"التنبؤ بنهاية الرأسمالية": على مدى قرنين من الأحلام

24 مايو 2020
كريستينا أنيماشون/ الولايات المتحدة
+ الخط -
كان المفكرون منذ الثورة الصناعية مهووسين بما إذا كانت الرأسمالية ستنهار ومتى ولماذا، وفي السنوات الأخيرة صدرت عدة كتب في هذا السياق، ومنذ أن بدأت أزمة كوفيد 19، تدفقت الكتابات التي تقول بنهاية النظام العالمي بشكله الحالي، وأن الأزمة كشفت استحالة استمرار الرأسمالية، ومنها ما رأى في الأزمة فرصة لاختراق هذا النظام وإجراء الإصلاحات عليه.

ساعد في مساندة هذه الاعتقاد ترسخ الثقافة الرقمية وتكنولوجيا المعلومات وطرق العمل الجديدة والاقتصاد التشاركي، واعتقد منظرون أن في هذه الظواهر جوهر التغيير القادم، وإن كان هؤلاء رأوا في وقت سابق أن الرأسمالية بشكلها القديم ستأخذ وقتًا طويلاً لتختفي، فإنهم اليوم باتوا يرون أن الوقت قد حان وأن في أزمة وباء كورونا فرصة لا بد من استغلالها.

وفي كل مرة توقع فيها اليسار العالمي سقوط الرأسمالية، انهارت توقعاته ودمرت آلة السوق الخطة، ولم تفكر ولم تتصرف مجموعات المضطهدين والفقراء في العالم كما كان مفكرون يتوقعون، واتضح أن الرأسمالية لن تلغى بأساليب التفكير القديمة، وذهب البعض إلى إمكانية إجراء إصلاحات عميقة عن طريق تأسيس شيء أكثر ديناميكية داخل النظام القديم يكسر ويعيد تشكيل الاقتصاد حول القيم والسلوكيات الجديدة، وحتى أن البعض أطلق على هذه الفكرة مصطلح "ما بعد الرأسمالية".

في كتابه "التنبؤ بنهاية الرأسمالية: المغامرات الفكرية منذ كارل ماركس" الصادر مؤخراً عن منشورات جامعة هارفارد، يقوم الباحث فرانشيسكو بولديزوني برصد كل المحاولات التي قدمها مفكرون خلال قرنين من التنبؤات الفاشلة التي رأت قدوم لحظة مواتية لتفكيك الرأسمالية.

يقول الكاتب "إن النبوءات عن نهاية الرأسمالية قديمة قدم الرأسمالية نفسها. لم يتحقق أي منها. ومع ذلك، سواء بدافع الأمل أو الخوف، نستمر في البحث عن نذر موتها"، يصل بولديزوني في كتابه إلى جذر الحاجة البشرية لتخيل عالم مختلف وأفضل ويقدم حلًا مقنعًا للغز لماذا كانت الرأسمالية قادرة على تحمل الكثير من الصدمات والانتكاسات.

يرى المؤلف أن الرأسمالية دخلت القرن الحادي والعشرين منتصرة، وأصبح منافسها الشيوعي شيئاً إلى الماضي. لكن الركود الكبير وتفاقم عدم المساواة قد قوضت الثقة في استقرارها وأحيت الأسئلة حول آفاقها على المدى الطويل.

يتساءل الكاتب هل الرأسمالية في طريقها للنهاية؟ إذا كان الأمر كذلك، فما الذي قد يحل محلها؟ وإذا استمرت، فكيف ستتعامل مع الأزمات الاجتماعية والبيئية المستقبلية والتكاليف الحتمية للتدمير الخلاق؟ يظهر بولديزوني أن هذه الأسئلة وغيرها كانت في صميم الكثير من التحليل والمضاربة من الاشتراكيين الأوائل وكارل ماركس إلى حركة احتلال وول ستريت.

لقد نجت الرأسمالية من تنبؤات زوالها ليس، كما يعتقد الكثيرون، بسبب كفاءتها الاقتصادية أو أي فضائل جوهرية للأسواق ولكن لأنها متأصلة في الهيكل الهرمي والفرادي للمجتمعات الغربية الحديثة، وفقاً للكاتب.

دلالات
المساهمون