"المجلس السياسي" معطل: واجهة سلطة الحوثيين وصالح ضحية للخلافات

21 أكتوبر 2017
الحوثيون اتجهوا للالتفاف على "المجلس السياسي الأعلى"(محمد حويس/فرانس برس)
+ الخط -
تتسارع وتيرة التحركات والرسائل المتبادلة في اليمن، بين "جماعة أنصار الله" (الحوثيين) وحزب "المؤتمر" الذي يترأسه علي عبدالله صالح، بشكل بات يؤثر سلباً على دور "المجلس السياسي الأعلى" الذي يمثل واجهة لتحالف الانقلابيين في مناطق سيطرتهم، إلى درجة أن البعض يعتبر أن هذا المجلس بات في حكم "المعطل". وأتى الاجتماع اللافت، الذي ظهر فيه منذ أيام رئيس المجلس، القيادي في "جماعة أنصار الله"، صالح الصماد، على رأس طاولة مستديرة، بحضور قيادات سياسية وعسكرية لـ"الجماعة"، للمرة الأولى تقريباً منذ أكثر من عام، بالتزامن مع تسريبات حول الرسائل والاتهامات المتبادلة بين المكتب السياسي لـ"الجماعة" وحزب "المؤتمر"، ليكشف عن عمق الخلافات بين الطرفين.

وتفيد مصادر سياسية يمنية لـ"العربي الجديد"، بأن الحوثيين وعلى أثر تصاعد الاختلافات بينهم وبين حزب صالح، منذ أشهر، اتجهوا للالتفاف على "المجلس السياسي الأعلى" بوصفه واجهة سلطة الشريكين، وعمدوا إلى إبراز رئيسه صالح الصماد، الذي رفع الحوثيون من وتيرة الاهتمام الإعلامي به، ووزعوا صوراً له في صنعاء بمناسبة الذكرى الثالثة لاجتياح "الجماعة" للعاصمة اليمنية، أو ما يُطلق عليه الحوثيون بـ"ثورة الـ21 من سبتمبر/ أيلول 2014". وحتى أغسطس/ آب 2016، كان الصماد يشغل منصب رئيس للمكتب السياسي لـ"الجماعة". لكنه عقب توقيع اتفاق الحوثيين وحزب صالح على تشكيل سلطة (انقلابية) بمشاركة الطرفين لأول مرة، تحول إلى "رئيس للمجلس السياسي الأعلى"، ليختفي نشاطه التنظيمي في "المكتب السياسي" لـ"الجماعة".

في الأشهر الأولى لـ"سلطة الشراكة" بين الطرفين، تعزز دور "المجلس السياسي الأعلى" على حساب سيطرة وسلطة الحوثيين الأحادية عبر ما يُسمى بـ"اللجنة الثورية العليا". ودخل حزب صالح لمشاركة الحوثيين بالسلطة في مناطق سيطرة الطرفين. وكان هناك اعتقاد بأن الصماد الذي غاب عن المشاركة بوفد "الجماعة" في المفاوضات التي جرت برعاية الأمم المتحدة، يلقى دعماً من حزب "المؤتمر" في مواجهة سيطرة "اللجنة الثورية"، التي يترأسها محمد علي الحوثي.

لكن بعد أكثر من عام على "الشراكة" في السلطة، في ظل الحرب والحصار والأزمة الاقتصادية، ومع تصاعد الخلافات بين شريكي الانقلاب، يبدو أن "المجلس السياسي" لم يعد يمثل إطاراً فاعلاً لإدارة مناطق سيطرتهما، إذ أصبح يعبر تدريجياً عن مصلحة الحوثيين، وصدرت عنه قرارات بتعيين حوثيين في مناصب مختلفة، مثل منصب رئيس مجلس القضاء الأعلى، وكلها صدرت من دون أن يتم التوافق عليها مع حزب صالح الذي يشارك بـ"المجلس"، بخمسة أعضاء، ويتولى منصب النائب فيه عن الحزب، قاسم راجح لبوزة.


في هذا السياق، جاء ظهور صالح الصماد، الذي يفترض أنه "الرئيس التوافقي" بين الطرفين، في اجتماع تنظيمي أخيراً، ضم أعضاء "المجلس السياسي" لـ"الجماعة" وقيادتها العسكرية، ليُبرز معه بشكل واضح، كيف أن الصماد عاد إلى "الجماعة" التي خسرت سلطتها المطلقة عبر "اللجنة الثورية" بالاتفاق مع حزب صالح العام الماضي. لكنها تمكنت، كما يبدو من خلال رسائل الاتهامات المتبادلة، على الأقل، من استخدام "المجلس السياسي" كذلك، لقرارات تعبّر عنها.

وفي هذا الإطار، جاءت الرسالتان المسربتان بين قيادة الحزب و"الجماعة"، لتكشف عن أجزاء أخرى من الصورة، إذ اعتبر حزب صالح في رسالة موقعة باسم الأمين العام للحزب، عارف الزوكا، أن ما يحدث من ممارسات من قبل الحوثيين بما فيها اقتحام وزارات وغيرها "يندرج ضمن الممارسات الإرهابية والفكرية والسياسية غير المسؤولة"، وأنها "مؤشرات واضحة ودليل قاطع على عدم وجود رغبة حقيقية لديكم (أي الحوثيين) لاستمرار الشراكة إلا في إطار السيطرة الكاملة لكم (للجماعة)". وهذا كلام يكشف عن مدى تدهور العلاقات بين الطرفين، وأن شراكة الطرفين بإدارة المؤسسات الخاضعة لسيطرتهما، باتت مهددة إلى حد كبير، مع تأكيد كليهما بالمقابل، على الاستمرار بمواجهة ما يصفونه بـ"العدوان"، في إشارة لحرب "التحالف العربي" بقيادة السعودية والإمارات.

ويجري منذ مدة الحديث عن خلافات بين شريكي الانقلاب، تتعلق بشؤون الوزارات والمؤسسات الأخرى. لكن أبرز ما كشفه رد الحوثيين على رسالة حزب صالح، هو ما يتعلق بـ"المجلس السياسي الأعلى"، إذ اتهم رئيس المجلس، صالح الصماد، حزب "المؤتمر" بتعطيل عمل المجلس. واستعرض العديد من الوقائع التي اتهم فيها الحزب برفض استلام رئاسة المجلس، التي كان من المقرر أن تكون دورية بين الطرفين، بل امتدت الاتهامات إلى أعضاء المجلس، الممثلين لحزب "المؤتمر"، بتعطيل دوره وتجاوز "صلاحياته المحددة". وجاء هذا الرد في سياق الدفاع عن القرارات التي أصدرها الحوثيون من دون موافقة حزب صالح. ويتساءل الحوثيون في ردهم على رسالة الحزب: "أي شراكة صورية تتحدثون عنها وأنتم المعطلون لدور المجلس السياسي الأعلى والحكومة؟". وتضمن الرد كلاماً من المتوقع أن تكون له تداعيات إضافية على العلاقات بين الطرفين، بقول الحوثيين "نحن كذلك لا يشرّفنا البقاء في مسؤولية صورية تعجز عن (تنفيذ) أبسط الإصلاحات".

ويبدو واضحاً من خلال الرسائل المسربة وما سبقها من مظاهر الاختلاف غير المعلنة، أن وضع "الشراكة" في السلطة (الانقلابية غير المعترف بها دولياً)، يمر بأسوأ حال، الأمر الذي تبرز معه التساؤلات عن مستقبل العلاقة بين الطرفين.