"الارتحال وراء الضوء": في تجربة مهنا الدرة

25 اغسطس 2020
(مهنا الدرة)
+ الخط -

يمثّل مهنا الدرة أحد أبرز الأسماء التي أسّست لحداثة المشهد التشكيلي في الأردن، وهو الذي تخرّج من "أكاديمية الفنون الجميلة" في روما عام 1955، حيث رسم في أعماله الأولى أبنية عمّان وجبالها والتي غلب عليها اللون الأزرق واشتقاقاته، وكذلك الأعمال التي تجسّد البادية الأردنية حيث المساحات الشاسعة للأرض تعانق زرقة السماء، والطقوس الشعبية من رقص ودبكة.

وساهم الفنان التشكيلي الأردني (1938) في إنشاء "دائرة الثقافة والفنون" عام 1972، والتي تحوّلت إلى وزارة للثقافة في العقد اللاحق، وكذلك تأسيس "معهد تدريب للفنون" لاحقاً، إلى جانب مشاركته في تأسيس "رابطة الفنانين التشكيليين الأردنيين" سنة 1977.

يراهن على البناء الجمالي للوحة التي تشكّل ذاتها المستقلة للمشاهدة

"الارتحال وراء الضوء" عنوان الكتاب الذي صدر حديثاً عن وزارة الثقافة الأردنية و"الآن ناشرون وموزعون" للفنان التشكيلي والباحث حسين نشوان، الذي يدرس مراحل اشتغال الدرة على اللوحة وتحولاتها بين الموضوع والمحتوى والشكل، وتأثّراتها بالأحداث والأساليب التلوينية والحداثية، ويتوقف عند أفكاره والمرجعيات التي أغنت تجربته من خلال الفلسفة والرحلات والعمل والتدريس.

يشير نشوان في المقدّمة إلى أنه "لم تتوقف التجربة عند حدود التلوينية والتجاورات في الكتلة وتباينات الفراغ، بل امتّدت إلى النص المفتوح الذي يتشرع على الأفق في تمثّلاته الكونية، التي ترى الكّل مكوناً للجزء، والجزء متضمناً في الكل، منطلقاً من فلسفة وحدة الوجود، معتبراً الفن معادلاً للحياة، بل يرى في فكرة الجمال نظيراً للخير والحرية. وفي موازاة التجربة الفنية، اتكأ على فلسفة نقدية تقوم على استقلالية الصورة البصرية عن السرد الأدبي مميزاً بين النقد الأدبي والنقد الفني، حيث تقوم قراءة اللوحة على أبجدية صورية/ حسية بصرية وليست سمعية".

الصورة
غلاف الكتاب

يضيف: "ولا يرى في العمل الفني حكاية أو قصة، أو بالأحرى لا يعوّل على السرد في اللوحة كأساس لقبول العمل، بل يراهن على البناء الفني والجمالي للوحة التي تشكّل ذاتها المستقلة للمشاهدة"، لافتاً إلى أن "الكتاب يشتمل على قراءات في تجربة الفنان الحياتية، كما يحتوي على دراسة المرجعيات التي أثرت التجربة، والمراحل التي تجلّت في النص البصري، وطرق معالجته وتقنياته للشكل والموضوع وفق لغة بصرية تعبّر عن أسلوبه".

ويرى المؤلّف أن تجربة الدرة بمثابة بحوث كانت تسعى إلى تشكيل خطاب يعكس رؤيته في الحياة والوجود والكون والفن؛ إذ يعتبر الرسم مختبراً للحياة والتجربة التي تمتحن الزمن، وتبيّن التجربة ملمحاً من فلسفة الفنان إزاء الوجود والإنسان.

ينقسم الكتاب إلى ثمانية فصول، هي: "التجربة وتحوّلاتها"، و"سيرة الفنان"، و"الريادة"، و"مرجعيات الفنان"، و"مراحل التجربة"، و"قلق الثنائيات"، و"اللون - المعنى"، و"الخطاب الفني ولغته"، ويضمّ أيضاً نماذج من أعمال الفنان في المراحل المختلفة.

المساهمون