بعد أيام على انتهاء تدريبات عسكرية روسية واسعة النطاق في البحر الأبيض المتوسط، تبدأ روسيا، اليوم الثلاثاء، مناورات "فوستوك-2018" (الشرق-2018) وهي أكبر تدريبات عسكرية تجريها موسكو منذ عام 1981، أي منذ عهد الاتحاد السوفييتي. ويشارك في التدريبات التي ستستمر حتى يوم 17 سبتمبر/أيلول الحالي، نحو 300 ألف عسكري، بالإضافة إلى 36 ألف قطعة عسكرية في آن واحد وفي ظروف قريبة من "الظروف القتالية". وتجري المناورات في منطقة فوستوك، جنوب سيبيريا قرب الحدود مع منغوليا.
وفي الوقت الذي أثارت فيه المناورات مخاوف دول الغرب، سارعت وزارة الدفاع الروسية للتأكيد على مراعاة روسيا التزاماتها أمام الدول المجاورة. وقبل انطلاق المناورات بأيام، نفت المتحدثة الرسمية باسم وزارة الخارجية الروسية، ماريا زاخاروفا، هي الأخرى أن "تكون التدريبات استعداداً لنزاع"، مؤكدة أن "التدريبات ستجري بمنأى عن مناطق مسؤولية حلف الأطلسي ولن تؤثر على أمن أعضائه، كما تمت دعوة الملحقين العسكريين للحلف الأطلسي لمراقبتها".
استبقت روسيا مناوراتها الكبرى بأخرى واسعة النطاق أيضاً أُجريت في المتوسط بمشاركة 26 سفينة حربية، وكان بعضها مزوّداً بصواريخ "كاليبر" المجنحة، ووبمشاركة غواصتين وقاذفات "توبوليف-160" المعروفة باسم "البجعة البيضاء" والتي تفوق سرعتها سرعة الصوت. ومع ذلك، رفض كوروتشينكو الربط بين هذه التدريبات، قائلاً: "لا علاقة بينهما، بل هذه مجرد صدفة، لأن روسيا تجري تدريبات عسكرية بلا توقف على مدار السنة".
ومع مشاركة وحدات صينية ومنغولية في إحدى مراحل التدريبات، بالإضافة إلى دعوة تركيا لها، أصبحت مناورات "فوستوك-2018" ذات طابع دولي وحاملة رسائل إلى الغرب بالتحالفات التي أقامتها روسيا خارج الكتلة الغربية، وفق خبراء عسكريين.
وذكرت صحيفة "أرغومينتي إي فاكتي" في مقال بعنوان "رسالة إلى الغرب. لماذا تجري روسيا أكبر المناورات العسكرية؟" نشر أمس الاثنين، أن "كلاً من مناورات فوستوك-2018، والتدريبات في المتوسط، شكّلا رسالة للولايات المتحدة التي لوّحت باستخدام القوة بحق النظام السوري، فيما شكّلت مشاركة 3200 جندي صيني رسالة بالتحالف بين موسكو وبكين". ونقلت الصحيفة عن نائب مدير معهد التحليل السياسي والعسكري، ألكسندر خرامتشيخين، قوله، إنه "يمكن الخروج بنتيجة مفادها أن إجراء تدريبات فوستوك بهذه الصيغة يشكل رسالة إلى الغرب. إذا لم تكونوا تريدون صداقة معنا، فستكون لنا صداقة مع الصينيين. هذه سياسة بامتياز".
وكان وزير الدفاع الروسي، سيرغي شويغو، قد أعلن في نهاية أغسطس/آب الماضي عن إجراء مناورات "فوستوك-2018" التي ستكون الكبرى منذ مناورات "زاباد-81" (الغرب-81)، وذلك بجميع ميادين التجارب تقريبا للدائرتين العسكريتين الوسطى والشرقية، وأسطولي المحيط الهادئ والشمال، وقوات الإنزال الجوي وغيرها.
ومن المقرر أن يحضر الرئيس الروسي، فلاديمير بوتين، إحدى مراحل التدريبات بعد مشاركته في المنتدى الاقتصادي الشرقي في مدينة فلاديفوستوك في الشرق الأقصى الروسي، وفق ما صرح به المتحدث الرسمي باسم الرئاسة الروسية دميتري بيسكوف.
وسبق لروسيا أن أجرت في العام الماضي تدريبات "الغرب-2017" واسعة النطاق والمشتركة مع بيلاروسيا وبمشاركة نحو 13 ألف عنصر. أما تدريبات "الغرب-81"، فجرت في سبتمبر/أيلول 1981 على أراضي جمهوريات بيلاروسيا وليتوانيا واستونيا ولاتفيا وأوكرانيا السوفييتية آنذاك بمشاركة عشرات آلاف العناصر، وشملت دخول القوات إلى أراضي بولندا المجاورة التي كانت منطقة للنفوذ السوفييتي في ذلك الوقت.
وفي الوقت الذي لم يتم فيه رفع السرية عن نتائج تدريبات 1981 للاتحاد السوفييتي حتى الآن، خرج الغرب من مراقبتها بنتيجة مفادها أن قوات الأطلسي يمكنها كسر المقاومة في أوروبا الوسطى في ظرف ثلاثة أيام فقط ما لم يتم استخدام سلاح نووي، وفق ما ذكّرت به "أرغومينتي إي فاكتي".