"البدلة"... عودة تامر حسني إلى النقطة الآمنة

04 سبتمبر 2018
لم يفشل أي من أفلام حسني (getty)
+ الخط -
لا مبالغة في القول إنّ تامر حسني يملك أنجح مسيرة لمطرب مصري في السينما المصرية منذ عبد الحليم حافظ، أي منذ الخمسينيات والستينيات. لا يتعلّق الأمر بمستوى الأفلام نفسها أو جودتها، بل بقدرته على خلق مسيرة ممتدة على 15 عامًا، شهدت بطولته لعشرة أفلام متتالية، من دون أن يفشل أيٌّ منها في شبّاك التذاكر، وذلك في ثباتٍ نادر للجماهيرية.

لكن، في مقابل هذا، هناك أمر سلبي؛ فرغم الضمانة المبدئية للنجاح نظرًا إلى شعبيته، لم يطوّر تامر حسني نفسه قيد أنملة عن النقطة التي بدأ منها. فهو يؤدّي الدور نفسه تقريبًا في كل فيلم، إن يكن الفيلم دراميًا أو رومانسيًا أو كوميديًا، فيكون فيها كلّها غالبًا شابًا منحرفًا وخفيف الدم بالنسبة إلى الشخصيات الأخرى في فيلمه. كما أنه يُلقي نكاتًا جنسية كلما سنحت له الفرصة قبل أن يلتقي "حُبّ حياته" الذي يُغيّره. الاستثناء الوحيد يتمثّل بمحاولة التجديد في فيلمه السابق "تصبح على خير" (2017) لمحمد سامي، بلمحة من الخيال العلمي، قبل أن يعود إلى "المنطقة الآمنة" في "البدلة" (2018) لمحمد جمال العدل.

الفيلم العاشر لتامر حسني مُقتبس عن الفيلم الأميركي Let’s Be Cops (2014) للوك غرينفلد، وهو كوميديا متواضعة رأى فيها الصنّاع المصريون، بشكل موفّق في الحقيقة، مادة جيدة للاقتباس. أما الحكاية، فعن شابين مولودين في اليوم نفسه هما وليد وخاله حمادة (أكرم حسني). إنهما فاشلان وعاطلان من العمل، يتصرّفان بشيء من التهوّر والغباء إزاء مواقف تصادفهما. تبدأ الحبكة من رغبة وليد في التقرّب من ريم (أمينة خليل)، زميلته في المدرسة الابتدائية، التي يشعر بحبّ نحوها. ذات مرّة، يُقرّر مع حمادة الذهاب إلى حفلة، يظنّان خطأ أنها تنكرية، فيرتديان زيّي ضابطي شرطة، ما يجعلهما محطّ أنظار الجميع واهتمامهم واحترامهم، بمن فيهم ريم نفسها.
في نهاية تلك الحفلة، يفتقدان "البدلة" وما تمثله من قبول مجتمعي، فيقرّر وليد الاستمرار في ارتدائها، ويقنع حمادة بذلك. لاحقًا، يواجهان ـ بشكل مباشرة ـ إرهابيًا دوليًا يدعى ماركوس (ماجد المصري). لكن الشرطة الحقيقية تبدأ بمطاردتهما.
الحكاية، المُشار بشكل صريح إلى اقتباسها في "جينيريك" البداية، جيّدة ومقبولة، تتيح خلق مفارقات كوميدية عديدة.

العنصر الأول كامنٌ في كونه شريكًا صريحًا في الكوميديا للمرّة الأولى. ففي أفلامه السابقة كلّها، كانت النكات نابعة من علاقته بفتاةٍ يحبّها، كما في ثلاثية "عمر وسلمى"، هي المثال الأبرز، مع حفنة شخصيات مساندة. هذه المرّة تقاسم الفيلم مع بطل آخر هو أكرم حسني، وكان الاختيار موفقاً.
العنصر الثاني هو "الأكشن"، المتمثّل باقتحام الإرهابي حيوات أبطال الحكاية صدفةً، فيأخذها إلى مسارٍ أعقد، ما يسمح بتقديم مَشاهد حركة جاذبة جدًا للجمهور المصري، تحديدًا مع تتابع المطاردة بالسيارات في مجمّع تجاري كبير قبيل نهاية الفيلم، وهذا مختلف نسبيًا عمّا يُقدَّم في الأفلام الأخرى.يعاني "البدلة" عيوبًا تعانيها غالبية الأفلام المصرية، وتحديدًا الكوميدية منها، كاختلاق مواقف غير مفيدة دراميًا لمجرد تقديم "إيفيه"، أو قفزات مجافية للمنطق (تحلّي بطل الفيلم فجأة بقدرات جسدية وقتالية تجعله مؤهّلاً لمناطحة إرهابي دولي خطير)، أو أغانٍ دخيلة تُبطئ إيقاع الفيلم لاستغلال جانب المطرب في الممثل، وغيرها من التفاصيل التي لا تجعله فيلمًا جيدًا. لكن، رغم هذا كلّه، فإن الفيلم قابلٌ للمُشاهدة، قياسًا بمنافسه الكوميدي في موسم العيد "الكويسين" (2018) لأحمد الجندي.
المساهمون