"الفيروس الصيني"... التسميات ليست عبثية

18 مارس 2020
فيروس كورونا أصاب الناس بالعنصرية أكثر من المرض (Getty)
+ الخط -
لم يكن عبثياً ولا اعتباطياً، ما قاله المدير العام لمنظمة الصحة العالمية، تيدروس أدهانوم غيبرييسوس، مطلع الشهر الحالي في مؤتمره الصحافي. فأثناء دعوته لاتحاد كل الدول لمحاربة فيروس كورونا، كرّر ثلاث مرات أن "الوصم أسوأ من الفيروس"، و"الوصم هو العدوّ الأكثر خطراً". كلام غيبرييسوس، جاء بعد موجة من الحوادث العنصرية التي طاولت صينيين ومواطنين آسيويين في مختلف أنحاء العالم. موجة غذّاها أداء الإدارة الأميركية، التي بقيت مصّرة على تسمية فيروس كورونا المستجدّ بـ"فيروس ووهان" نسبة إلى المدينة الصينية التي ظهر فيها الفيروس بداية، حتى بعد اختيار منظمة الصحة اسم "كوفيد-19" للفيروس الذي ينتمي إلى عائلة الفيروسات التاجية. أبرز هؤلاء كان وزير الخارجية الأميركي مايك بومبيو، ومعه عدد من السياسيين الجمهوريين مثل السيناتور توم كوتون.

هذا "الوصم" وربط الفيروس بالصين، مع كل ما يحمله ذلك من تحريض غير مباشرعلى الصينيين هو أحد الأسباب الرئيسية وراء اختيار اسم "كوفيد-19" للفيروس المستجد، وعدم ربطه بأي مدينة أو مكان. فالتجارب السابقة مثل "متلازمة الشرق الأوسط التنفسية" MERS، التي أُطلق عليها هذا الاسم بسبب انتشارها في الدول العربية، وتحديداً دول الخليج العربي، أو فيروس "إيبولا" الذي سمي تيمناً باسم نهر في الكونغو حيث ظهر للمرة الأولى، أكدت للمنظمة أن التسميات تنعكس تلقائياً على الشعوب التي تنتمي إلى تلك المناطق، فترتفع وتيرة الأعمال العنصرية والعدائية ضدهم حول العالم.

ربط الأوبئة والفيروسات بشعوب محددة، ليس جديداً. حصل ذلك إبان ما عرف بالحمى الصفراء في الولايات المتحدة الأميركية (1853)، حين اعتُبر الأوروبيون الأكثر عرضة للعدوى، وما هو أطلق موجة من الأعمال العدائية ضدّهم. وهو ما حصل في الأوقات الأكثر حداثة كانتشار فيروس "سارس" بين عامي 2002 و2003، حين ارتفعت وتيرة التمييز والعنف ضد الآسيويين.

انطلاقاً من هذه الوقائع تأخّرت المنظمة في إطلاق اسم علميّ على فيروس كورونا المستجد، لترسو أخيراً على اسم "كوفيد-19". وقال غيبرييسوس وقتها: "كان علينا إيجاد اسم لا يشير إلى منطقة جغرافية أو حيوان أو شخص أو جماعة ما، ولفظه سهل على الجميع". وأضاف خلال مؤتمره الصحافي أن المنظمة اختارت اسم "كوفيد-19" لقطع الطريق أمام استخدام أسماء أخرى قد تكون خاطئة أو غير دقيقة.
لكن يبدو أن الجهد الذي بذلته منظمة الصحة العالمية في محاولة لتهميش الأبعاد العنصرية الممكنة في التعامل مع فيروس كورونا، لم يصل إلى أهدافه. فها هو الرئيس الأميركي دونالد ترامب، يعيد استخدام تعبير "الفيروس الصيني" أول من أمس في تغريدة على "تويتر"، جاء فيها: "ستدعم الولايات المتحدة بقوة القطاعات الاقتصادية، مثل الخطوط الجوية وغيرها، التي تتأثر بشكل خاص بالفيروس الصيني. سنكون أقوى من أي وقت مضى!".

تغريدة ترامب جاءت لتؤجج الحرب الكلامية بين الإدارتين الأميركية الصينية، في إطار الاتهامات المتبادلة بالتسبب بانتشار الفيروس حول العالم. لكن بينما يقوم البلدان بتصفية الحسابات الاقتصادية والتجارية والسياسية بينهما، يدفع مئات آلاف الصينيين والآسيويين حول العالم ثمن هذا التحريض.
المساهمون