"الخرطوم للفيلم العربي": مهرجان يلحق بالركب

24 اغسطس 2015
من "كانوا يوماً هنا" لـ وارث كويش (العراق)
+ الخط -

عند النظر إلى المشهد السينمائي العربي عموماً، والأفريقي خصوصاً، نجد أنّ بلاداً مثل الجزائر والمغرب ومصر، لديها إنتاج غزير، وتَقدُّم نسبيّ في صناعة السينما، إن كانت تجاريّةً أو مستقلّةً، مع تفاوتٍ في جودة ما يُنتج.

تغيب عن هذا المشهد السّودان، التي يقتصر الأمر فيها على مبادرات شبابية قليلة، سواءً في صناعة الأفلام، أو في تنظيم مهرجانات سينمائية. لكن، في المقابل، ثمّة مساعٍ إلى تفعيل دور سينمائي للسّودان، من خلال نشاطات مختلفة، أحدثها "مهرجان الخرطوم للفيلم العربي"، الذي تنطلق دورته الأولى يوم 27 آب/ أغسطس الجاري.

هكذا، يصبح "الخرطوم للفيلم العربي"، إلى جانب كل من مهرجانَي "السودان للسينما المستقلة" و"تهارقا للسينما والفنون"، ثالث تظاهرات الفن السابع في السودان.

إلّا أنّ المهرجان الجديد، يحمل من خلال اسمه إشارةً تدلُّ على طموحٍ أكبر؛ فهو لـ"الفيلم العربي". تُنظّم المهرجان "مجموعة الخرطوم للفيلم العربي"، التي تأسّست قبل قرابة عام، ويديرها محمد إبراهيم.

في حديثه إلى "العربي الجديد"، يوضّح إبراهيم بوادر تنظيم هذا المهرجان: "في آخر ثلاث سنوات، برزت مجموعات شبابية مستقلة، تحاول أن تضع السودان في الخارطة السينمائية العربية، إذ تقيم تدريباتٍ وورشاً؛ ساعية إلى البحث عن سُبُل تأسيس خطّ إنتاج مستقل قدر الإمكان".

هكذا، وفق إبراهيم، فإن المهرجان الجديد "يسعى إلى دعم وتطوير السينما العربية". طموحٌ كبير، إلى درجة تبدو خيالية بالنسبة لحال السودان سينمائيّاً. إلّا أن إبراهيم يرى أن إقامة هذا المهرجان والمواظبة عليه، واستضافة خبراء عرب يدرّبون الشباب الذين يمتلكون طموحاتٍ فنية، تشكّل عواملَ من شأنها أن تُفعّل دور بلاده بشكل تدريجي في المشهد السينمائي العربي.

وعن أسباب تراجع الإنتاج السينمائي في السودان، يقول إبراهيم: "ثمّة ضعفٌ في الموارد المالية، وضعف في الموارد التقنية؛ فالسودان بلد يفتقر إلى المختصين الذين من الممكن أن يقدّموا خبراتهم للأجيال الشابة".

يضيف: "إلى جانب ذلك، كنّا نعاني من غياب العمل المؤسسي، خصوصاً الرسمي، الذي لم يساعد في خلق حالة فنية، وتكثر في خطاباته المحرّمات الاجتماعية والفنية".

في هذا السياق، يشير إبراهيم إلى أن "الخرطوم للفيلم العربي" يُقام برعاية وزارة الثقافة في بلاده. بالنسبة له، إنّ هذه إشارة مهمّة إلى "أنّ الدولة تتحوّل لتصبح أكثر انفتاحاً ممّا كانت عليه". لكن هل هذا كافٍ كي نقول إنّها أكثر انفتاحاً؟ يجيب: "نعم، ففي الآونة الأخيرة، باتت تساهم في رعاية الكثير من الفعاليات الثقافية، مثل مهرجانات المسرح والموسيقى".

خمسون فيلماً من 15 بلداً عربياً، ستشارك في المهرجان، وتقتصر على فئتين فقط: وثائقية، وروائية قصيرة. اثنان فقط تقدّما بأفلام روائية طويلة، ورُفضا لأسباب تقنية، فمن شروط المهرجان الأساسية ألّا تكون الأعمال قد عُرضت قبل ذلك في دور السينما أو على الإنترنت؛ "لا نريد أن نعزّز الجانب التجاري في المهرجان، نستقطب الأفلام المستقلة أكثر من غيرها"، يوضّح إبراهيم. هذا ما يؤكّده غياب الأسماء المعروفة بين المشاركين، وحضور لافت للشباب.

ويتابع: "من الأسباب الرئيسية لغياب الأفلام الطويلة، كلفتها العالية، التي لم يتمكّن شباب مستقلّون من تغطيتها، فكانت الغلبة للقصيرة والوثائقية".

من اللافت في برنامج المهرجان، أن معظم المشاركات هي من العراق وسورية، رغم ما يمرّ فيه البلدان من ظروف صعبة على الأصعدة كافّة، بينما يشارك من السودان فيلمان فقط.

عن هذه المشاركات، يقول إبراهيم: "لاحظنا اهتماماً كبيراً من الشباب العراقيين والسوريين. معظم المشاركات كانت برعاية رسمية".

رغم ذلك، من الأفلام المشاركة اللافتة، الوثائقي "كانوا يوماً هنا" (12 د)، للمخرج العراقي وارث كويش. فبكاميرا الهاتف النقّال، تجوّل كويش بين المتظاهرين العراقيين المطالبين بتحسين عيشهم وتوفير العمل لهم ونبذ الخلافات الطائفية والسياسية.

كاميرا الهاتف النقّال، كانت كافيةً لأن يشارك المخرج الشاب في الدورة الأخيرة من مهرجان "كان". فلم يكن في حاجة إلى ميزانية إنتاج عمل ضخم، تدعمها مؤسسة حكومية، كي يصنع فيلماً جيداً.

تتنافس الأفلام على سبع جوائز، هي: أفضل فيلم وثائقي وأفضل فيلم قصير (روائي) وأفضل ممثل، وأفضل إخراج، وأفضل تصوير، وأفضل سيناريو، وأفضل مؤثرات صوتية وبصرية. أما الجوائز، فلن تكون مادية، بل رمزية.

المساهمون