"القصّة السرية لسقوط بوتفليقة": السلطة في الجزائر وصراعاتها

16 يونيو 2020
(من مضاهرات الحراك الشعبي في الجزائر/ Getty)
+ الخط -

في الثاني من نيسان/إبريل 2019، قدّم الرئيس الجزائري السابق عبد العزيز بوتفليقة استقالته تحت ضغط الحَراك الشعبي الذي بدأ في الثاني والعشرين من شباط/ فبراير من السنة نفسها، ليُعيّن البرلمان الجزائري عبد القادر بن صالح رئيساً مؤقّتاً للدولة بعد إثبات حالة شغور منصب الرئيس.

تولّى بوتفليقة، الذي كان وزيراً للخارجية في عهد الرئيس الراحل هوّاري بومدين، رئاسة الجزائر منذ عام 1999. لكنَّ رغبته في الترشُّح لولاية رئاسية خامسة في الانتخابات، كان مقرّراً إجراؤها في الثامن عشر من نيسان/ إبريل 2019، أشعلت الاحتجاجات التي أدّت إلى الإطاحة به وبعددٍ من رموز نظامه.

"القصّة السرية لسقوط بوتفليقة" عنوانُ كتابٍ جديد صدر مؤخّراً عن منشورات "أرشيبل" الفرنسية. وفيه يعود الكاتب نوفل براهيمي الميلي، كما يكشف عنه العنوان، إلى الأيام الأخيرة التي سبقت سقوط نظام بوتفليقة الذي أبعده المرض عن الحياة العامّة منذ 2013.

تبدأ النهاية الفعلية، بحسب المؤلّف، باجتماعٍ عقده كبار المسؤولين العسكريّين في البلاد بقيادة رئيس أركان الجيش الجزائري الراحل، الجنرال أحمد قايد صالح، ومطالبة الأخير بوتفليقة بالاستقالة، رغم أنَّ الجنرال هو أحد رجال الثقة المقرّبين من الرئيس، وهو ما سيستجيب له بوتفليقة فعلاً؛ حين وجّه في الثاني من نيسان/ إبريل رسالةً إلى "المجلس الدستوري"، أعلن فيها انتهاء عهدته كرئيس للبلاد ابتداءً من اليوم ذاته. ومن بين ما جاء فيها أنه اتّخذ هذا القرار رغبةً منه في "الإسهام في تهدئة نفوس مواطني وعقولهم لكي يتأتّى لهم الانتقال جماعياً بالجزائر إلى المستقبل الأفضل الذي يطمحون إليه طموحاً مشروعاً".

بعد ذلك مباشرةً، بدأ ما بدا أنه حملة تطهير مسّت بعض رموزه؛ من بينهم شقيقه سعيد بوتفليقة الذي كان يوصَف بالرئيس الفعلي، وقائدا جهاز المخابرات السابقان محمد مدين الملقَّب بتوفيق وعثمان طرطاق، إضافةً إلى رئيسة "حزب العمّال" لويزة حنون، وقد وُجّهت إلى أربعتهم تُهم التآمر على الجيش والمساس بأمن الدولة.

وإذ يستعرض الكتاب حيثيات مغادرة بوتفليقة الحكم قسراً وعلاقته بشقيقه الأصغر سعيد، فإنّه يشير إلى ما يعتبره تورُّطاً للمخابرات الفرنسية في الصراع على السلطة في الجزائر، مُضيفاً أنّ "فرنسا كانت تعلم ما يجري قبل سقوط بوتفليقة وحاولت دعمه إلى آخر رمق... في حين كان قائد المخابرات الجزائرية الأسبق، محمد مدين المدعو توفيق، يتحرّك في الظل". ووفق براهيمي، فإنّ "توفيق كان يسعى إلى إنقاذ نظام بوتفليقة تحت أنظار قصر الإليزيه ودول الخليج".

كما يُسلّط العملُ الضوءَ على مساعي الدبلوماسي الجزائري السابق المقرّب من بوتفليقة، الأخضر الإبراهيمي، لإنقاذ نظامه، وحشد التأييد لفكرة الذهاب بالبلاد إلى مرحلة انتقالية، في حين كان سعيد بوتفليقة يُحاول إقناع الرئيس السابق اليمين زروال بتقديم يد المساعدة، وهو ما واجهه الأخير بالرفض.

يُضيء الكتاب أيضاً على قوى الصراع داخل أجنحة السلطة في الجزائر، والتحدّيات التي يتعيّن على الرئيس الجديد عبد المجيد تبون مواجهتها، وأبرزها تغوُّل رجال المال والأعمال وتأثيرهم في صنع القرار.

وُلد نوفل براهيمي الميلي في تونس عام 1960، ويقيم في فرنسا منذ عام 1982، درّس سابقاً العلوم السياسية في باريس. وله مجموعة من المؤلّفات، من أبرزها: "الربيع العربي، تلاعب" (2012)، و"فرنسا الجزائر: 50 عاماً من القصص السرية" (2017).

المساهمون