أولى سقطات إعلام السلطة تسليمه بفكرة الحضور "المفاجئ" للسفير، فإن كانت سفارة العدو لم تُبلّغ أساساً عن تنقلاّت دبلوماسيها وزيارتهم لمؤسسات حكومية، ومنها "المسرح القومي"، لدواعٍ أمنية على أقل تقدير، فلذلك معانيه في السياسة، وإن كان "السفارة" قد بلّغت بشأن الزيارة، وفق البرتوكولات المرعية، فإن تصريحات مدير المسرح يوسف إسماعيل حول عدم التنسيق معه يُصبح مشكوكاً بصحتّها.
السقطة الثانية هي قبول هذا الإعلام بمواصلة فريق العمل عرضه بعد اتصال وزير الثقافة بهم وقوله بضرورة تتمة العرض بسبب "الحضور الكثيف" و"تجاهل" وجود السفير، ولم ينتبه صحافيون ومحررّون وكتّاب إلى أن هذه ذريعة مرفوضة، وأن مقاطعة الكيان الصهيوني في أوروبا والولايات المتحدة قدّمت أمثلة كثيرة لا تقبل "المخاجلة".
باستثناء عبارات "عدم التنسيق مع الجهات المسؤولة"، و"حرج البطل يحيى الفحراني وزملائه"، و"دعوة الوزير إلى تجاهل الحادثة"، والاستعراض الذي قام به مدير المسرح القومي باستذكار نصر أكتوبر في كلمته، ما أدى إلى مغادرة السفير، فإننا لم نسمع حتى اللحظة تصريحاً رسمياً واحداً من وزارة الثقافة أو المسرح القومي يستنكر بوضوح هذه الحادثة.
بل يمكن القول إن بيان مدير المسرح يبعث على الشفقة بتأكيداته المتكرّرة حول "عدم الترحيب "بسفير الاحتلال، وأنه "دفع ثمن تذكرته وتذاكر حرّاسه وما اشتراه من مشروبات من الكافتريا".
بالتأكيد لا يمكن تجاهل صمت الفنان الفخراني حيال الواقعة، وهو الذي لا يندفع في إبداء آرائه السياسية إلاّ حين يتعلّق الأمر بالدفاع عن رؤساء حكموا بلاده، وفي مقدّمتهم أنور السادات، وعن توقيعه معاهدة السلام/ كامب ديفيد مع "إسرائيل" في أكثر من ظهور إعلامي سابق له.
ولا يمكن تفويت مواقف زوجته الكاتبة لميس جابر المسيئة لنضالات الشعب الفلسطيني والمؤيدة لحصار غزّة من قبل حكومة بلادها، كما أعربت صراحةً عن "ثقتها بإسرائيل"، وهي تصريحات بما فيها من شتائم وألفاظ نابية مرّت دون أن تتراجع عنها.