"الإنتربول" تقبل عضوية فلسطين: صفعة جديدة لإسرائيل

27 سبتمبر 2017
اجتماع الجمعية العامة للمنظمة في بكين (لينتاو تشانغ/فرانس برس)
+ الخط -
أعلنت منظمة الشرطة الجنائية الدولية "الإنتربول"، اليوم الأربعاء، عن قبول عضوية فلسطين، بعد تصويت الجمعية العامة للمنظمة خلال اجتماع في بكين، موجّهة بذلك صفعة جديدة للاحتلال الإسرائيلي. وفي أوّل ردّة فعل إسرائيلية، طالب وزير شؤون البيئة وما يسمى بوزير القدس، زئيف ألكين، بإلغاء امتيازات التنقل والحركة لقادة السلطة الفلسطينية.

وصوّتت إلى جانب قبول عضوية فلسطين في "الإنتربول" 75 دولة من أصل 133 دولة تملك حق التصويت، في حين عارضت الاقتراح 24 دولة، وامتنعت 34 دولة أخرى عن التصويت.
وقالت المنظمة، في تغريدة على "تويتر": "أصبحت دولة فلسطين وجزر سولومون من الدول الأعضاء في الإنتربول".
وأضافت "مع انضمام دولتي فلسطين وجزر سولومون يرتفع عدد الدول الأعضاء في منظمة الإنتربول إلى 192 دولة".


وعلّق وزير الخارجية والمغتربين الفلسطيني، رياض المالكي، على القرار، قائلاً في تصريح، إنّ "التصويت الساحق لدعم عضوية فلسطين هو انعكاس للثقة في قدرات فلسطين على إنفاذ القانون والالتزام بالقيم الأساسية للمنظمة".

وأشار إلى أنّ "هذا الانتصار تحقّق بسبب الموقف المبدئي لأغلبية أعضاء الإنتربول الذين دافعوا اليوم عن السبب الوجودي لهذه المنظمة ومبادئها الأساسية، حيث رفضوا بشكل واضح محاولات التلاعب والتسلط السياسي".

وأضاف المالكي: "اليوم، تغلّبت الحقائق والمبادئ على جميع الاعتبارات الأخرى".

وشكر المالكي، بالنيابة عن الشعب الفلسطيني، جميع الأعضاء الذين ساندوا فلسطين في مسعاها لدخول المنظمة.

وتعهّد بأنّ دولة فلسطين "ستستمر في سعيها الدؤوب للرفع من مكانة ودور فلسطين على المستوى الدولي، والدفاع عن حقوق الشعب الفلسطيني في الأمن والحرية، بكل الوسائل الدبلوماسية والقانونية المتاحة، وبما يشمل الانضمام للمؤسسات الدولية ذات العلاقة".

وشدّد المالكي على وفاء دولة فلسطين بالتزاماتها، والمساهمة في مكافحة الجريمة، وتعزيز سيادة القانون على المستوى الدولي.

كما تعهّد بالعمل مع جميع الأعضاء للنهوض بمكانة ودور "الإنتربول"، مؤكداً أنّ فلسطين "ستكون شريكاً بنّاءً ومتعاوناً في هذا المسعى العالمي، الذي يؤثر على حياة جميع مواطنينا ومستقبلهم".

ووفق بيان لوزارة الخارجية الفلسطينية، فإنّ دولة فلسطين "تنظر إلى هذه العضوية والمسؤوليات التي تترتب عليها بوصفها جزءاً لا يتجزأ من مسؤوليتها تجاه الشعب الفلسطيني والتزاماً أخلاقياً تجاه مواطني العالم".

وأكد البيان أنّ "فلسطين مستعدة وقادرة على تحمّل هذه الالتزامات والمسؤوليات بوصفها شريكاً فاعلاً في المجتمع الدولي، تسهم بشكل فعال وملحوظ في النهوض بقيمنا الأساسية المشتركة كأمم".

مستشار عباس: انضمام فلسطين للإنتربول ليس مناورة سياسية 

وفي السياق، أكد المستشار القانوني للرئيس الفلسطيني محمود عباس، حسن العوري، اليوم الأربعاء، أن "انضمام دولة فلسطين إلى الإنتربول ليس مناورة سياسية، بل خطوة قانونية عملية، نجحت بصعوبة، وهدفها استرداد اللصوص الذين سرقوا قوت الشعب الفلسطيني".

وأوضح العوري في تصريحات خاصة لـ"العربي الجديد"، أن "سياسة القيادة الفلسطينية تقضي بالانضمام إلى أي منظمة دولية تنطبق شروطها مع قناعاتنا، لذلك هذا استحقاق سياسي يتماهى مع سعينا الدؤوب للحصول على استقلالنا الوطني، وخصوصا بعد حصولنا على صفة الدولة".

إلى ذلك، نفى أن يكون انضمام فلسطين إلى الإنتربول مناورة سياسية للضغط على الإدارة الأميركية وحكومة الاحتلال الإسرائيلي التي تتهرب من استحقاقات عملية السلام، وقال "حاولت أميركا بكل قواها حتى نسحب الطلب، أو نطلب تأجيل التصويت، ولكن كان هناك إصرار فلسطيني، لأنه كان الظرف مناسبا جدا للتصويت لصالحنا فاستثمرنا هذه الفرصة".

وعما إذا كان هناك ملف جاهز بأسماء فارين من العدالة الفلسطينية، أشار إلى أن "هناك ملفات كثيرة، وليس ملفا معينا بالذات، وأي قضية صدر فيها حكم قطعي تُطالَب النيابة فورا بأن تقوم بإجراءات طلب تسليمه، بغض النظر عن أي ملف معين أو قضية معينة".

وبالنسبة لمقدرة فلسطين على ملاحقة جنود الاحتلال القتلة، والمستوطنين من لصوص الأراضي، قال العوري "بالتأكيد، لكن هذا يعني أن يكون هؤلاء مطلوبين للعدالة الفلسطينية، ومن الممكن في المستقبل أن يتقدم المواطن الفلسطيني للنيابة الفلسطينية بشكوى جزائية ضد إسرائيلي محتل، ويحاكم غيابياً ويصبح مطلوبا للعدالة، والانضمام للإنتربول يؤهلنا لذلك".


صفعة لإسرائيل وطلب لإلغاء امتيازات قادة السلطة

وفيما لم يصدر تعليق فوري عن وزارة الخارجية الإسرائيلية، التي قالت في وقت سابق إنّ "جهود إسرائيل لإرجاء التصويت إلى العام المقبل فشلت"، فإن انضمام فلسطين لمنظمة "الإنتربول" يشكّل صفعة قوية للاحتلال.

وفي أول ردّ علني على قرار "الإنتربول"، طالب وزير شؤون البيئة وما يسمى بوزير القدس، زئيف ألكين، بإلغاء امتيازات التنقل والحركة لقادة السلطة الفلسطينية، باعتبار أن القرار المذكور هو جزء من المعركة الدبلوماسية التي تقودها السلطة الفلسطينية ضد دولة الاحتلال.

ونقلت صحيفة "هآرتس" عن ألكين قوله ردّاً على القرار، إنه "ليس بمقدور دولة إسرائيل أن تغض الطرف عن الحرب الدبلوماسية التي تديرها ضدّنا قيادة السلطة الفلسطينية، خلافا لكافة التعهدات التي قطعتها على نفسها. علينا العمل من أجل إلغاء كافة قرارات الكابينت السياسي والأمني للحكومة التي تم اتخاذها في العامين الأخيرين، وإلغاء كافة تصاريح الحركة والتنقل التي يتمتع بها قادة السلطة. لا يمكن أن يديروا حربا ضدنا ويحرضوا ضدنا في العالم وأن يتمتعوا في الوقت ذاته بتسهيلات".

وفيما قالت مصادر إسرائيلية إن من شأن انضمام فلسطين للمنظمة الدولية أن يتيح أمام ممثليها فرصة لرفع وتقديم شكاوى قضائية ضد مسؤولين إسرائيليين بتهم مختلفة، فإن المستشار القانوني السابق لوزارة الخارجية الإسرائيلية ألان بيكر، أبلغ موقع "معاريف" أن "الحديث يدور عن مناورة في العلاقات العامة، مثله مثل موضوع المحكمة الجنائية الدولية لجرائم الحرب، لأن الفلسطينيين لا يشكلون دولة في واقع الحال، وبالتالي فإن قبولهم للمنظمة هو خروج عن دستور الإنتربول".

وتابع بيكر أن "البند الثالث من دستور الإنتربول يلزم بالحياد التام، وبالتالي لن يكون بمقدور الفلسطينيين استغلال المنظمة لأغراضهم السياسية".

وكانت الحكومة الإسرائيلية قد أطلقت، منذ الأسبوع الماضي، حملة دبلوماسية معارضة لانضمام فلسطين للإنتربول، وأوعزت الخارجية الإسرائيلية إلى سفرائها في العالم بحثّ حكومات الدول التي يخدمون فيها على رفض اقتراح انضمام فلسطين للإنتربول.

وزعمت الخارجية الإسرائيلية وفق حملتها، أنّ انضمام فلسطين للمنظمة من شأنه كشف سجل وبنك المعلومات الدولية المتوفرة لمنظمة الإنتربول، ما قد يؤدي إلى تسريب معلومات خطيرة لجهات ومنظمات "إرهابية"، فضلاً عن أنّ العضوية في المنظمة تفتح أمام السلطة الفلسطينية آفاق تبادل المعلومات الاستخباراتية، بما في ذلك في مجال السايبر ومكافحة الإرهاب.

وقال موقع "يديعوت أحرونوت"، اليوم الأربعاء، إنّ "إسرائيل كانت تأمل بأن تتمكن من منع التصويت على الطلب الفلسطيني، بحجة أنّ فلسطين ليست دولة ولا تستوفي المقاييس التي وضعتها منظمة الشرطة الدولية".

وتابعت الصحيفة "لكن اللجنة الإدارية للمنظمة قررت، الأسبوع الماضي، اعتماد الطلب الفلسطيني وعرضه على الهيئة العامة للتصويت عليه، على الرغم من انضمام الولايات المتحدة أيضاً للضغوط الممارسة على السلطة الفلسطينية لسحب طلب الانضمام".

كما لفتت الصحيفة إلى أنّ دولة الاحتلال تخشى من أنّ قبول فلسطين لـ"الإنتربول"، سيمكّن الفلسطينيين من إصدار أوامر اعتقال ضد كبار المسؤولين الإسرائيليين، من سياسيين وعسكريين، بتهم ارتكاب جرائم حرب، من جهة، وانكشاف الفلسطينيين على المعلومات الاستخباراتية السرية المتعلقة بـ"منظمات إرهابية وتمويل الإرهاب"، وتسريب هذه المعلومات لحركتي "حماس" و"فتح"، من جهة ثانية.

وبحسب الصحيفة، فقد مارس الأميركيون ضغوطاً على السلطة الفلسطينية، كما عملوا جاهدين لمنع قبول الطلب الفلسطيني، "لإدراكهم جيداً أنّ خطوة أحادية الجانب كهذه، من شأنها أن تضع مصاعب أمام جهودهم لتحريك عملية سلمية".

وعدا عن ضغوطاتها بخصوص عضوية فلسطين في "الإنتربول"، كانت الولايات المتحدة قد نجحت، قبل أكثر من أسبوعين، عشية المؤتمر السنوي للجمعية العامة للأمم المتحدة، في نيويورك، بدفع السلطة الفلسطينية لسحب طلب انضمام فلسطين لمنظمة السياحة العالمية، بعد تهديدها بإغلاق مكاتب منظمة التحرير الفلسطينية في واشنطن.