"الفوضى العميقة": ثالث فيلم تركي يوثق الانقلاب

13 مارس 2018
الممثل التركي نجاتي شاشماز (مصطفى سيفسي/ الأناضول)
+ الخط -
على الأرجح، لن تُمحى ليلة 15 تموز/ يوليو 2016، بسهولة من ذاكرة الأتراك. ليلة محاولة الانقلاب التي أفشلها الشعب أولاً، ليحافظوا على مكتسباتهم بالحرية والعدالة ورغد الحياة. وكادت تلك الليلة، أن تغيّر من معالم ومسيرة تركيا، لتعيدها إلى حكم العسكر، وتلحقها ربما، بديكتاتوريات المنطقة. ولعل رغبة الجميع في تركيا، تجتمع على عدم نسيان تلك الليلة. إذ إن كل جهة تحاول تكريس تلك الذكرى المؤلمة على طريقتها. فبعد تغيير اسم جسر البوسفور لجسر (شهداء 15 تموز)، وإطلاق أسماء الشهداء على العديد من الساحات والمعالم، وإقامة النصب التذكارية لهم، يأتي دور الفن السابع، والذي واكب، منذ فشل الانقلاب، الأحداث بالكاميرا.
فبعد فيلم "الانقلاب" الذي أنتجته عام 2017 شركة "الكمين" التي أنتجت المسلسل الشهير "وادي الذئاب"، وفيلم "المحاولة" الذي أنتجه "اتحاد أوراسيا الإعلامي" عام 2016، بدأت شركة "تاج" التركية للإنتاج، قبل أيام، تصوير فيلم "الفوضى العميقة" الذي يروي أحداث وتفاصيل شهدتها المحاولة الانقلابية.
وذكرت مصادر إعلامية، أن فيلم "الفوضى العميقة"، ستبدأ أحداثه منذ كانون الأول/ديسمبر 2013، وقت بدأ ما يعرف "الكيان الموازي" محاولات زعزعة الاستقرار التركي والتحضير للانقلاب، وصولاً لليلة 15 تموز، والمحاولة الفاشلة للانقلاب.
وسيتمُّ عرض الفيلم الذي يبلغ إنتاجه 5 ملايين ليرة تركية (1.6 مليون دولار) في تشرين الأول/أكتوبر المقبل، بعد أن تم تحديد أماكن التصوير، والتي سيكون أبرزها، مبنى التلفزيون الحكومي "تي ري تي" بالعاصمة أنقرة، والذي حاول الانقلابيون السيطرة عليه، عبر 500 ممثل وكومبارس وعتاد وأسلحة حقيقية، على أن يقوم بدور البطولة، محمد أنور ساركايا، وهو كاتب سيناريو الفيلم، ويجسد دور عادل أوكسوز، أبرز الانقلابيين والعقل المدبر لليلة 15 تموز.
ويتوقع مختصون هنا بإسطنبول، أن يكون لفيلم "الفوضى العميقة" دور مهم في تأريخ المحاولة الانقلابية بتركيا، ليضاف إلى الأفلام العالمية الشهيرة بهذا الصدد، كفيلم "كولونيا" الألماني الذي وثق انقلاب تشيلي عام 1970، وفيلم "النبتة السوداء" الذي أرَّخ لانقلاب الأرجنتين عام 1973، وفيلم "قاندو نيسان" الذي يدور حول الانقلاب في البرتغال عام 1974. أو حتى الأفلام العربية الشهيرة في هذا المجال، كفيلم "اشتباك" المصري الذي تناول أحداث الانقلاب على الرئيس محمد مرسي عام 2013، والفيلم السوري "العودة إلى حمص" الذي وثق أيام الثورة السورية من خلال حارس كرة القدم والمعارض المعروف، عبد الباسط الساروت.
ويرى مختصون، أن السينما التركية، ورغم العلامات الفارقة ببعض الأفلام، كفيلم "حافة السماء" الذي حصل على جائزة أفضل سيناريو من مهرجان "كان" بفرنسا سنة 2007، و فيلم "عسل" لسميح كابلان أوغلو الحائز على جائزة الدب الذهبي من مهرجان برلين السينمائي عام 2010، وفيلم "النوم في الشتاء" الحائز على جائزة "السعفة الذهبية" عام 2014، إلا أنها لم تصل لمصاف الدراما التركيَّة التي انتشرت عالمياً، وحققت عائدات وصلت إلى 300 مليون دولار العام الماضي، خاصة لجهة توثيق الأحداث السياسية، أو ما يتعلق بها، سواء فترة العثمانيين أو الحياة المعاصرة.
إلا أن السينما، وبحسب الجمعية المهنية للمنتجين السينمائيين التركيين، وإثر التشجيع الحكومي الذي وصل عام 2016، إلى تخصيص حوالي 30 مليون ليرة تركية لدعم 200 مشروع سينمائي، ونحو 60 مليوناً عام 2017، بدأت بإنتاج أفلام توثيقية لشخصيات وأحداث معاصرة، منها فيلم مصطفى كمال أتاتورك، والذي بدأت عمليات تصويره أخيراً، ويجسّد خلاله دور أتاتورك الممثل الشهير كيوانش تاتليتوغ "مهند"، أو فيلم "الانقلاب" الذي جسد بطولته الممثل الشهير نجاتي شاشماز "مراد علم دار".
وتعتبر شركة "يشيل تشام"، أو ما تعرف بهوليوود تركيا، أهم شركات الإنتاج السينمائي، إذ تصنع عشرات الأفلام كل عام، تتوزع بين الكوميدي والرومانسي والاجتماعي. قبل أن تتجه خلال السنوات الأخيرة، لإنتاج الأفلام السياسية ذات التمويل الضخم.
ودخلت السينما التركية التاريخ منتصف عام 1896، أي بعد فترة قصيرة من أول عرض في باريس على يد الأخوين لوميير، وقد استمر عرض المشاهد السينمائية في إسطنبول حتى عام 1908، بعد إنشاء أول دار عرض سينمائية.
وجاءت ولادة السينما التركية بشكل واضح عندما تم تأسيس قسم لشؤون السينما عام 1915 تحت مسمى "الجمعية الرسمية للمحاربين القدامى"، ومهمتها تحفيز المشاعر الوطنية للجيش التركي. وتم تصوير العديد من الأفلام السينمائية عن حرب البلقان، وتم إنتاج أفلام قصيرة بإدارة المخرج أحمد فهيم عام 1919، بينما ظهرت السينما الروائية عام 1917 مع فيلمي "الجاسوس" و"الضائعة" للمخرج سيدات سيمافي ثم توالت الأفلام.


ويرى مراقبون أن نقطة التحول للسينما التركية، كانت عام 1922 عندما أسس محسن أرطغرول أول شركة إنتاج سينمائية خاصة بعد دراسته لفن السينما في ألمانيا، وأنتج أول فيلم باسم "قميص من النار" للمخرجة خالدة أديب أديفار. لتأخذ السينما التركية ملامحها بعد تأسيس أول ناد للسينما بتركيا عام 1964 حمل عنوان "نادي سينما الجامعة" حيث برز نشاط جديد في السينما التركية مع ظهور مخرجين جدد مثل متين أركصان وخالد رفيغ وأرتم غوريج ودويغو صاغر أوغلو ونوزاد باسان وممدوح أون. لتدخل السينما التركية مجال الشهرة والمنافسة منذ عام 1980، حين دخلت مجالات "ما يطلبه الجمهور" عبر أفلام البطل الخارق والقوي، وجسدها وقتذاك "جنيد أركان"، أو أفلام الرومانس التي يتخللها الغناء، وجسدها النجم الشهير إبراهيم تاتليسيس.
المساهمون