر والثامن عشر. وتضيف: "إن كراهية النساء قد عبرت القرون. وليس من المستغرب أن الأدب كان ولا يزال أرضية ملائمة لممارسة هذه الكراهية، حيث كانت مفاهيم الذكاء والمعرفة والخلق والعبقرية محجوزة منذ البداية للرجال".

المساهمون