"الحرية: تاريخ جامح" من هيرودوت إلى عصرنا

17 اغسطس 2020
عمل بعنوان "أرض الحرية" لهنري دونو/ أندونيسيا
+ الخط -

لم يكن اختراع الحرية الحديثة - بمعنى معادلة الحرية بالقيود المفروضة على سلطة الدولة - نتيجة طبيعية لاتجاهات غربية علمانية مثل نمو التسامح الديني أو إنشاء مجتمعات السوق. بدلا من ذلك، كان مدفوعاً برد فعل معاد للديمقراطية في أعقاب الثورات التي هزت فرنسا وأميركا وأميركا اللاتينية وإيرلندا.

هذه الفرضية هي مقولة الكتاب الصادر مؤخراَ ضمن منشورات جامعة "هارفارد" تحت عنوان "الحرية: تاريخ جامح"، للكاتبة الأكاديمية أنالين دي ديين، أستاذة التاريخ في جامعة أوتريخت في هولندا، حيث تُدرّس التاريخ السياسي والفكري. 

لطالما ركزت الكاتبة في مؤلفاتها على تاريخ الفكر السياسي في أوروبا والولايات المتحدة من عام 1700 حتى الوقت الحاضر، حيث يبرز اهتمامها بتاريخ المفاهيم السياسية الرئيسية مثل الحرية والديمقراطية والليبرالية، ويأتي كتابها "الحرية: تاريخ جامح" في هذا السياق، وهو بمثابة تاريخ فكري للحرية من هيرودوت حتى الوقت الحاضر. 

الصورة
غلاف الكتاب

تقول الكاتبة إننا نميل إلى التفكير في الحرية على أنها شيء يتم حمايته على أفضل وجه من خلال تقييد دقيق لحدود نشاط الدولة المشروع. ولكن من الذي توصل إلى هذا الفهم للحرية ولأي غرض؟ ومن خلال إعادة تقييم لأكثر من ألفي عام من التفكير في الحرية في الغرب، تقول دي داين إننا مدينون برؤيتنا عن الحرية ليس لمحبي الحرية في عصر الثورة ولكن لأعداء الديمقراطية.

إن مفهوم الحرية السائد اليوم - أي أنها تعتمد على حدود سلطة الدولة - هو قطيعة متعمدة ودراماتيكية مع طرق التفكير الراسخة حول الحرية. وتوضح أنه وعلى مدى قرون، حدّد الناس في الغرب الحرية بالقدرة على ممارسة السيطرة على الطريقة التي يُحكمون بها. كان لديهم أفضل ما يمكن وصفه بالمفهوم الديمقراطي للحرية.

 مفهوم الحرية السائد اليوم هو قطيعة متعمدة ودراماتيكية مع طرق التفكير الراسخة حول الحرية

يؤكد فهم التاريخ الطويل للحرية على مدى ارتباطها مؤخرًا بالحكومة المحدودة. كما أنه يكشف شيئًا حاسمًا حول أنساب طرق التفكير الحالية في الحرية. إن الفكرة القائلة بأن الحرية يتم الحفاظ عليها على أفضل وجه من خلال تقليص مجال الحكومة لم يخترعها ثوار القرنين السابع عشر والثامن عشر الذين أنشأوا الديمقراطيات الحديثة - بل اخترعها نقادهم وخصومهم. 

يأتي الكتاب في قسمين كل منهما يتضمّن عدة فصول، الأول بعنوان "التاريخ الطويل للحرية" ويتضمّن "عبيد للا أحد: الحرية في اليونان القديمة"، "صعود وسقوط الحرية الرومانية"، "إحياء الحرية"، "نهضة الحرية"، "الحرية في ثورات الأطلسي". 

أما القسم الثاني فعنوانه "إعادة التفكير في الحرية" ويتضمن فصلي "ابتكار الحرية الحديثة"، و"انتصار الحرية الحديثة"، وتأتي الخاتمة لتتناول "الحرية في القرن الحادي والعشرين". سبق وأن صدر للكاتبة دي ديين كتاب "الفكر السياسي الفرنسي من مونتسكيو إلى توكفيل: الحرية في مجتمع مستوي" (منشورات كامبريدج، 2008). 

 

آداب وفنون
التحديثات الحية
المساهمون