لا يعرف اللبنانيون الكثير عن جبهة "النصرة". أكثرهم يعرفون معلومتين: هي الجهة التي تخطف مجموعة من الجنود اللبنانيين، وهي جهة تقاتل ضد النظام السوري و"حزب الله" في سورية. عند هذه الحدود تقف العلاقة بين اللبنانيين والجبهة. بعضهم لا يعرف أصلاً أن الجبهة تنظيم، و"داعش" تنظيم آخر.
لا وجه للجبهة، لا وجه نعرفه، لا اسم حقيقياً نعرفه: أبو مالك التلي، أبو محمد الجولاني... أسماء تحيل أكثر إلى قصص خيالية عن تنظيم يربض في جرود عرسال، يقتل ويخطف.. هنا تنتهي المخيلة اللبنانية الشعبية عن "النصرة" أو غيره من التنظيمات.
يوم أمس، على الشاشة دخلنا إلى جرود عرسال، لأول مرة ربما، نشاهد "الجرود". نشاهد أعلام "النصرة" السوداء ترفرف أمامنا، يحملها شباب مكشوفو الوجوه (تقريباً). أولاد صغار يلهون تحت الرايات، أمام منازل يفترض أنها منازل المقاتلين في التنظيم. حياة كاملة تدور هناك. بعيداً عن الحكايات التي في مخيلتنا، حياة عادية، كاملة بكل تفاصيلها شاهدناها بكاميرا قناة "الجزيرة".
"الجزيرة" إذاً، مرةّ أخرى، تدخل "جمهورية النصرة"، وحيدة، متسلحة بمدير مكتب بيروت مازن إبراهيم، ومراسلها إيهاب العقدي، وسيارتيّ بثّ مباشر (واحدة نقلت لنا مباشرة عملية التبادل، وأخرى داخل معقل النصرة)، وثلاث كاميرات (إيلي برخيا، وعمر عيتاني، وجبران مفطوم). وعلى الشاشة نفسها، مقابلات مع مواطنين، ومقاتلين وغيرهم يشكرون (بطبيعة الحال) جبهة "النصرة". طبعاً انفراد "الجزيرة"، ومعها وإن بشكل أخفّ وأقل بريقاً، مراسل mtv حسين خريس، فتح النقاش مجدداً، حول سبب السماح لـ"الجزيرة" دون غيرها بالدخول بكامل عتادها التقني إلى المنطقة، وتأمين النقل المباشر طيلة ساعات التبادل، لتنقل عنها كل القنوات اللبنانية. نقاش أدى إلى موجة غضب وهستيريا على مواقع التواصل من قبل إعلاميين ضد "الجزيرة"، تحديداً الجهات الإعلامية التي منعت من دخول عرسال أو الوصول إلى الجرود، على اعتبار أن ما تفعله "الجزيرة" ترويج لـ"النصرة".
حسناً، لن ندخل مجدداً في النقاش حول علاقة القناة بـ"النصرة"، حول إطلالتين لأبو محمد الجولاني، أمير الجبهة، مع أحمد منصور، وحول تحقيق هذا الأخير مع أحد الأسرى لدى الجبهة... فكل ذلك كان فاقعاً، ومستفزاً.. لكن النقاش حول تغطية الأمس يطرح علامات استفهام أخرى، حول الاتفاق غير العلني بين جبهة النصرة والأمن العام اللبناني، بأن تنقل قناة "الجزيرة" كل تفاصيل عملية التبادل مباشرة على الهواء، لأن "الجبهة لا تثق بالأمن العام اللبناني". وعلامات استفهام أخرى حول الغضب والتحريض الإعلامي على "الجزيرة" من قبل جهات إعلامية كانت تتسابق لاجتياز الحدود، للقاء أبو إبراهيم في إعزاز الذي كان يخطف مجموعة من الحجاج اللبنانيين.
وزارة الخارجية القطرية، أعلنت في بيان رسمي أنها هي من رعت عملية التبادل، كان من الطبيعي أن تكون القناة القطرية أي "الجزيرة" هي من يغطي العملية. يمكن أن ينتهي النقاش هنا... بهذه البساطة. أما النقاش الذي لم يبدأ بعد، فهو حول ما نقلته كاميرا "الجزيرة" حول "جرود عرسال"، والحياة التي تنبت هناك... وهؤلاء الذين يعيشون فيها. يوم أمس للمرة الأولى كُسر السواد الذي كان يحيط بـ"جرود عرسال".. هذا هو الخبر الإعلامي الآخر.
اقرأ أيضاً: الإعلام اللبناني باكياً على السبَق
لا وجه للجبهة، لا وجه نعرفه، لا اسم حقيقياً نعرفه: أبو مالك التلي، أبو محمد الجولاني... أسماء تحيل أكثر إلى قصص خيالية عن تنظيم يربض في جرود عرسال، يقتل ويخطف.. هنا تنتهي المخيلة اللبنانية الشعبية عن "النصرة" أو غيره من التنظيمات.
يوم أمس، على الشاشة دخلنا إلى جرود عرسال، لأول مرة ربما، نشاهد "الجرود". نشاهد أعلام "النصرة" السوداء ترفرف أمامنا، يحملها شباب مكشوفو الوجوه (تقريباً). أولاد صغار يلهون تحت الرايات، أمام منازل يفترض أنها منازل المقاتلين في التنظيم. حياة كاملة تدور هناك. بعيداً عن الحكايات التي في مخيلتنا، حياة عادية، كاملة بكل تفاصيلها شاهدناها بكاميرا قناة "الجزيرة".
"الجزيرة" إذاً، مرةّ أخرى، تدخل "جمهورية النصرة"، وحيدة، متسلحة بمدير مكتب بيروت مازن إبراهيم، ومراسلها إيهاب العقدي، وسيارتيّ بثّ مباشر (واحدة نقلت لنا مباشرة عملية التبادل، وأخرى داخل معقل النصرة)، وثلاث كاميرات (إيلي برخيا، وعمر عيتاني، وجبران مفطوم). وعلى الشاشة نفسها، مقابلات مع مواطنين، ومقاتلين وغيرهم يشكرون (بطبيعة الحال) جبهة "النصرة". طبعاً انفراد "الجزيرة"، ومعها وإن بشكل أخفّ وأقل بريقاً، مراسل mtv حسين خريس، فتح النقاش مجدداً، حول سبب السماح لـ"الجزيرة" دون غيرها بالدخول بكامل عتادها التقني إلى المنطقة، وتأمين النقل المباشر طيلة ساعات التبادل، لتنقل عنها كل القنوات اللبنانية. نقاش أدى إلى موجة غضب وهستيريا على مواقع التواصل من قبل إعلاميين ضد "الجزيرة"، تحديداً الجهات الإعلامية التي منعت من دخول عرسال أو الوصول إلى الجرود، على اعتبار أن ما تفعله "الجزيرة" ترويج لـ"النصرة".
حسناً، لن ندخل مجدداً في النقاش حول علاقة القناة بـ"النصرة"، حول إطلالتين لأبو محمد الجولاني، أمير الجبهة، مع أحمد منصور، وحول تحقيق هذا الأخير مع أحد الأسرى لدى الجبهة... فكل ذلك كان فاقعاً، ومستفزاً.. لكن النقاش حول تغطية الأمس يطرح علامات استفهام أخرى، حول الاتفاق غير العلني بين جبهة النصرة والأمن العام اللبناني، بأن تنقل قناة "الجزيرة" كل تفاصيل عملية التبادل مباشرة على الهواء، لأن "الجبهة لا تثق بالأمن العام اللبناني". وعلامات استفهام أخرى حول الغضب والتحريض الإعلامي على "الجزيرة" من قبل جهات إعلامية كانت تتسابق لاجتياز الحدود، للقاء أبو إبراهيم في إعزاز الذي كان يخطف مجموعة من الحجاج اللبنانيين.
وزارة الخارجية القطرية، أعلنت في بيان رسمي أنها هي من رعت عملية التبادل، كان من الطبيعي أن تكون القناة القطرية أي "الجزيرة" هي من يغطي العملية. يمكن أن ينتهي النقاش هنا... بهذه البساطة. أما النقاش الذي لم يبدأ بعد، فهو حول ما نقلته كاميرا "الجزيرة" حول "جرود عرسال"، والحياة التي تنبت هناك... وهؤلاء الذين يعيشون فيها. يوم أمس للمرة الأولى كُسر السواد الذي كان يحيط بـ"جرود عرسال".. هذا هو الخبر الإعلامي الآخر.
اقرأ أيضاً: الإعلام اللبناني باكياً على السبَق