"الشمس الهندية": على خطى رافي شنكار

مَزج رافي شنكار بين التقاليد الهندية والموسيقى الغربية، وهو موضوع استمرّ في اكتشافه حتى رحيله، حيث ينحرف من البناء الصارم للمقطوعة نحو إيقاع ميلودرامي سريع وبالعكس أيضاً، وقدّم بذلك نوتات الراغا المعروفة في تراث بلاده للعالم، مستخدماً آلة السيتار بشكل أساسي، والسارود والفلوت والطبل.

بدأ المؤلّف والموسيقي الهندي (1922 – 2012) تعاونه مع فرقة "البيتلز" منذ ستينيات القرن الماضي، في مرحلة تغيّرات اجتماعية وثقافية كبرى في الغرب، فبدت موسيقاه كظاهرة احتجاج على قيم الاستهلاك والرأسمالية داعياً إلى عالم تسوده الحرية والمساواة والحب والسلام.

"الشمس الهندية: حياة وموسيقى رافي شنكار" عنوان كتاب يصدر قريباً "منشورات هاشيت" للباحث أوليفر كراسك ويتناول سيرة الفنان الهندي باعتباره واحداً من أكثر الموسيقيين والمؤلّفين في القرن العشرين إنتاجاً، استناداً إلى وثائق ومقتنيات لعائلته ومقابلات مع أفرادها وأصدقائه.

يرى المؤلّف أن صاحب ألبوم "الممرات" أعاد تشكيل المشهد الموسيقي في الستينيات عبر موسيقى البوب والجاز والموسيقى الكلاسيكية، وقام بتأليف موسيقى لا تنسى لعشرات الأفلام مثل "غاندي" (1982)، و"القفص الحجري" (1955).

ويشير الكتاب إلى الدور الذي لعبه شنكار على مدار أكثر من ثمانية عقود، بوصفه سفيراً ثقافياً لبلاده، ومؤدياً رائداً لموسيقاها الكلاسيكية، التي استطاع أن يجلب إرثها الغني إلى قاعات الحفلات والمهرجات الموسيقية حول العالم، بل إنه رسم طريقاً لأولئك الذين اتبعوا خطاه.

كما يقدّم صورة كاملة حول شخصيته التي وصفت بالأسطورية، بدءاً من طفولته في مدينة فاراناسي على ضفاف نهر الغانج، وهو المولود لعائلة بنغالية وكان والده محامياً، ويحمل المطقع الأول من اسمه معنى الشمس باللغة السنسكريتية، والذي استوحى منه كراسك عنوان كتابه.

يتتبع الكتاب أيضاً التحاقه بفرقة رقص أسّسها شقيقه، ودراسته المكثّفة للسيتار التي تعلّم العزف عليها باكراً على يد والدته، وتعود جذور هذه الآلة إلى العصر المنغولي بما تمثّله من امتزاج هندي وفارسي وشرق آسيوي، وكيف سعى شنكار إلى إحياء تراثها في الهند وخارجها.

ينتقل كراسك في جزء ثانٍ من الكتاب إلى الصداقات الوثيقة التي جمعت المؤلّف الهندي مع عدد من الفنانين من أمثال عازف الساكسفون الأميركي جون كولترين ومواطنه الملحن فيليب غلاس وعازف الغيتار في فرقة "البيتلز" جورج هاريسون، والمؤلّف الأوبرالي البريطاني بنجامين بريتن.