"الدرجات الخاصة"... عنوان التنافس السياسي المقبل في العراق

09 مارس 2019
عبد المهدي قد يلجأ إلى حيلة النافذة الإلكترونية(مرتضى سوداني/الأناضول)
+ الخط -

مع إعلان موعد انعقاد الجلسة الأولى للبرلمان العراقي، في فصله التشريعي الثاني، اليوم السبت، والذي يتوقع أن يكون فصلاً ساخناً بسبب الملفات التي تنتظر حسمها في أروقته، مثل استكمال حكومة عادل عبد المهدي، والمتبقي لها أربع وزارات شاغرة، هي الدفاع والداخلية والعدل والتربية، مروراً بملف الوجود الأجنبي في العراق واستضافة رئيس الوزراء والقيادات العسكرية بهذا الشأن، يواجه رئيس الحكومة معركة جديدة مع الأحزاب والكتل السياسية، هي "الدرجات الخاصة". ويقصد بـ"الدرجات الخاصة" المناصب الحكومية الأدنى من الوزارات، التي يشغلها رؤساء الهيئات ووكلاء الوزارات والمستشارون ورؤساء البعثات والمدراء العامون، والبالغ عددها وفقاً لتقديرات غير رسمية، نحو ألفي منصب، تطالب الأحزاب والكتل السياسية أن تخضع للمحاصصة، أسوة بالتشكيلة الحكومية.

وكانت حكومة عبد المهدي جاءت وفق المحاصصة الطائفية على غرار الحكومات الخمس السابقة التي أعقبت احتلال العراق في العام 2003، خلاف ما وعدت به قوى سياسية رفعت شعار إنهاء المحاصصة الطائفية في حملاتها الانتخابية، كتحالفات "سائرون" و"النصر" و"الحكمة" و"المحور". ويؤكد نواب تصاعد الضغوط على عبد المهدي بشأن هذه الوظائف، مع قرب إتمام حكومته واغلاق الشواغر فيها. ووفقاً لعضو بارز في البرلمان العراقي عن تيار "الإصلاح" فإن رئيس الوزراء "يتعرض لضغوط منذ أيام حيال المناصب الأخرى بالدولة، تحت مزاعم حق المكون والتمثيل والحق الانتخابي". وقال إن "البرنامج الحكومي لعادل عبد المهدي، الذي تمت الموافقة عليه، يقضي بتغييرات واسعة في المناصب التي أمضى أصحابها فيها أكثر من 6 سنوات، وكذلك المناصب التي تدار بالوكالة. وحالياً نسمع تحركات للأحزاب وكتل سياسية عدة تطالب بضمان حصتها من هذه المناصب، أو ما يسمونه حق المكون أو الطائفة أو الفئة، ضمن مصطلحات يجيدون استخدامها للاختباء خلفها لتحقيق مصالح حزبية لهم".

وأوضح أن "قوى عربية سنية تتحرك بهذا الإطار، وتحت عنوان حق المكون، وتفعل قوى كردية الشيء ذاته، وأحزاب شيعية تعتبر أنه لم يتم إنصافها في التوزيع الوزاري تطالب بمناصب من الدرجات الخاصة". واعتبر العضو في البرلمان أن "رئيس الوزراء قد يلجأ إلى حيلة النافذة الإلكترونية، التي استخدمها خلال التنافس على المناصب الوزارية للتخلص من هذه الضغوط. لكن نظراً لمرور أربعة أشهر على حكومة عبد المهدي، فإنه سيرضخ وينتهي الحال بتقاسم حزبي وطائفي لتلك المناصب على غرار تشكيلته الوزارية". وأكد أن "رئيس الوزراء مُلزم بإنهاء ملف إدارة المناصب الحكومية بالوكالة قبل حلول يونيو/حزيران المقبل، بسبب وجود بند في الموازنة يحتم ذلك، وهو ما يعني انطلاق معركة الدرجات الخاصة مبكراً".

وأكد النائب محمود الملا طلال، عضو تيار "الحكمة" الذي يتزعمه عمار الحكيم، أن "المناصب أو الدرجات الخاصة يجب أن تكون بتوافقات سياسية، سواء عن طريق المحاصصة أو غير المحاصصة". وأضاف، في حديث لـ"العربي الجديد"، أنه "حتى مع التوافق السياسي يجب أن تكون الترشيحات لتلك المناصب ضمن معايير تشمل التخصص، وألا يؤتى بشخص تخصصه مخالف لهذا المنصب أو ذاك". وحول الضغوط على رئيس الوزراء بهذا الشأن، قال طلال "إذا تكلمنا بشفافية، نعم ستكون هناك ضغوط من الكتل والقوى السياسية حول هذه المناصب، ورئيس الوزراء يجب أن يثبت قوته في هذا الملف وعدم الخضوع والالتزام بالمعايير الرئيسية في اختيار الشخصيات لشغل تلك المناصب حتى مع التوافق السياسي، وإلا فإن الفشل الحكومي يعني فشل عادل عبد المهدي نفسه".



إلى ذلك، أكد النائب عن تحالف "الفتح" عباس شعيل أن عبد المهدي يتعرض إلى ضغوط شديدة من أجل قبول مرشحي عدد من الأحزاب والقوى السياسية في الدرجات الخاصة، موضحاً أن بعض الكتل تعمل على تمرير مرشحيها كمدراء عامين ورؤساء للهيئات. وأشار إلى "وجود أكثر من خمسة آلاف درجة خاصة بحاجة إلى التغيير بسبب تردي واقع المؤسسات والخدمات"، معبراً عن "أسفه لاستمرار المحاصصة في توزيع المناصب الحكومية المتعلقة بالدرجات الخاصة". واعتبر أن "رئيس الوزراء بحاجة الى وقت طويل من أجل حسم هذه المناصب، بسبب حساسيتها وأهميتها، بالإضافة إلى الضغوط التي يتعرض إليها".

وكان النائب عن تحالف "سائرون" محمود أديب قال، لـ"العربي الجديد"، إن رئيس الوزراء كان تعهد في وقت سابق بقرب إنهاء ملف التعيينات بالوكالة، مشدداً على "ضرورة التأكد والتدقيق والتمحيص قبل منح أي منصب للمرشحين". ودعا "الحكومة إلى الإسراع بحسم هذا الملف، لا سيما ما يتعلق بوكلاء الوزراء والمدراء العامين". ولفت النائب عن تحالف "الإصلاح" عباس صروط إلى وجود اتفاق سابق بين الحكومة والبرلمان بشأن تشكيل لجنة مشتركة تتولى مهمة معالجة المواقع والمناصب التي تدار بالوكالة، موضحاً أن القوى السياسية دخلت في خلافات في ما بينها على عدد من المواقع. يشار إلى أن ظاهرة إدارة المناصب المهمة بالدولة العراقية بالوكالة كانت اتسعت في عهد حكومتي رئيس الوزراء الأسبق نوري المالكي (2006-2014)، حيث عمد المالكي إلى زج قيادات حزب "الدعوة" لتولي الدرجات الخاصة، بهدف تأسيس ما بات يعرف في العراق بـ"الدولة العميقة".

المساهمون