"اللوفر" يعيد قراءة البورتريه في الفن الإسلامي

24 فبراير 2018
(بورتريه لـ فتح علي شاه القاجاري)
+ الخط -

هل يمكن التعرف على حضارة بأكملها من خلال فنونها؟ لا سيما إن كانت هذه الحضارة تمتد على جغرافيا شاسعة، تختلف البلدان التي تضمها في خلفياتها الثقافية والحضارية وماضيها، وهذا ينطبق بشكل كبير على الحضارة الإسلامية التي صهرت داخلها ثقافات مختلفة، بدءاً من المشرق والمغرب العربي، وحتى أقصى شرق آسيا ثم أوروبا، إلى جانب امتداده في عمق أفريقيا.

يقيم متحف اللوفر في باريس، معرضاً وسلسلة من الندوات، بعنوان "إعادة اكتشاف الفن الإسلامي"، يعمل من خلالها على قراءة جديدة للفن في الحضارة الإسلامية وعلاقته بجوانب مختلفة من الحياة، ولا سيما فن البورتريه، من خلال محاور الندوات وأسئلتها يعيد الأكاديميون المشاركون اكتشاف علاقة الدين الإسلامي بالفنون والقيم المتعلقة بتمثيل الإنسان في عصور الحضارة الإسلامية الذهبية واختلافها في الثقافات العربية والتركية والفارسية.

لا يمكن فصل هذه التظاهرة، التي تتواصل حتى الثاني من آذار/ مارس المقبل، عن الوقت والسياق الذي تقام فيه، حيث تزدهر الإسلاموفوبيا والخوف من الآخر المختلف في المجتمع الفرنسي، ويجري بناء وتكريس نظرة سطحية لـ الثقافة الإسلامية فيها الكثير من المغالطات والخلط، وتجريد هذه الحضارة من كل قيمها الجمالية وتاريخها الثقافي المؤثر وصاحب الفضل على أوروبا، توجه كرسته وسائل الإعلام الفرنسية المختلفة، فهل يمكن للمؤسسات الثقافية أن تكون تياراً مقابلاً موضوعياً لوسائل الإعلام، لربما يكون سؤالاً جديراً بأن يجري البحث في واقعيته.

الندوات والمحاضرات هي استكمال لسلسلة أخرى، أقامها اللوفر تحت المسمى نفسه، العام الماضي، والتي كانت مخصصة لثيمة "الصورة في العالم الإسلامي"، في حين يخصص المتحف برنامج هذه الدورة لـ"تجسيد الشخصيات الدينية والمقدسة في الفن الإسلامي"، ويحصر فترة الأعمال التي يتناولها بدءاً من العصور الوسطى وحتى بدايات القرن العشرين.

ليس مستغرباً أن يخصص اللوفر دورة ندواته لهذا الموضوع، الذي يمس جانباً من الجدل في أوروبا، لأسباب ليست مجهولة، حيث يطرح المحاضرون الأسئلة التالية: هل كان من المسموح رسم ونحت الشخصيات الدينية؟ هل جرى تجسيد النبي محمد في الرسومات الإسلامية؟ كيف تطور فن البورتريه في الفن الإسلامي؟ ومن هم أبرز فنانيه ومن هي الشخصيات التي كان ينجز لها البورتريه؟

ستكون المحاضرة الأخيرة، في الثاني من آذار/ مارس المقبل، حول "فن البورتريه من المخطوط إلى العمارة" وتركز هذه الجلسة على هذا الشكل الفني في لوحة المخطوطة، ورسومات الكتب، والرسم على قماش والجداريات. وتخصص النقاش للفن الإيراني والهندي والتركي، وتتناول الفرق بين الشكل المثالي في البورتريه والصورة الواقعية.

أما المحاضرة التي أقيمت مساء أمس، فكانت بعنوان "تجسيد نبي الإسلام" والتي تطرقت إلى تصوير النبي محمد في رسومات الإسراء والمعراج التي هيمنت على معظم المخطوطات التركية والفارسية، حيث كانت غالباً ما تتناول القصص الدينية في فترة تمتد ما بين عام 1300 و1600، كما تستكشف المحاضرة فن الأيقونة في الحضارة الإسلامية.

بالنسبة إلى الجلسة التي افتتحت هذه التظاهرة، منتصف الشهر الجاري، فقد كانت بعنوان "الصور والأصنام: نقاش طال أمده"، وركزت على المناقشات المتعلقة بالأصنام والفنون التصويرية، مع تسليط الضوء بشكل خاص على وصف القرآن للأصنام وكذلك الأحاديث والنصوص التشريعية. كما استكشفت المحاضرة أعمال رسم ونحت وفوتوغرافيا تمتد على أكثر من ألف عام من التعبيرات الفنية التصويرية في الثقافة الإسلامية.

المساهمون