عندما نشر إرنست همنغواي (1899 – 1961) مسرحيته "الطابور الخامس" عام 1938، كان استقبال القرّاء والنقّاد لها فاتراً، ونادراً ما عُرضت على خشبة المسرح بعد ذلك. أمّا صاحب "العجوز والبحر"، فلم يؤلّف عملاً مسرحياً آخر.
لكن المسرحية اكتسبت أهميّةً مع مرور الزمن. ليس فقط لأنها العمل المسرحي الوحيد للكاتب الأميركي، بل لأن العمل، الذي ألّفه همنغواي خلال تغطيته الحرب الأهلية الإسبانية عام 1937، يكشف جوانب حقيقية خفية من شخصيته.
ويبدو أن أهمية العمل من جهة، و"ندرة" حضور همنغواي المسرحي مقارنةً بـ همنغواي الروائي من جهة أخرى، لعبا دوراً في جعل عرض المسرحية في لندن بمثابة حدث ثقافي.
انطلقت سلسلة عروض "الطابور الخامس" على خشبة "مسرح ساوثوورك"، قبل أيام، وتستمرّ حتى الـ 15 نيسان/ أبريل المقبل، وهي المرّة الأولى التي يُقدَّم فيها العمل في المدينة البريطانية.
تروي المسرحية قصّة حب غريبة بين مراسلَين صحافيين؛ هما: فيليب رولينجز ودوروثي بريدجز، خلال إقامتهما في "فندق فلوريدا" في مدريد، أثناء تغطيتهما الحرب الإسبانية. ويعتقد نقّاد أن فيليب ليس سوى همنغواي نفسه، الذي لمّح بذلك إلى علاقته بالصحافية مارثا جيلهورن.
في تصريحات صحافية، يُشير منتج العرض غراهام كولوي إلى أن همنغواي كتب أجزاء عدّة من المسرحية خلال القصف: "كان يخبّئ ما يكتبه تحت فراشه عندما يخرج من الفندق لتغطية أحداث الحرب، على أمل أن يجد أوراقه في مكانها عند عودته".
من جهته، يقول الممثّل سيمون داروين، الذي يؤدّي دور فيليب، إن همنغواي "أراد تقديم صورة مثالية عن شخصيته وأراد أن يُنظر إليه من خلالها. في هذه الصورة، ثمّة الكثير من التفاصيل عن علاقته بالنساء، لكن تجاربه الحياتية تختلف كثيراً عن تجارب فيليب".
أمّا ستيفن فنتورا، الذي يؤدّي دور صاحب الفندق، فيرى أن المسرحية تناولت موضوعاً مهمّاً لا يزال له صدىً، بالنظر إلى ما يجري في عالم اليوم من صراعات وحروب. بالنسبة إلى فينتورا، فإن أهمّ ما ينبغي استخلاصه من المسرحية هو أن "ثمّة دائماً أنظمةً لا تتّخذ قرارات صائبة".
اقرأ أيضاً: أسئلة في قبر شكسبير