"الشك"... كيف نشعر بكل هذا الملل في عشر دقائق؟

20 يوليو 2020
قصي الخولي في مسلسل الشك (شاهد)
+ الخط -

كيف يمكن أن نشعر بكل هذا الملل في عشر دقائق؟ هذا هو السؤال الأول الذي يتبادر إلى ذهننا عندما نتابع حلقات مسلسل "الشك"، الذي تشارك في إخراجه مارك عيد وفاطمة البنوي، ويلعب قصي خولي دور البطولة فيه، وتعرض منصة "شاهد" الرقمية حلقاته القصيرة تباعاً بشكل أسبوعي.
تم إنتاج مسلسل "الشك" في ظروف استثنائية، في ظل إجراءات الحجر الصحي المتبعة للحد من انتشار فيروس كورونا، واعتمد صنّاع العمل على الشكل الفني الذي ابتكره المخرج الجورجي، ليو غابريادز، سنة 2014 في فيلم Unfriended، الذي حول فيه شاشة السينما لشاشة تعرض ما يظهر على شاشة بطل الفيلم، أثناء محادثة جماعية تجريها مع أصدقائها يخترقها دخيل، لتنتهي المحادثة بسلسلة من الجرائم الغامضة. ويبدو واضحاً أن صنّاع مسلسل "الشك" قد لجؤوا لهذا الخيار الفني لأنه يتوافق مع قواعد التباعد الاجتماعي التي تم فرضها في الفترة الماضية، وأرادوا أن يصنعوا مسلسل رعب وإثارة شبيه بـUnfriended؛ وهو خيار يبدو ذكياً، ولكن التجربة لم تكلل بالنجاح؛ فلم ينجح المسلسل في جذب الجمهور بعد مضي 10 حلقات من أصل 14. ومن الممكن تفسير أسباب فشل التجربة من خلال المقارنة مع فيلم غابريادز.

التقطيعات الزمنية
في فيلم Unfriended يتطابق الزمن الدرامي مع الزمن الواقعي، فتشعر بأن الشخصيات العاجزة عن التصدي للكيان الذي اخترق محادثتهم في سباق مع الزمن؛ لذلك تشعر بالإثارة والتوتر النفسي العالي، على الرغم من الاعتماد على كادر واحد، جامد قلما يتحرك. وأما في مسلسل "الشك"، فإن الزمن الدرامي لا يتطابق مع الزمن الواقعي، وتمر اللحظات ثقيلة في قصة يتجاوز زمنها الافتراضي الشهر؛ ليبدو بطء مجرى الأحداث ثقيلاً ومملاً، ويجعل من الدقائق التي تمر ونحن نتابع المحادثات المكتوبة على الشاشة كارثية، بكل ما تعنيه الكلمة من معنى.

سينما ودراما
التحديثات الحية

 

الكوادر واللقطات
الدقائق الأولى من فيلم Unfriended لا تبشر بفيلم عظيم، فثبات الكاميرا والحركة المحدودة للممثلين ضمن الكوادر قد تشعرك بالضجر، ولكن غابريادز يبهرك بعد تصاعد الأحداث بقدرته على استثمار المساحات الضيقة لرسم مشاهد سينمائية عالية الجودة، كما يجعلك مع مرور الوقت تصادق على أهمية الكادر الثابت، من خلال العلاقة الحتمية التي يبنيها بين الشخصية والكاميرا. وأما في مسلسل "الشك"، فإن استخدام كاميرا اللابتوب كمنظور للتصوير، يبدو أمراً اعتباطياً في الكثير من اللقطات. ففي الحلقتين الأولى والثانية يتم استخدام المنظور والكاميرا ذاتها لتصوير بطلة المسلسل "سمر" في مشاهد من المفترض أنها لا تقوم بتصويرها. وبعد الحلقة الثالثة يستغني مُخرِجَا العرض عن الكادر الثابت نسبياً، ليصورا بعض المشاهد من دون الاكتراث بالمنظور؛ مما يزيد الأمور اعتباطية. ولكن يجدر بنا أن نشير هنا، إلى أن اهتمام المخرجان بمنظور الكاميرا وعلاقتها مع الشخصيات خلق بعض المشاهد الجيدة، مثل مشهد مقتل "حسام"، الذي يتم تصويره من خلال منظور الشخص الأول، على طريقة ألعاب الفيديو.

الحكاية والدوافع
في مسلسل "الشك"، كل ما يحدث يبدو أنه وليد الصدفة، يبدأ باتصال خاطئ يجعل من "سمر" شاهدة على جريمة، وتسير بعدها الأحداث ببطء من دون منطقية، لتمر أسابيع طويلة والشخصية تشعر بأنها محاصرة، ولا تجرؤ على طلب المساعدة رغم امتلاكها للعديد من المعطيات، وعندما تواجه القاتل في الحلقة العاشرة، تتغلب عليه ببساطة، ليبدو أن كل مخاوفها غير مبررة. والأسوأ من ذلك أن دوافع المجرم تبدو غير مقنعة البتة، فلا شيء يمكن أن يبرر كل هذا الطويل الذي يمضيه بترصد فتاة تنصاع لأوامره وهو قادر على تملكها لو أراد. وفي المقابل، فإن شخصية الدخيل في فيلم Unfriended تبدو أكثر إقناعاً رغم غموضها. ورغم انتهاء الفيلم قبل أن ندرك ماهيتها؛ وذلك لأن دوافعها مقنعة تماماً، فهي تقوم باختراق محادثة بين أشخاص كانوا مسؤولين عن انتحار صديقتهم، التي كانوا يتنمرون عليها، ليرتكب كل الجرائم بدافع الانتقام.

دلالات
المساهمون